أحد الضحايا الذين وقعوا نتيجة المحرقة الإسرائيلية في قطاع غزة هي طفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها شهرا واحدا، طفلة ذبحت غدرا على يد أراذل الخلق بلا ذنب ارتكبته سوى أنّها من والدين مؤمنين ويرجى أن تكون مثلهما، ولهذا قتلت أمام مرأى العالم كله {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9)} [سورة التكوير: 8-9]. ما ذنب هذا الشعب الذي يحرق بآلة العدو الصهيوني وبتمويل أمريكي؟.. لا ذنب له إلاّ أنّه آمن بالله ربّا وبالإسلام دينا ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم رسولا، فما نراه اليوم من قتل الأطفال والشيوخ، وسفك دماء العزل بآلة لا تعرف الرحمة أبدا، يذكرنا بأصحاب الأخدود الذين ما نقم أعداؤهم {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سورة البروج: 8]. ها هو العالم كله قاعد ليشهد ويتفرج على هذه المحرقة، {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} [سورة البروج: 7] وكأن الطفل وهو ميت ودمه يسيل يقول لشعب فلسطين الأبي ولأهل غزة على الخصوص "يا أهل غزة اثبتوا فإنّكم على الحق". وكأنّ هذا الطفل وهو مضرج بدمائه يقول عبر الفضائيات.. "أيّها الجيوش الإسلامية.. ماذا تنتظرون؟!.. ألست نسانا قتلت بلا ذنب؟! أليس عندكم عمل عدا الاستعراض ورفع الأعلام؟! ألا يحرككم منظري وقد اخترقت الرصاصات جسدي البريء؟!". وكأنّ هذه الجثث لأطفال لم يعرفوا من الحياة الاّ الخوف والجوع، كأنّها تقول لحكام المسلمين.. "سننتظركم يوم القيامة عند الله عز وجل.. وسنحاسبكم على تقصيركم معنا، ولن نعفو عن أحد منكم وضع يده مع عدونا الذي سلبنا هذه الحياة، يوم يكون الملك لله وحده، ولا يخفى على الله خافية". الفضيحة التي نشرتها إحدى المجلات الأمريكية عن إدارة الرئيس الامريكي "بوش" وذلك بإعداد خطة متكاملة للإطاحة بالحكومة الفلسطينية التي تم انتخابها من قبل الشعب الفلسطيني لأنّها لم ترض بالانصياع للعدو الصهيوني، ولم تتخل عن حقها في المقاومة المشروعة ضد هذا العدو، فضيحة خطيرة! سواء كانت هذه الفضيحة تستند إلى وثائق أو لا فإنّنا لا نشك أنّ أمريكا كانت وراء الإطاحة بالحكومة المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني، فالديمقراطية مطلوبة بشرط ألاّ يصل من خلالها أي فرد لا ينصاع تحت الإرادة الصهيونية التي تدار في البيت الأبيض. الديمقراطية في كل مكان ما هي إلاّ لعبة يلعبها أصحابها إلى درجة معينة، فإذا رأوا خروج هذه اللعبة عن إطارها الموضوع لها فإن أهل الديمقراطية هم أول الكافرين بها!! فإمّا أن توصل الديمقراطية في الشرق الأوسط أناسا ولاؤهم لليهود وأذنابهم أو أشخاصا لا يفكرون بأي مقاومة لهذا العدو، أو لا تتجاوز عداوتهم له بإطلاق عبارات شجب واستنكار، وإلاّ فلن تسمح أمريكا لأي ديمقراطية تأتي بنتائج تهدد وجود الكيان، والتاريخ والواقع يشهدان على ذلك! سؤال كررته كثيرًا وأعيد لأطلقه على مسامع علماء المسلمين ومفكريهم وأهل الحل والعقد منهم وهو: ماذا سيفعل المسلمون إذا أقدم الصهاينة على هدم المسجد الأقصى وبدأوا ببناء هيكلهم المزعوم؟! هل بيد حكام المسلمين شيئًا غير الاستنكار والشجب؟! هل سيفعلون شيئًا أكثر من لجوئهم إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليتوسلوا إليه ليصدر بيانًا (سامجًا) يعاتب فيه الصهاينة على فعلتهم!! وماذا ستفعل الشعوب العربية والإسلامية أكثر من قيامهم بالتظاهر وإشفاء غليلهم بحرق العلمين الإسرائيلي والأمريكي، ثم البكاء والعودة لمتابعة آخر أخبار بناء الهيكل اليهودي مكان المسجد الأقصى الذي ذهبت آخر آثاره!! وماذا سيفعل علماء المسلمين حينها أكثر من الكلام وإصدار الفتاوى المهدئة وربّما الإختلاف بينهم لينفض النّاس من حولهم!! حتى لا يأتي هذا اليوم، وحتى لا تحصل هذه الكارثة لماذا لا نفكر جديًا في هذا الأمر؟ أليس قتل المسلمين وسفك دمائهم يوميًا على يد الآلة العسكرية الصهيونية وأمام مرأى العالم أعظم من هدم المسجد الأقصى؟!