أسباب تسلط الجن واالشياطين على الإنسان

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : تقوى الرحمن | المصدر : eslami.in-goo.com

 [center]


 ،،،،،،


ا

أتقدم للجميع بهذ البحث الهام وهو بعنوان ( أسباب تسلط الجن واالشياطين على 
الإنسان ) وهو على النحو التالي : 

عالم الجن له نوع علاقة بعالم الإنس ، لكن هذه العلاقة تختلف عن علاقة 
الإنس بعضهم ببعض ، وذلك لاختلاف طبائع كل من عالمي الجن والإنس عن بعضهما ،
وهذه العلاقة بين بعض الإنس وبعض الجن قد تكون علاقة قائمة على المحبة 
والمساعدة ، كما يكون من تسخير الله بعض الجن المؤمنين لمساعدة بعض عباده 
وأوليائه المتقين - وهذا بخلاف الاستعانة والتي أفردت لها بابا مطولاً في 
كتابي الموسوم ( القول المُعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 
تحت عنوان ( الاستعانة بالجن ) - وقد تكون هذه العلاقة قائمة على أساس من 
البغض والكراهية ، فينشأ منها اعتداء من قبل بعض الجن على بعض الإنس 0 

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه 
الله - : ( والجن أعظم شيطنة ، وأقل عقلا ، وأكثر جهلا ، والجني قد يحب 
الإنسي كما يحب الإنسي الإنسي ، وكما يحب الرجل المرأة ، والمرأة الرجل ، 
ويغار عليه ويخدمه بأشياء ، وإذا صار مع غيره فقد يعاقبه بالقال وغيره ) ( 
النبوات – ص 279 ) 0 

ومما تقدم يتضح لنا أن الأسباب الرئيسة لصرع الأرواح الخبيثة للإنس مجتمعة 
في الأمور التالية :

[size=21]الأول : أسباب من جهة الإنسان نفسه :

وهذه الأسباب تتأتى إما نتيجة الابتلاء أو العقوبة وإما بسبب تقصير الإنسان
وبعده عن الله سبحانه وتعالى ، وفراغ القلوب من الذكر والدعاء وعدم اللجوء
إليه سبحانه ، وألخص هذه الأسباب بالآتي :

[size=21]1 ) - أسباب تتعلق بحكمة الله 
ومشيئته :

أ )- الابتلاء :

قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق 
المبين : ( أن يكون صرع الجن للإنس نوع ابتلاء من الله - جل وعلا - فالله 
سبحانه وتعالى بحكمته بتلي الخلق بأنواع المصائب والصرع من جملتها ، قال 
تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا 
تُرْجَعُونَ ) ( سورة الأنبياء – الآية 35 ) 0 وعلى من ابتلي بذلك أن يصبر 
ويحتسب الأجر والمثوبة من الله مع بذل الأسباب المشروعة للعلاج ) ( فتح 
الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 79 ) 0 

ب )- العقوبة الإلهية :

قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق 
المبين : ( أن يكون ذلك عقوبة من الله بسبب اقتراف العبد الذنوب والآثام ، 
قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ 
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) ( سورة الشورى – الآية 30 ) 0 

فكلما ابتعد الإنسان عن ربه وخالقه استحوذت عليه الشياطين وتسلطت عليه 
وأصبحت حياته تعيسة ، قال تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ 
لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) " سورة 
طه – الآية 124 " ) ( فتح الحق المبين – ص 80 ) 0

2) - أسباب تتعلق بالإنسان نفسه :

أ ) - ضعف حظ المبتلى عن 
الدين والتوكل والتوحيد 0 
ب)- خراب القلوب والألسنة من الذكر والدعاء0 
ج)- عدم قيام المبتلى بالتعاويذ والتحصينات النبوية 0
د )- يقين الجن والشياطين بعزلة الإنسان من السلاح الذي يستطيع مواجهتهم به
والنيل منهم ومن أذاهم وبطشهم 0 

