يقترب النظام السوري يومًا بعد يوم من نهايته، بعد أن تجاوزت الانشقاقات الجيش الموالي لنظام الأسد إلى وفد الجامعة العربية، الذي دبرت دمشق أن يكون الغطاء الأمثل للإجهاز على الثورة والثوار.. ظن النظام السوري أنه سيسهل خداع العالم إذا رأى عددًا من المراقبين يتجولون في شوارع فارغة بعد تغيير اسمها، ثم يتم الضغط عليهم وترهيبهم لكتابة تقرير يبيض وجه النظام حالك السواد، ولكن أراد الله أن يكشف سترهم، وإذ الانشقاقات تتوالى داخل بعثة المراقبة، ويخرج أحد المراقبين ليكشف حجم الزيف والتضليل الذي يمارسه النظام السوري, وما كشفه المراقب الجزائري هو نفسه ما يبث في فيديوهات على الإنترنت عبر مواقع مختلفة وهو ما تقوله المعارضة وأجهزة الإعلام التي تمكنت من التسلل إلى داخل البلاد.. لقد أكد المراقب أن: "عددا من مراقبي جامعة الدول العربية انسحبوا من سوريا أو ربما كانوا بصدد ذلك قريبًا بسبب إخفاق المهمة في وقف القمع العنيف للانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد" كما كشف عن تعرضهم للتهديدات ورؤيتهم لآليات الجيش في كل مكان.. ما يحدث في سوريا الآن مسرحية هزلية، ففي كل الأحوال لن يغير تقريرها من الأوضاع على الأرض، ولن يقنع النظام السوري الذي يمتلك حججًا جاهزة لإدانة أي تقرير مخالف لرؤيته، وهو ما صرح به الأسد في خطابه الأخير عندما شن هجومًا عنيفًا على الجامعة، واتهمها بأنها مطية للتآمر على بلاده. يعني هو في كل الأحوال ضحية ولن يرتدع عن غيه..! فإما أن يوقع المراقبون على براءة نظامه من الجرائم التي يرتكبها، أو يصبحون عملاء للقوى الخارجية التي تريد تدمير سوريا (عميدة الصمود والتحدي في المنطقة) وهو خطاب قديم عفا عليه الزمن، ولا يصلح مع شعوب ترى وتسمع مئات المحطات، فمنذ متى كان بشار أو أبوه في طليعة مقاومة الاستعمار؟! وماذا فعلوا من أجل تحرير أرضهم المغتصبة منذ عشرات السنين سوى إطلاق الشعارات والتهديدات الكلامية؟ لم نشاهد لهما حروبًا سوى على شعوبهم، الأب قتل الآلاف في (حماة) والابن يسير على نهجه حتى اقترب من التفوق عليه فقتلاه في عموم البلاد.. في الوقت الذي ينفرط عقد المراقبين العرب تنتشر الأنباء عن مزيد من الانشقاقات في الجيش، وهو الركيزة التي يعتمد عليها بشار لكي يواصل عتوه، وحسبما يرى المراقبون فإن الأوضاع تتجه لانشقاق معظم ألوية الجيش السنية وهي الغالبية، ولن يبقى معه إلا مجموعة صغيرة من النصيريين الذين يقاتلون لأسباب طائفية، وهؤلاء لن يصمدوا معه طويلا حتى لو انحاز بهم إلى الجبال.. بشار الذي نزل إلى الميدان مع عدد من أتباعه ليؤكد صموده أرسل عدة رسائل بالغة الخطورة إلى الداخل والخارج، من أهمها أنه لم يعد يثق في تماسك نظامه وأصبح يخشى أكثر من أي وقت مضى من انفراط عقد المنظومة التي اعتمد عليها لتثبيت نظام حكمه, وليتذكر الجميع صدام حسين قبل دخول الاحتلال لبغداد، والقذافي قبل سقوطه وهروبه من طرابلس.. الأسد مثله مثل جميع الطغاة لا يعتبر مما يحدث حوله، ولن يتراجع إلا إذا اضطر لذلك اضطرارًا.. الموقف الغربي الانتفاعي مفهوم في ظل عدم وجود نفط يوقف عجلة الإنتاج الغربية، وبالتالي سيقف متفرجًا مكتفيًا بالشجب والإدانة، أما الشعب السوري الأبي فله الله ثم دعوات الصادقين وعزم أبنائه المخلصين الذين يسطرون صفحات ناصعة في التاريخ. خالد مصطفى