نعيش في هذه الدنيا متقلبين بين الرخاء والشدة، بين الفرح والحزن، نسعد بالفرح، ونهنأ بالرخاء حينما يعم علينا، وحينما يعترضنا ما يعكر صفو حياتنا نجد أن البعض تضيق عليه الدنيا بما رحبت، و تتوتر حياته، و يلزمه الصمت، وإن تحدث يبدأ بجلد الذات من لوم وعتاب لنفسه أو لمن حوله فيزيد الهم هماً، والمشكلة تكون أكبر أو يبدأ يتفوه بعبارات لا تليق بنا نحن المسلمين أن نتفوه بها: "حياتي كلها مشكلات. لم أذق طعم الراحة بهذه الحياة . أخرج من مشكلة إلى مصيبة " وغيرها من هذه العبارات. يشعر أنه الوحيد من حلت به مشكلة أو نزلت عليه مصيبة، حينها يعم الأسرة التوتر والقلق والنفور. وينسى الإيمان بقضاء الله وقدره. أخي الكريم .. أختي الكريمة: نعم، المشكلات والهموم تعترض حياتنا وتكدر علينا صفوها، ولكن علينا أن نعلم أن المشكلة ليست بالمشكلة نفسها، وإنما المشكلة تكمن في كيفية مواجهتنا لها، وكيفية تعاملنا معها عند حلولها نحتاج لمهارات كي نتمكن من حلها ونتعامل معها، وأول تلك المهارات الهدوء نعم الهدوء. الهدوء مطلب أثناء المشكلة أكثر من أي وقت آخر، لتستطيع رؤيتها بوضوح فتحدد أسبابها وتسعى في حلها. فالعاقل من أدرك أن كل مشكلة تمر عليه في حياته لها جوانب إيجابية، ومكاسب عظيمة البعض هنا يتساءل أين المكاسب الكبيرة والعظيمة التي تأتي من جراء مشكلة أو مصيبة؟ التقرب لله عز وجل واللجوء إليه سبحانه أكبر الإيجابيات وأعظمها، فلا تدري لعل الله أراد أن يسمع صوتك وأنت تدعوه وتتضرع إليه. و لو وقفنا هنا قليلاً و تأملنا هذا الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم. سبحان الله إن كان وقت الرخاء والفرح نحمد الله ونشكره ونثني عليه ونسأله من فضله و رضاه، فلنا من رب العزة والجلال الأجر العظيم. وإن أصابتنا الضراء صبرنا واحتسبنا وتقربنا إليه وسألناه الفرج، فكان لنا الأجر العظيم عنده سبحانه وتعالى، وهذه من أعظم المكاسب عندما تحل بنا المشكلات أو المصائب وتضيق علينا الدنيا. انظر إلى الحياة بتفاؤل، وظن بالله خيرا فلقد جاء في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي. وأنا معه حين يذكرني. إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي . وإن ذكرني في ملإ ، ذكرته في ملإ هم خير منهم . وإن تقرب مني شبرا، تقربت إليه ذراعا. وإن تقرب إلي ذراعا ، تقربت منه باعا. وإن أتاني يمشي ، أتيته هرولة"متفق عليه، علينا أن لا نيأس و لا نستسلم لأحزانها وشدتها ونعيش في معزل عن الناس، ننظر وراءنا و نبكي على ما فات. بل علينا مواجهتها بكل قوة وصبر. ننظر إلى الأمام إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، فإنه لا توجد مشكلة في هذه الحياة إلا ولها حل. وأعظم مثال لنا سيد البشر الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم فلنا فيهم أسوة حسنة. أخي الكريم.. أختي الكريمة.. المشاكل لا تدوم، وإنما هي عقبات تعترضنا في الحياة. فالحياة مليئة بالمشكلات، والسعيد من أجاد التعامل معها، و أضافها إلى رصيد خبراته في الحياة وجعلها بداية انطلاقة لتطوير نفسه ومن حوله لا بداية النهاية. واعلم أخي الكريم. أختي الكريمة. أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، و ما أخطأك لم يكن ليصيبك. فهكذا هي الحياة لم تصفُ للرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم ولا للصحابة رضوان الله عليهم فكيف بنا نحن البشر؟!