يقول ابن القيم : ( وأكثر تسلط هذه
الأرواح على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق 
الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية ، فتلقى الروح الخبيثة الرجل
أعزل لا سلاح معه وربما كان عريانا فيؤثر فيه ) ( زاد المعاد – 4 / 69 ) 0


ثانيا : أسباب من جهة الجن أنفسهم :

وهذه الأسباب تعزى للجن أنفسهم ، وقد تكون أسباب ذاتية نتيجة الإيذاء 
والظلم ونحوه ، وقد تكون بدوافع أخرى كالسحر والتسليط ونحوه ، ونستطيع أن 
نحدد تلك الأسباب بالأمور التالية :

1)- إن صرعهم للإنس قد يكون عن شهوة 
وهوى وعشق :

كما يتفق للإنس مع الإنس 0 

قال شيخ الإسلام بن تيميه : ( أن 
يكون صرعهم بسبب العشق والهوى والشهوة ، فما كان من الباب الأول فهو من 
الفواحش التي حرمها الله تعالى كما حرم ذلك على الإنس وإن كان برضى الآخر ،
فكيف إذا كان مع كراهته فإنه فاحشة وظلم ، فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن 
هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه 
يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى الثقلين الجن والإنس ) ( مجموع 
الفتاوى – 19 / 40 ، وانظر إيضاح الدلالة في عموم الرسالة – ص 27 ) 0 

2)- وقد يكون - وهو الأكثر - عن بغض 
ومجازاة :

قال شيخ الإسلام بن تيميه : ( وقد 
يكون - وهو كثير أو الأكثر - عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الإنس أو 
يظنوا أنهم يتعمدوا أذاهم إما ببول على بعضهم أو بصب ماء حار وإما بقتل 
بعضهم ، وإن كان الإنسي لا يعرف ذلك ، وفي الجن جهل وظلم فيعاقبونه بأكثر 
مما يستحقه ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0 

وقال - رحمه الله - : ( وما كان من
هذا القسم فإن كان الإنسي لم يعلم فيخاطبون بأن هذا لم يعلم ، ومن لم 
يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة ، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا 
بأن الدار ملكه ، فله أن يتصرف فيها بما يجوز ، وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في
ملك الإنس بغير إذنهم بل لكم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات ) ( 
مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0 

وبخصوص هذه المسألة فقد سمعت نقلا عن بعض المعالجين الآتي :

يقول البعض إن الإنسان إذا سكن منزلا أو دارا وكانت الدار أصلا سكنى للعمار
من الجن فعليه أن يرتحل عن هذا المنزل أو الدار ، أما إذا سكنت الدار من 
قبل الجن بعد أن يسكنها الإنسان فعلى الجن في هذه الحالة مفارقة الدار بعد 
وعظهم وتبيان ذلك الأمر لهم 0 

وفي اعتقادي أن هذا الأمر فيه نظر وهو مخالف للصواب لأن السكنى لا تكون إلا
للإنس وأما أماكن تواجد الجن فهي الفلوات والحشوش والمزابل ونحوها ، كما 
ثبت في الأحاديث النقلية الصحيحة وكما أشار لذلك علماء الأمة الأجلاء ، 
ويعتبر هذا ظلم من الجن في كلا الحالين ولا بد من رفعه عن ساكني هذه البيوت
، وعلى المعالج في هذه الحالة أن يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويبين 
لهم عدم جواز فعل ذلك وأنه اعتداء بغير حق ، وأن هذا الأمر من الظلم الذي 
حرمه الله سبحانه وتعالى وقد أشار آنفا لذلك المفهوم شيخ الإسلام ابن تيميه
- رحمه الله - ، هذا وقد تعرضت لهذه المسألة في كتابي الموسوم ( منهج 
الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( طريقة علاج البيوت المسكونة ) 0

