إن الكلام عن المشكلة أمام شخص يصغي بانتباه , مسألة حيوية بالنسبة للمرأة , فإذا لم تروّح عن نفسها مع الإنسان الذي يشاركها حياتها , يتفاقم غضبها الذي تصبه في النهاية عليه هو , لا لأنه منبع المشاكل التي تواجهها بل لأنه لم يكن البحر الذي تغرق فيه هذه المشاكل . أيها الرجل , إذا كفت زوجتك عن الإفصاح لك بكل ما يزعجها , لا تفرح وتهلل قائلا : ( ياه ! ها قد فهمت أخيرا أن لا فائدة من النواح والتأوه , أنها الآن تتماسك , هذا أمر جيد ! لقد أصبحت قوية ومستقلة , لا بد أنها نضجت وكبرت . زوجتي كنز لا يقدر بثمن , استطيع الآن أن ارتاح ) . عليك أن تقلق لان ثمة ما يقلق , إن لم تعد زوجتك تطلعك على كل ما يعتمل في نفسها , فلأنها لم تعد تثق بك ولم تعد ترى في شخصك ملجأ لها وملاذا تفرغ فيه الضغط الذي تتعرض له , ولعل التلوث قد بلغ في علاقتكما حدا يستوجب التدخل السريع لمنظمة حماية البيئة العالمية ( غرين بيس ) . لكن لنقف وقفة تفكير , ولنسأل أنفسنا بعدئذ كيف نستطيع أن نلوم الرجال ؟ ففي الماضي , أي طوال ملايين السنين وحتى منتصف القرن الماضي , ظل الرجال يحضر لزوجته شيئا يؤكل تعبيرا منه عن اهتمامه بها , قد تبدو لكم الصورة هزلية ومضحكة إلا أنها ليست خاطئة من حيث المبدأ , وفي ذلك الحين كانت المرأة تريد ( الاتصال بأحدهم ), أو الكلام مع احد , أو مواجهة مشكلة تعترضها , تتجه نحو أمها أو نساء العائلة أو صديقاتها , وبما أنهن يقمن في الكهف أو كل في جناحها في القصر , أو في جزء من المزرعة , لطالما وجدت المرأة امرأة أخرى تصغي لها , أما اليوم , فقد اختلفت طريقة تنظيم المجتمع . فمفهوم القبيلة أصبح من التاريخ القديم , والعائلة التي يقيم أفرادها مع بعضهم البعض , لم تعد تشاهد إلا على شاشات التلفزيون وأصبح مشهد الزوجين المقيمين معا وحيدين بعيدا عن عائلتيهما أكثر أنواع الخلايا الاجتماعية انتشارا , ما هي النتيجة : الكل يطلب من الرجل أن يتواصل مع زوجته , في حين انه لم يعد في الأصل لهذا أبدا . لعله يجدر بنا أن نمنحه بعض الوقت ليتعلم , فالمرأة قد احتاجت أيضا آلاف السنين لتتفهم انغلاق زوجها على نفسه داخل شقتهما عندما تسوء أحواله ! .