يقال بأن أحد الفرسان سئل عن سرً قوته وخشية الأعداء منه وهروبهم من مواجهته فأجاب بأنه يختار أولا الضعفاء والجبناء من الأعداء فيبطش بهم بوحشية أمام الأقوياء فيخشاه بذلك الأقوياء ويتجنبون مقارعته. وبهذه الطريقة ذاع صيته بين الناس! وهذا المنهج ذاته يسلكه حكام طهران بإستعراض عضلاتهم أمام الضعفاء، والضعفاء فقط في المنطقة. فكلما ضامهم ضيم بسبب غطرستهم الفارغة وسياستهم الرعناء اتجاه الغير، كشروا انيابهم الحادة على دول الخليج بإعتبارهم العنصر الأضعف في المنطقة. والطامة الكبرى في هذه الدول إنه لا أنظمتها تجرؤ على الرد على حكام طهران بنفس التكشيرة بإعتبارهم حلفاء استراتيجيين للعم اوباما وهذا يمنحهم درعا إضافيا. ولا الفئات الموالية من شعوبهم لنظام الملالي يخجلون من ولائهم الاعمى لإيران عندما تهدد بلادهم وتستحقرهم وتستخف بهم بطريقة مذلة! ومع هذا فهم يحاججون بكل صلافة بأن ولائهم لبلدانهم وليس لولاية الفقيه. مما يولد قناعة كافية بان قوة البعبع الإيراني في الخليج العربي هي نتيجة لضعف دول الخليج. هذه الدول التي كانت تتفاخر بالحماية الامريكية خلال حرب الخليج الثانية والغزو الامريكي الأخير للعراق. وتآمرت على سيادة دولة شقيقة وكانت أحد أسباب سقوط البلد فريسة العدوان الغادر. نراها تبلتع تهديدات وإهانات النظام الايراني لها بلا حياء. وبالتأكيد إن هذا الأمر لايعود الى قضايا بروتوكولية أو حكمة سياسية كتجنب التصعيد والازمات في العلاقات مع دول الجوار او الطبع المسالم، لأن العراق كان أولى من ايران بمثل تلك السياسة الخليجية الرشيدة! ولكن الضعف والذل والعجز هي أسباب عدم اتخاذها موقفا مماثلا اتجاه النظام الايراني، ولو بطريقة دبلوماسية كإستدعاء السفير الايراني وتسليمه مذكرة احتجاج ضد التهديدات المتكررة وذلك أضعف الايمان في العلاقات الدولية. في السياسة الخارجية توجد قاعدة مهمة ومتعارف عليها بين الدول، وقد شرعها القانون الدولي وهي (المقابلة بالمثل) أي الاحترام المتبادل والندية في التعامل. وتجدر الإشارة إلى إن تعاليم السماء أقرتها أيضا حسب القاعدة السلوكية ((العين بالعين والسن بالسن)) ولاشك إن الباديء أظلم. بالطبع لا يوجد مايبرر الضعف والتذلل عندما يتعلق الامر بالسيادة والكرامة الوطنية. كما إن عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى هو حق كفله ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي ودساتير الدول. وان تهديد دولة ما لدولة اخرى يدخل ضمن مفهوم العدوان وهذا امر نص عليه بوضوح الميثاق، وأقره خبراء القانون الدولي. التصريح الأخير الذي بصقه (محمد علي خطيبي) مندوب ايران لدى منظمة أوبك في وجوه أنظمة الخليج اتخذ صفة تحذير من مغبة ((تعويض امدادات النفط الايراني بالسوق إذا حظر الاتحاد الاوروبي استيراد الخام من الجمهورية الاسلامية)). بالطبع هذا التحذير يدخل في مجال التهديد والوصاية على دول ذات سيادة كما يفترض. ففي مقابلة مع صحيفة (شرق) تجرأ المندوب بكل وقاحة ملوحا بعصاه الغليظة بأن ((عواقب هذا الامر لا يمكن التنبؤ بها. لذا لا ينبغي لجيراننا العرب التعاون مع هؤلاء المغامرين. وعليهم اتباع سياسات حكيمة)). الملاحظة المهمة في هذا الصدد إن خطيبي لم يهدد دول العالم المنتجة للنفط كافة! وهي يمكن أن تسد أيضا حاجة السوق الدولية تعويضا عن النفط الإيراني في حال فرض الحظر على صادراته النفطية. وإنما أقتصر تهديده على دول الخليج فقط! تماشيا مع المثل العراقي ((ابوية ميكدرإلا على أمي))! قبل حوالي اسبوع هددت إيران بغلق مضيق هرمز في حال فرض عقوبات إقتصادية جديدة عليها بعد أن صرح فريدون عباسي رئيس هيئة الطاقة النووية الايرانية بأن محطة فوردون ستنتج يورانيوم منضب وبنقاوة عالية تمكنها من انتاج سلاح نووي. وبالرغم من كون هذا الممر المائي الدولي يخص كل دول الخليج وليس إيران فقط. مع هذا لم يتجرأ أي نظام خليجي عربي في الرد على هذه الوقاحة والغطرسة، بل بلعوها كعادتهم. ولم نسمع أيضا احتجاجات واستنكارات او على الاقل تعليقات من الخليجيين الموالين لإيران عن مواقفها المذلة لهم! ولا من حكومة العراق التي ترضع من ولاية الفقيه! فالسكوت سيد المواقف عندما يكون الطرف الآخر ايران. كلام خطيبي يمس سيادة أنظمة دول الخليج العربي. لكن هل ستجرأ تلك الانظمة على تحدي الغطرسة الايرانية وتعاملها بنفس النديه؟ أو تلوح بأنها دول ذات سيادة وحرة في إتخاذ سياسة اقتصادية تتوافق مع مصالحها العليا؟ العرب من انصار دولة الفقيه في مثل هذه الاحوال يتبجحون بالقول: هل تريدون منا ان ندخل في حرب مع ايران؟ نقول كلا: لكن احترموا انفسكم قليلا عندما يتعلق الامر بكرامتكم الوطنية. ولا تنسوا انكم خضتم حربا ضد دولة عربية مسلمة وشقيقة! وهل ستعمل الكويت ودول خليجية أخرى على ضخ المزيد من نفطها في السوق الدولية في حال فرض حظر على النفط الايراني؟ لقد تجرؤا على هذا الفعل مع العراق الشقيق، بعد خروجه منهكا من الحرب العراقية الايرانية. فصبوا الزيت على النار! فهل سيجرؤا على فعلها ثانية أم سيبلعوها كعاتهم؟ إن غدا لناظره قريب، وسنترقب عن كثب