تقول صاحبة كتاب " عالم الجان من 
خلال القرآن والأحاديث الشريفة " : ( وغالباً ما يوجد الجن في محال 
النجاسات والقاذورات كمحلِّ نحو الإبل ، والحمامات ، والمراحيض ، والمزابل ،
والأماكن الموحشة : كالأودية والقبور ، ومواضع القتلى ، وبيوت الأصنام ، 
والكنائس ، والديورة ؛ فقد كانت الجن تدخل في الأصنام وتخاطبهم ومن ثمَّ 
جاء النهي عن الصلاة في تلك الأماكن لأنها مأوى الشياطين ومن مساكنهم الجحر
؛ ومن ثمَّ كره البول فيه 0 وعلل بأنه مسكن الجن ، وكذا البحر ليلاً ؛ ومن
ثَمَّ كره البول فيه كذلك ) ( نقلاً عن كتاب " عالم الجان من خلال القرآن 
والأحاديث الشريفة " – ص 65 – 66 ) 0 

قال صاحبا كتاب " طارد الجان " : ( 
وصرع الجن للإنس هو لأسباب ثلاثة :

* تارة يكون الجني يحب المصروع فيصرعه ليتمتع به ، وهذا الصرع يكون أرفق من
غيره وأسهل 0 

* وتارة يكون الإنسي آذاهم إذا بال عليهم ، أو صب عليهم ماء حاراً ، أو 
يكون قتل بعضهم أو غير ذلك من أنواع الأذى ، وهذا أشد الصرع ، وكثيراً ما 
يقتلون المصروع 0 

* وتارة يكون بطريقة العبث به كما يعبث سفهاء الإنس بأبناء السبيل ) ( طارد
الجان – ص 17 ، 18 ) 0 

وقالا أيضاً في كتابهما " أفعال شيطانية " : ( من الأسباب التي تسبب المس 
للإنسان : السحر والتسليط ، ودعاوى الجن الباطلة على الإنسان والعشق 
والاستمتاع بين الإنس والجن ، والدقة والزار ، وذبح الذبائح قرباناً 
للأسياد من الجن والعفاريت ، وإراقة الدماء على جسد المريض ، والعقد على 
المعادن مثل الذهب والفضة والحديد وغيرها ، وهذا أخطر أنواع المس وعلاجه 
نادر الحدوث ، وحمل الأحجبة ، وقراءة كتب السحر والدعاوى والأقسام 0 

وقد يتولد المس من العارض الذي يأتي عن طريق الخوف الشديد والرعب والطربة 
والحسد والعين والنظرة ، وقد يتولد المس حينما يعرض الإنسان عن العبادة 
والذكر ، وقد يتولد المس من أكل مال اليتيم ، أو التولي يوم الزحف ، أو من 
أكل الربا ، أو من ارتكاب الجرائم والكبائر والآثام ، وقد يكون من شرب 
الخمر والمخدرات والمشمومات والمشروبات الممنوعة والمحرمة ) ( أفعال 
شيطانية – ص 9 ) 0 

[align=center]( قصة واقعية 
)[/align]

وتلك قصة تعتبر واقعا مشاهدا لإيذاء الأرواح الخبيثة للإنس بسبب الإيذاء 
دون قصد يذكر :

فتاة في مقتبل العمر ، كانت في رحلة نقاهة ونزهة في ربوع المملكة مع أهلها 
وذويها ، تقول الفتاة ، خرجت في ساعة متأخرة لقضاء الحاجة ، وما كان مني 
إلا أن ارتطمت قدماي بوتد من أوتاد الخيمة التي نقطنها ، وقعت من فوري ، 
ولم أشعر بنفسي بعد ذلك ، بعدها بفترة استيقظت وأصبحت تنتابني آلام وأوجاع 
متنقلة ، كما أصبحت أشعر بتعب وخمول شديدين ، وبعد رقية الفتاة تبين أنها 
تعاني من صرع الأرواح الخبيثة ، وقد نطق الجني الصارع على لسانها ، وتبين 
أن السبب الرئيسي لصرعها واقترانه بجسدها هو الإيذاء بسبب واقعة الخيمة 
المشار إليها ، وقد من الله سبحانه وتعالى على الفتاة بالعافية وقدر الله 
خروج ذلك الجني بعد أن تم إيضاح بعض الأمور المتعلقة بالعقيدة والظلم ونحوه
، والله تعالى أعلم 0 

3)- وقد يكون عن عبث منهم وشر :

