قامت الدنيا ولم تقعد بعد أن بدأت بوادر تصدر الإسلاميين (إخوان وسلف) للمشهد السياسي في مصر بدعوى الخشية على ليبرالية وتحرر الدولة وتحرر المرأة و ...، في وقت لم يحرك العالم ساكنا لما تواجهه إسرائيل من تشدد ديني يهودي كبير في مختلف نواحي الحياة .
فقد بدأت تطفو على الساحة الإسرائيلية منذ فترة قصيرة دعاوى عديدة لمتشددين يهود تدعو للفصل بين الرجال والنساء في إسرائيل ، وهو ما مثل واحدة من تجليات حالة عامة من التشدد بل والتطرف التي تعم الساحة الإسرائيلية، سواء كان تطرفاً سياسياً أو دينياً أو إيديولوجياً. غير أن الموقف الأمريكي مما يجري في إسرائيل مغاير تماما لما يحدث في الدول العربية والإسلامية ومثير للانتباه، ويدعو للتأمل، فبينما يقيم الكونجرس الأمريكي الدنيا ولا يقعدها بخصوص وصول الإسلاميين للسلطة في العالم العربي، حتى إنه هدد رسمياً بقطع المعونات عن مصر إذا ما وصل "المتطرفون" الإسلاميون للحكم فيها، إلا أن الكونجرس نفسه لم ينطق بكلمة واحدة إزاء ما يجرى في إسرائيل، على الرغم من أن المتطرفين، بما في ذلك الأحزاب الدينية المتطرفة، وصلوا للسلطة، وممثلون في الكنيست، بل ويشاركون بشكل فعال في الحكم في إسرائيل! لكن إزاء هذا الوضع الإسرائيلي، فإنك لا تجد في الدوائر السياسية الأمريكية إلا دعماً غير مشروط لإسرائيل، وتعهدات بالوقوف في صفها بشكل مطلق، بغض النظر عن طبيعة الحكم فيها أو مدى تطرفه. وفي الوقت الذي تشتعل فيه الساحة الإعلامية المصرية بدعاوى تحرير المرأة وإعطائها حقوقها ، تجد في المقابل أن المرأة الإسرائيلية تتعرض لإهانات متكررة على أيدي المتشددين اليهود ، لكن دون أية حراك للمجتمع الدولي، وكأننا أمام رغبة جامحة في تحرير المرأة ، ليس تحريرها لنيل حقوقها فقط، ولكن ربما تحريرها من ملابسها ومن عقيدتها ودينها!. فما يجرى الآن من تنافس على حب إسرائيل في حملة انتخابات الرئاسة في أمريكا هو أحد تجليات حالة الكيل بمكيالين في السياسة الدولية. والولايات المتحدة التي زعمت أن تحرير المرأة من براثن التطرف الديني كان أحد أسباب غزو أفغانستان، والخوف من الإسلاميين ، تجدها في المقابل لم تحرك ساكناً، ولا يصل دعمها غير المشروط لإسرائيل إلى الوقوف في صف المرأة الإسرائيلية ضد التطرف الديني هي الأخرى. بل أكثر من ذلك، فأنت نادراً ما تجد مقالاً في الصحف الأمريكية يشير لوقائع التطرف الديني في إسرائيل على غرار المقالات التي لا تعد ولا تحصى والتي تتولى التشهير بالعرب والمسلمين كلما حدثت واقعة في بلادنا ، رغم أن مجتمعات الدنيا كلها، بما فيها المجتمع الأمريكي نفسه، تنطوي على تنوع كبير. وفى مجتمعاتنا العربية مثلها مثل كل المجتمعات يوجد المعتدلون والمتطرفون والمتشددون ومن يستخدمون العنف، إلا أنك تنظر إلى الخطاب الأمريكي فتجده يستثنى من كل ذلك إسرائيل، فهي الحمل الوديع وواحة الديمقراطية في محيط من التخلف!.
♥·٠•● Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ اضف تعليق Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ ●•♥·٠