من بين كل أنواع جراحات زراعة الأعضاء ( القلب و الرئة و الكلى ) فإن زراعة القرنية هي أكثر تلك الجراحات إنتشاراً و نجاحاً .
القرنية هي ذلك الجزء الدائري الشفاف الذي يقع في مقدمة العين و يغطي القزحية ( الجزء الدائري الملون في مقدمة العين ) كما يغطي إنسان العين ( الثقب الموجود في منتصف القزحية ) . يتركز الضوء أثناء مروره من القرنية حتى نستطيع الرؤية و يجب أن تكون القرنية في حالة طبيعية حتى تحتفظ بشفافيتها .
كيف يمكن أن تؤثر حالة القرنية على الرؤية ؟
في حالة إصابة القرنية يمكن أن تتورم أو تتعرج و يصبح سطحها غير أملس أو يفقد شفافيته . و في حالة تعرج القرنية أو تورمها أو تكون ندبات عليها فإن ذلك يؤدي لتشتيت الضوء الساقط عليها مسبباً عدم وضوح الرؤية . تظهر ضرورة زراعة القرنية في الحالات التالية : إذا لم يتمكن الطبيب من تصحيح النظر بصورة مرضية ، تورم القرنية المؤلم و فشل محاولات العلاج بالأدوية و العدسات اللاصقة الخاصة بذلك، فشل القرنية الناتج عن بعض جراحات العين مثل جراحة الكتاراكت القرنية المخروطية ( زيادة تحدب القرنية ) ، فشل القرنية الوراثي ، تعرج القرنية الناتج من العدوى ( مثل فيروس الهربس ) ، رفض الجسم للقرنية بعد جراحة سابقة لزراعتها ، تجعد القرنية بسبب إصابتها .
بعد قرار الطبيب و موافقة المريض على إجراء زرع القرنية و توفير قرنية سليمة من شخص سليم لا يعاني أي أمراض معدية مثل الإلتهاب الكبدي أو الإيدء يتم التأكد من صفاء و شفافية القرنية . و عادة ما يطلب الطبيب من المريض إجراء إختبارات وفحوصات معينة و في حالة ما إذا كان المريض يتناول أي أدوية فعليه سؤال الطبيب عنضرورة التوقف عنها .
يحضر المريض المستشفى صباح يوم الجراحة بدون تناول إفطاره و ذلك حسب وقت الجراحة الذي يحدده الطبيب . و عند وصول المريض إلى المستشفى لإجراء الجراحة فإنه يستعمل بعض أنواع القطرات أو بعض الأدوية التي تساعده على الإسترخاء . و تكون الجراحة غير مؤلمة بالمرة و تجري تحت تأثير مخدر موضعي أو كامل و ذلك حسب عمر المريض و حالته الطبية و نوع مرض العين .
عند زراعة القرنية يتم إزالة القرنية المريضة و يتم تثبيت القرنية الجديدة في العين . يقوم الطبيب بفتح الجفن بحرص و بالنظر خلال الميكروسكوب الجراحي يتم قياس العين لتحديد حجم القرنية المطلوبة . يتم إزالة القرنية المريضة أو التالفة من العين و في حالة وجود كتاراكت يقوم الطبيب بإزالتها أيضاً . بعد ذلك يتم تثبيت القرنية الجديدة في العين بعد إنتهاء الجراحة يقوم الطبيب بوضع غطاء فوق العين .
في حالة عدم دخول المريض للمستشفى من البداية يممكن للمريض الذهاب لمنزله في نفس يوم الجراحة بعد قضاء فترة بسيطة في غرفة الإفاقة . و يجب أن يحضر المريض شخصاً آخر معه ليصحبه للمنزل . يتم تحديد موعد في اليوم التالي للجراحة مع الطبيب لفحص حالة المريض .
يجب على المريض إتباع الآتي : -
إستعمال قطرات العين حسب وصف الطبيب
عدم فرك العين أو الضغط عليها
إستعمال مسكن للألم عند الحاجة
يمكن ممارسة النشاط الطبيعي ما عدا الحركات العنيفة
سؤال الطبيب عن الوقت الذي يسمح فيه للمريض بالقيادة
إرتداء نظارة أو غطاء للعين حسب وصف الطبيب
يقرر الطبيب ميعاد إزالة الغرز الجراحية حسب حالة العين و سرعة التئام الجرح . و عادة ما يستغرق ذلك عدة شهور على الأقل .
ما هي المضاعفات التي يمكن أن تحدث ؟
رفض الجسم للقرنية و نسبة حدوث ذلك تتراوح بين 5 ـ 30 % و يظهر ذلك في صورة عتامة القرنية و تدهور الرؤية . و يمكن بالعلاج الصحيح وقف رفض الجسم للقرنية في معظم الحالات .
و العلامات التحذيرية لرفض الجسم للقرنية هي :-
إحساس بالضيق و عدم الراحة في العين
و يجب إبلاغ طبيب العيون عن هذه الأعراض بدقة . كما قد تحدث بعض المضاعفات الأخرى مثل :-
و كل هذه المضاعفات يمكن علاجها كما يمكن إعادة زرع قرنية جديدة بنجاح . و لكن نسبة رفض الجسم للقرنية المزروعة للمرة الثانية تكون أعلى من المرة الأولى . قد يحدث تعرض القرنية المزروعة ( الإستجماتيزم ) مما قد يؤخر من عودة البصر و لكن يمن علاج ذلك . و يمكن أن يظل البصر في حالة تحسن لمدة عام بعد الجراحة . لكن حتى عند نجاح الجراحة فإ، بعض الحالات المرضية الموجودة قبل إجراء العملية ( مثل شيخوخة الشبكية أو الجلوكوما أو مرض الشبكية المصاحب للسكر ) قد تحد من الدرة على الإبصار بعد زراعة القرنية . و رغم كل ذلك فإن زراعة القرنية تظل إجراء مهما بالنسبة للمريض . إذ لا توجد جراحة أخرى غير زراعة القرنية من شأنها أ تكون مفيدة في حالة التعرج العميق او تورم القرنية . الغالبية العظمى من المرضى الذين أجريت لهم زراعة القرنية كانوا سعداء لتحسن قدرتهم على الرؤية بشكل واضح