قال شيخ الإسلام بن تيميه : ( 000 
وقد يكون عن عبث منهم وشر بمثل ما يفعل سفهاء الناس وهذا من أخف الأنواع ) (
مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0 

4)- وقد يكون ناتجا عن تسلطهم بواسطة 
السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين 0 

قال صاحبا كتاب " طارد الجن " : ( 
طالما أن للجن عالمه الخاص وللإنس عالمه الخاص فلماذا يتحرش الجن بالإنس 
إلى درجة أن يدخل في جسده ويوقع به أشد الضرر ، وهناك أسباب تجعل الجني 
يبذل قصارى جهده حتى يدخل الجسد وهذا ما يطلق عليه مس الجني للإنس ثم ساقا 
الأسباب الداعية لتسلط الجن على الإنس إلى أن قالا : أن يكون مكلفاً من أحد
السحرة بذلك ) ( طارد الجان – ص 60 ) 0 

5)- وقد يكون ناتجا عن الإصابة بالعين
:

فيصرعون الإنس نتيجة لذلك ، وهذا أمر مشاهد محسوس ، وقد وقفت على حديث ضعيف
يدور حول هذا المعنى ، إلا أن معناه صحيح والله تعالى أعلم ، والحديث رواه
أبو هريرة - رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[align=center]( العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم 
)[/align]

[align=center]( السلسلة الضعيفة 
2364 )[/align]

قال المناوي : ( فالشيطان يحضرها 
بالإعجاب بالشيء وحسد ابن آدم بغفلة عن الله فيحدث الله في المنظور علة ، 
يكون النظر بالعين سببها فتأثيرها بفعل الله ) ( فيض القدير – 4 / 397 ) 0 

قـال الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس أو عين أو نحوهما ، لاشتراك ذلك في 
كون كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ) ( نيل الأوطار – بتصرف
– 8 / 214 ) 0 

يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – في مقدمته للكتاب 
الموسوم " كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية " للشيخ عبدالله بن محمد 
السدحان : ( وقد أثبت بالتجربة الصادقة أن العين يتبعها شيطان من شياطين 
الجن فيؤثر في المعين بإذن الله تعالى الكوني القدري ) ( كيف تعالج نفسك 
بالرقية الشرعية ؟ - ص 5 ) 0 

يعقب الشيخ عبدالله السدحان على 
الحديث آنف الذكر فيقول : ( هذا الحديث أوله " العين حق " صحيح رواه 
البخاري ( 10 / 203 ) أما بقيته " ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم " فقد 
أخرجه أحمد في المسند ( 21439 ) بلفظ " يحضر بها " أي معها وقد جاء أيضا 
بلفظ " يحضرها " وعزاه السيوطي في الجامع الصغير للكجي في سننه من حديث أبي
هريرة كما قال الترمذي وغيره 0 وقال الهيثمي ( 5 / 107 ) : رواه أحمد 
ورجاله رجال الصحيح 0 وعلى كل فمعناه صحيح ولا يخالف حديثاً صحيحاً وتشهد 
له التجربة ويؤيده الواقع ومشائخنا على هذا المعنى فلله الحمد والمنة 0 

ثم يقول : ( هذا الحديث الشريف يفيد أن كل إنسان حوله شياطين الجن يتربصون 
الإيقاع به ، فكل إنسان معرض للحسد ، ولا يكاد أحد يسلم من العين إلا من 
عصم الله ) ( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية ؟ - ص 43 ) 0

وقال أيضاً : ( ولأن غالب أمراض الناس سببها العين ، وأن معنى حديث " العين
حق " أي الوصف دون ذكر الله ( وهو سم اللسان ) وليس المراد آلة العين 
وإنما عُبر بها لأنها الواصفة للواقع ، وحينئذ تنطلق الشياطين الحاضرة 
فتعمد إلى إيذاء الموصوف بإذن الله ، ولأن هذا المفهوم الشرعي غير مسبوق 
فيما أعلم حرصت كل الحرص على تأصيله شرعياً بالاستعانة بعد الله بمشائخنا 
ممن له اختصاص في العقيدة وهي الأهم ، وتم عرض هذا المفهوم على شيخنا 
الفاضل محمد العثيمين ، فأقره بحمد الله وذلك في فتوى عن طريق شريط تسجيل )
( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية ؟ - ص 21 ) 0

