السؤال أثابكم الله في علمكم ونفع بكم الأمة، والسؤال هو: هممت بأداء عمرة وعندما تجهزت للإحرام من الميقات جاءتني الدورة الشهرية فلم أقم بشيء ـ لا وضوء ولا اغتسال ـ ولما أراد والدي الطواف امتنعت وتعللت بالتعب خجلاً منه، ولكنه أصر فطفت وأنا لابسة النقاب ظناً مني بأن هذا يفسد طوافي ولدي العلم بتحريم الطواف بالنقاب، وسعيت 14 شوطا جهلاً وتحللت من عمرتي، فماذا علي في هذه الحال؟. وجزاكم الله خيراً. الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالإحرام هو نية الدخول في النسك، فإذا لم تكوني قد نويت الدخول في نسك العمرة، فإنك لم تعتمري، لأنك لم تحرمي أصلا، وكل الأعمال التي عملتها من طواف وسعي وتقصير لغو لا يترتب عليها شيء، قال صاحب الروض: فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه ـ حجا كان أو عمرة ـ كالصلاة لا تنعقد إلا بالنية. اهـ. وأما إن كنت نويت الدخول في نسك العمرة، فإنك تعتبرين محرمة ـ ولو لم تغتسلي ـ والاغتسال عند الإحرام سنة وليس شرطا في صحة الإحرام، ولكن لا يصح طوافك في قول جمهور أهل العلم، لأن من شرط صحة الطواف الطهارة من الحدث، فلا يصح طواف المحدث ـ حدثا أصغر، أو أكبر ـ وذهب الحنفية إلى أن الطهارة واجبة لا شرط، فإذا طافت المرأة وهي حائض صح طوافها، ولكن عليها دم لترك واجب الطهارة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 7072. وقد كان الواجب عليك أن تمتنعي من الطواف ودخول المسجد الحرام حتى تطهري، كما تقدم في الفتوى رقم: 2245. وأيضا إذا طفت مسايرة للوالد ولم تنوي الطواف، فإن طوافك لا يصح لعدم وجود النية، فوجود نية الطواف شرط لصحته عند الحنابلة، والأصح عند الشافعية أن الطواف يصح بلا نية بشرط أن لا يصرفه الطائف إلى غيره، وعند الحنفية يشترط أصل نية الطواف لا تعيينه، فإذا طفت ناوية الطواف وقع عن العمرة ولو لم تنوي طواف العمرة، وتكونين بهذه النية قد صح طوافك عند الحنفية حتى ولو طفت حائضا وانتهت عمرتك، وعليك ذبح بدنة للإخلال بالطهارة. وأما إذا طفت غير ناوية للطواف وإنما مسايرة للوالد ـ كما هو الظاهر ـ لم يقع عن العمرة ولم يصح طوافك ـ لا عند الحنفية ولا عند غيرهم ـ ثم إنك قد لبست النقاب، وهو من محظورات الإحرام، ومن المعلوم أنه يحرم على المرأة المحرمة أن تلبس النقاب حال إحرامها وليس في الطواف فقط، وإن لبسته لزمتها فدية، كما بيناه في الفتوى رقم: 9774، ولكن لبسه لا يبطل الطواف كما ظنت السائلة. ولا يجوز ارتكاب المحرم بحجة الحياء فالله أحق أن يستحيى منه، والمفتى به في موقعنا هو قول الجمهور من عدم صحة طواف الحائض، وعليه فأنت ما تزالين محرمة إن كنت نويت الإحرام عند الميقات، ولا عبرة بتحللك، لأنك لم تتمي النسك، ويجب عليك أن تمتنعي عن محظورات الإحرام حتى ترجعي إلى مكة وتطوفي وتعيدي السعي ـ أيضا ـ لأن من شروط صحة السعي أن يقع بعد طواف صحيح، وطوافك الأول غير صحيح، فإن عجزت عن العودة لمكة تحللت تحلل المحصر فتذبحين هديا في محل إقامتك وتقصرين من شعرك قدر أنملة وتتحللين، مع ملاحظة أنه قد لزمتك فدية بسبب لبسك للنقاب وأنت محرمة، وانظري التفصيل فيمن طافت وهي حائض وما يلزمها إن لم ترجع إلى مكة وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 112098، 114815، 76477، 74895. والله أعلم.