أعدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية اليوم الأربعاء تقريرا تتوقع فيه أن تندلع عشر حروب أو صراعات في مناطق متفرقة في جميع انحاء العالم خلال العام المقبل 2012. وأوردت المجلة في تقريرها -الذي أعدته بالتعاون مع مجموعة الأزمات الدولية- وأوردته على موقعها الالكتروني أن سوريا هي أولى تلك المناطق التي قد تندلع فيها الحرب، حيث يتوقع الكثيرون سقوط نظام الاسد وتحسن الاوضاع بعد ذلك هناك. غير أن المجلة أشارت إلى أن تلك التوقعات مغلوطة وذلك يرجع لأن هناك عملية استقطاب طائفي خاصة داخل الطائفة العلوية والذين يعملون بمبدأ "اقتل وإلا ستقتل"، بينما على الجانب الاخر توجد رهانات إستراتيجية والتي زادت من حدة التنافس بين اللاعبين الدوليين على الساحة السورية والذين يرون الأزمة السورية على إنها فرصة تاريخية لإحداث تغيير في ميزان القوة في المنطقة، وأن هذا التنافس يمثل خطر حقيقي على إمكانية نجاح الانتقال في سوريا. وتوقعت المجلة أيضا أن تندلع الحرب بين إيران وإسرائيل وذلك على الرغم من نجاح إيران وإسرائيل في العبور بسلام من الأزمة السورية إلا أن القضية النووية الإيرانية قد تطيح بهذ السلام خصوصا بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي سلط الضوء على عدم التعاون الإيراني مع الوكالة بالإضافة للإنتخابات الأمريكية القادمة والتي ستقحم الدعم لإسرائيل على الأجندة الأمريكية أكثر من أي وقت سابق مما سيوجد بيئة مناسبة لإسرائيل لإتخاذ إجراء يمكن أن يتسبب في عواقب كارثية غير متوقعة. وعلى الصعيد ذاته استمرت أفغانستان في تواجدها على مسرح الأحداث وذلك بسبب الفشل في إيجاد إستقرار بهذا البلد الذي تعصف به الحروب وذلك على الرغم من مرور عقد كامل من الإستعدادات الأمنية والتنموية والانسانية لأفغانستان، كما أن قيادة حركة طالبان في مدينة كويتا تري أن مسألة النصر والحصول على السلطة بدت قريبة المنال وأن عليهم أن ينتظروا حتى يحين وقتهم بإتمام إنسحاب القوات الامريكية المخطط له في عام 2014 ، مما قد يتسبب في إندلاع حرب أخرى هناك. وتناولت المجلة الوضع في باكستان وذلك بسبب تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان بسبب الأحداث الأخيرة وأن الإنتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية في هذا البلد لم يتبلور بعد بشكل صحيح بسبب تحكم الجيش المستمر في السياسات الخارجية والأمنية ذات الأهمية وأن المتشددين الإسلاميين يتسببون في زعزعة الإستقرار في البلاد مما قد يجعل باكستان تسقط في صراع داخلي يصعب عليها تفاديه. وأشارت المجلة إلى أن اليمن تقف في منتصف الطريق بين منزلق العنف والأمل الضعيف في طريقها نحو الانتقال السلمي للسلطة خصوصا مع وجود مجموعات مسلحة تتنازع على السلطة منها عائلة الرئيس اليمني على عبدالله صالح الجنرال المنشق والاخ غير الشقيق لصالح علي محسن الاحمر، بالاضافة للتحدي الأكبر حيث أن نشطاء جنوب اليمن قد يطالبون باستقلال فوري عن البلاد من جانب، بينما يمكن أن يطالب الحوثيون في شمال اليمن بحقوق أكبر لمجتمعهم والحصول على الحكم الذاتي. ودخلت منطقة آسيا الوسطى وفقا لتقرير المجلة في دائرة المناطق التي قد تندلع بها الحروب وذلك بسبب انهيار البنية التحتية تماما لدول هذه المنطقة بالإضافة لتآكل النظام السياسي بسبب الفساد والتحديات الأخري التي تواجه دول مثل طاجيكستان التى تواجه خطر حركات