ومن أدق وأبلغ ما كتبه ابن القيم في تفسيره للمعوذتين حيث حدد هذا الواقع 
وتكلم عنه وبين طبيعة الحاسد وعلاقته بالشيطان - حيث قال :

( والشيطان يقارن الساحر ويقارن 
الحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، لكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه 
للشيطان ، لأن الحاسد شبيه إبليس وهو في الحقيقة من أتباعه ، لأنه يسعى 
ويطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعم الله عنهم كما أن إبليس حسد
آدم لشرفه وفضله ، وأبى أن يسجد لآدم حسدا 0 فالحاسد من جنس إبليس وأما 
الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ، بل إن الساحر يعبد الشيطان ليقضي له
حاجته والمقصود أن الساحر والحاسد كل منهما قصده الشر ، لكن بطبعه ونفسه 
وبغضه للمحسود والشيطان يقترن به ويعينه ، ويزين له الحسد ويأمره بموجبه ، 
والساحر بعلمه وكسبه وشركه واستعانته بالشياطين ) ( تفسير المعوذتين – ص 39
) 0 

وقال أيضا : ( فلهذا والله أعلم قرن في السورة - يعني سورة الفلق - بين شر 
الحاسد وشر الساحر لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين 
الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين ) ( بدائع 
الفوائد 2 / 232 ) 0 

قال الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس ، أو عين ، أو نحوه ، لاشتراك ذلك في 
كون كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنس أو جن ) ( نيل الأوطار - 8 / 214


قال الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري : ( والعين وردت إليها الإشارة في
ثلاث آيات من القرآن الكريم ، وورد بها جملة أحاديث ، منها الصحيح لذاته ،
ومنها الصحيح لغيره ، وثبتت من تجربة البشر 0 

ومن أنكر العين ليس عنده برهان إلا عدم العلم بصلة النفس بالنفس ، وصلة 
الإنس بالجن ، وعدم العلم ليس علما بالعدم ، وخالق النفوس والجن والإنس 
أعلم بأثرهم 0 
وكثيرا ما التصقت آثار العين بآثار الجن 00 ) ( تباريح التباريح – ص 93 ) 0


قلت : ولا بد أن تكون كافة المجالس والأوقات التي تكرس للمعصية والأعمال 
الخبيثة مرتعا خصبا للشيطان ، والحسد والعين مما يستأنس له الشيطان ، 
فيحضره ، وقد ينفذ بإذن الله سبحانه إلى جسد الإنسان بقوة العين ، وهذا مما
عايشته بنفسي ، وثبت تواتره عند المعالجين الثقاة ، وبعض الحالات التي تم 
علاجها كانت الأسباب والدوافع لصرع الأرواح الخبيثة ، قوة عين الحاسد أو 
العائن ، والله تعالى أعلم 0

وأذكر في سياق هذا الموضوع قصة ذكرها الأستاذ عبدالعزيز القحطاني تؤكد هذا 
الأمر حيث يقول :

( بينما كنا نرقي طفلة مصابة بقراح 
في رجلها وجسدها فإذا هي قد تأثرت ، وقد كنت متوقعاً ذلك والفضل لله وبحمده
، حيث القروح بدأت تدمل أثناء رقية القرآن ، وبدأت الطفلة تتألم من 
القراءة ، ولا تريد ذلك 0 ثم بدأت تتكلم كلام أكبر من سنها ، وكان ذويها 
يعتقدون بأن عين قد أصابت ابنتهم 0 وطلبت الاغتسال لها إن كانوا قد عرفوا 
العائن 0 ويدل ذلك على إصابتها ثم زودتهم بماء رقيه حتى يخفف عنها الألم 
وتتحسن حتى يخرج منها الخبيث الذي تسبب بهذه القروح ، وأن تلتئم الجروح 0 
وأن الذي حدث أن الجن وافق كلمة المرأة العائنة التي ألقت كلمة على البنت 
قد تكون بدون قصد دون أن تذكر الله وتبرك 0 فالتبس بها ، وكانت بدايتها 
قرحة صغيرة انتشرت شيئا فشيئا ، وقد عرضت على بعض الأطباء ولكن دون جدوى 
بسبب هذه القرحة ، ونسأل الله لها الشفاء ، حيث أنها بدأت تتماثل للشفاء 
والحمد لله ، كذلك بعد ملازمة بعض المراهم الطبية ) ( طريق الهداية في درء 
مخاطر الجن والشياطين – ص 72 ) 0 

