اتضح ان العالم سيكون مكاناً بديعاً من دون وجود البشر، أي سيكون الماء صافياً ونقياً، وتختفي الاختناقات المرورية ويصبح غروب الشمس أكثر جمالاً، وهو أمر نتوق إليه كثيراً، ولكنه سيحدث عندما يكون جميعنا قد غادر الحياة، فمنذ الصيف الماضي عندما تحول كتاب المؤلف الان وايزمان إلى كتاب رائج، الذي تخيل فيه ما سيحدث لكوكبنا إذا ما اختفى فجأة جميع سكانه البالغ تعدادهم 6،5 مليارات نسمة عن الوجود، وقد استحوذت هذه الفكرة على أذهان الكثير من الناس.
ويقول وايزمان إن كتابه ترجم إلى ثلاثين لغة، وباع حقوق إنتاجه كفيلم سينمائي، وشاهد 4،5 ملايين شخص برنامجاً حول هذه القضية في "قناة التاريخ" التلفزيونية، كما بثت قناة ناشيونال جيوغرافيك برنامجاً عن اختفاء الإنسان عن وجه الأرض "عدد السكان صفر".
ولم يقدم أي من هذين البرنامجين أي نظرية توضح أسباب اختفاء البشر. فإذا قضى فيروس ما على نسبة 99،99 في المائة من الناس فسوف يظل هناك 65 ألف نسمة، غير ان تلك البرامج لم تهتم بالتفاصيل، يبدأ برنامج "عدد السكان صفر" بصوت المذيع والكاميرا تدور في أرجاء مدينة تمتلئ بالحركة والنشاط والناس يتبادلون الحديث والأطفال يضحكون، "بعد دقيقة واحدة من الآن سيختفي كل شخص من فوق ظهر الأرض"، أشخاص يقودون سياراتهم وفجأة يختفون، أطفال يلعبون في باحة المدرسة يختفون، ويتركون خلفهم العابهم، وصوت هاتف معلق لا يتوقف رنينه ولا أحد يجيب.
بيد ان ريك بوتس مدير برنامج أصل الإنسان في متحف التاريخ الطبيعي الأميركي يشير إلى أنه لا يوجد نوع من أنواع المخلوقات يختفي فجأة عن وجه الأرض، لكنه في الوقت ذاته يعتقد العلماء انه حدث نوع من أنواع "الخلل الجيني" في النوع البشري قبل 50 إلى 80 ألف عام، حيث انخفض عدد البشر ممن هم في سن الإنجاب إلى حوالي 10 آلاف شخص فقط، جميعهم تقريباً كانوا في افريقيا، غير ان هذا الخلل حدث قبل آلاف السنين واستعاد الإنسان قدرته الإنجابية.
وهذه التصورات تجعلنا ندرك بالضبط كيف ستنهار كل إنجازاتنا وابتكاراتنا ولماذا، وتقول شبكة ناشيونال جيوغرافيك إن الآثار التي تركناها على سطح القمر والعلم وكاميرات التلفزيون ستبقى لآلاف السنين، ويرى وايزمان ان إشارات الراديو والتلفزيون ستبث باتجاه الفضاء إلى الأبد، وذلك لأن أمواج الراديو تظل تتمدد إلى درجة انها قد تتوزع في ضوضاء الفضاء، وعليه، فإنه سيبقى لنا اثر حتى بعد تحول كوكبنا إلى صخرة زرقاء لا حياة فيها