التمرد داخليا وخارجيا، كما أن قرغيزستان ليس بعيدة عن هذا احيث أن المذابح العرقية في الجنوب التي وقعت في عام 2010 يمكن أن تندلع مرة أخرى بما يعرض البلاد لكارثة من جولة أخرى من العنف الطائفي. وتناولت المجلة الأوضاع في بوروندي حيث أن هشاشة التطمينات التي تصدرها الحكومة هناك بعد إندلاع الحرب الاهلية في عام 2000 وتدهور المناخ السياسي هناك الذي جاء بعد مقاطعة انتخابات عام 2010 والتي أسفرت عن اندلاع اعمال العنف و حالة عدم الأمان مما ينذر بإندلاع حرب أهلية هناك خلال عام 2012 وفقا لتوقعات المجلة. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه بإعادة انتخاب الرئيس جوزيف كابيلا في جمهورية الكونغو الديموقراطية كرئيس للبلاد مرة أخرى وهو الأمر الذي لم يرضي معارضيه بعد أن شابت هذه الانتخابات شبهة التزوير، كما أن كابيلا استطاع خلال حكمه الذي استمر لخمس سنوات استطاع خلالها أن يجذب إلى جانبه العديد من المؤسسات القومية تاركا معارضيه بوسائل قليلة يتمكنوا من خلالها التعبير سلميا عن معارضتهم له. وألمحت المجلة في سياق تقريرها إلى إحتمالية نشوب حرب بين كينيا والصومال وذلك بسبب الحملات العسكرية الأخيرة في الصومال ضد حركة شباب المجاهدين وأن طول بقاء القوات الكينية -ضمن بعثة الإتحاد الأفريقي - في الجنوب الصومال أصبح غير مرحب به من اشعب الصومالي، وذلك وسط وجود إثني صومالي ملحوظ بالإضافة إلى النسبة السكانية الكبيرة للمسلمين في كينيا والذين ينتقدون بشدة الحملات العسكرية الكينية في الصومال مما يثير مخاوف حول وجود إحتمال حدوث هجمات عرقية ضد الإثنيات الصومالية في كينيا خصوصا قبل الانتخابات العامة هذا العام، حيث نشبت أحداث عنف عرقية في أعقاب إنتخارات عام 2007. وألمحت المجلة في تقريرها إلى فنزويلا حيث يوجد بها أعلى معدل للقتل في هذا النصف من الكرة الارضية، وهو المعدل الذي يعد ضعف معدل كولومبيا وثلاثة أضعاف المكسيك وأن معظم ضحاياه من الشباب الفقراء الذين يقتلون لأسباب لا قيمة لها مثل هاتف محمول أو ماشابه وتوقعت المجلة تزايد معدلات هذا العنف قبل الانتخابات الرئاسية القادمة بعد تسليح الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز لقطاعات من الميليشات المدنية "للدفاع عن الثورة" حسب تعبيره وهو الأمر الذي دفع بالجلة لإدراجها على قائمة الدول التي يمكن أن تندلع بها الحروب. واختتمت المجلة تقريرها بالحديث عن دولتين تتغلب فيهما إحتمالات الإستقرار فيهما على إحتمالات نشوب الحرب وهذان البلدان هما تونس وميانمار، حيث توقعت المجلة إحتمالية ضئيلة لنشوب صراع في تونس من جانب السلفيين الذين قد همشوا بعد فوز حزب النهضة المعتدل بالإنتخابات هناك أو من قبل مدن الطبقات العاملة التي تعاني من التدهور الاقتصادي بعد سقوط الرئيس التونسي بن علي. وأشارت المجلة إلى أن الدولة الأخرى هي ميانمار حيث أشادت بالخطوات التى اتخذت نحو الديمقراطية مؤخرا مثل تنحى الجيش بعيدا عن الخط القيادة السياسة والافراج عن رمز المعارضة أونغ سان سو كوي، غير أن المجلة إعتبرت أن هذه الخطوات غير كافية بعد حيث توجد هناك مطالبات بخروج العديد من معتقلي الرأي الأخرين بالإضافة إلى تمرير قانون جديد للإعلام سيقلل من قبضة الرقابة وتوقيع إتفاقيات وقف النار مع الجماعات الإثنية المسلحة وذلك للتأكيد على عدم إساءة إستخدام الجيش لسلطاته مستقبلا في النزاعات على الحدود.