استكثر من العمل الصالح
إنّ الحياةَ الدنيا دار عملٍ للصالحات ودارُ ابتلاء بالسيّئات، مَن أحسن فيها العمل؛ جزاه الله بخيرِ الثواب، ومن أساء العملَ؛ جزاه الله بأليم العذاب، ويتفضّل الله على المحسنين، ويحلم على الجاهلين، ويتقبّل توبةَ التائبين. وجعل الله العملَ الصالحَ وسيلةَ قربى لربّ العالمين، قال الله–تعالى-: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]، ومن أساءَ العملَ في الدّنيا، وقدِم على ربّه مضيِّعًا للفرائض مقترفًا المحرّمات كافرًا بربّه؛ لا يقبَل الله منه فديةً، ولا يقبَل الله مالًا ولا شفاعة شافِع، قال الله –تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}[آل عمران: 91]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[المائدة: 36، 37]، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ}[البقرة: 48]، والآيات في هذا كثيرة، ومِن النّاس من يخلِط عملًا صالحًا وآخرَ سيّئًا؛ فتناله الشّفاعة -بإذن الله- إذا سلِم من الشّرك .
[1]، ومعنى قوله تعالى: (كنت سمعَه الذي يسمَع به وبصرَه الذي يبصِر به، ويدَه التي يبطِش بها، ورجلَه التي يمشِي بها) معنى ذلك أنّ الله -تبارك وتعالى- يحفَظ على هذا العبد جوارحَه بطاعةِ ربّه والبُعدِ عن معصيتِه، فيستعمِله فيما يرضِيه .
[3]
فاستكثر مِن العمل الصّالح في هذه الدّار، فليس بعدَ هذه الدّار إلا الجنّة أو النّار .
للشيخ: علي بن عبد الرحمن الحذيفي -حفظه الله-
[1] رواه البخاريّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
[2] رواه مسلم من حديث أبي ذرّ- رضي الله عنه-.
[3] رواه مسلم والترمذي.