يقول الدكتور بدر عبدالرزاق الماص في كتابه " تلبس الجن بالإنس " عن أسباب 
صرع الأرواح الخبيثة :

( المس الشيطاني ظاهرة حقيقة مؤكدة ،
ولكن هل للشياطين سلطة مس من يشاؤون من البشر وإيذائه دون حسيب أو رقيب أو
سبب ؟!

الواقع أن الشياطين كالميكروبات والجراثيم لا تؤثر إلا في حال ضعف الجسم ، 
ولقد نبه القرآن الكريم إلى أن الشيطان لا يؤثر على عباد الله المخلصين ، 
قال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) ( سورة 
الحجر – الآية 42 ) 0 

قلت تعقيباً على كلام الدكتور السابق : ( هذا الوصف للجن
من حيث القدرة وليس من حيث الكيفية ، وكذلك هذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه
، حيث أن أسباب الصرع متفاوته ، وقد يكون اختبار وابتلاء للعبد الصالح من 
الله سبحانه وتعالى ) 0 

وهكذا فإن غالبية من تطمع الشياطين في التأثير عليهم هم من ( الغاوين ) ، 
ويشمل ذلك ضعاف الدين وكثيري الانحرافات السلوكية ، ونلخص فيما يلي بعض 
أسباب المس :

1- بعد الإنسان عن ربه ، وانغماسه في المعصية ، فيكون قريباً من شيطانه 
مرافقاً له ، فيأتيه الشيطان ويبعده عن ربه 0 

قال تعالى : ( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ 
وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) ( سورة النحل – الآية 100 ) 0 

2- ونسيان الإنسان ذكر ربه : وهو من أهم أسباب المس والصرع ، لأن خلو الجسد
والقلب والعقل من الذكر يجعل من اتصف بذلك لقمة سائغة للشيطان وأعوانه ، 
وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : ( نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ
أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) ( سورة الحشر – الآية 19 ) ، ويقول 
سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ 
شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ 
السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) ( سورة الزخرف – الآية 
36 ، 37 ) 0 

3- والإفراط في الخلوة والوحدة الطويلة : من غير أن يفكر فيما يشغله ، 
ويعود عليه بالنفع فيملأ عليه خلوته ، ومن غير أن يخطر على باله ذكر اسم 
الله تعالى ، أو أن لا يكون عنده ورد يذكر فيه اسم الله ، أو لا يتعوذ ، كل
هذه الأمور تكون من الأسباب التي تؤدي إلى مس الجني للإنسي وتفرده به ، 
وإلى هذا يشير ابن القيم فيقول : " وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله 
تكون من جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم، من حقائق الذكر والتعويذات
والتحصينات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح 
له معه ، وربما كان عرياناً فيؤثر فيه هذا " ) ( نقلاً عن كتاب " زاد 
المعاد " - 4 / 69 ) 0 

4- تبرج المرأة وهي في أكمل زينتها : وقد أظهرت مفاتن جسمها ، مفتخرة 
بجمالها ، متعالية متكبرة ، من غير أن يجري على لسانها وقلبها ذكر الله 
وشكره على ما أعطاها من نعمه ، أو مستعيذة به سبحانه ، فإنها تكون عرضة 
للمس 0 

5- لما كان على المسلم أن يتعرف على كتاب الله وأن يقرأ آياته وسوره ، فإن 
تخلى عن ذلك فإنه يكون عرضة للمس الشيطاني : وكذلك إذا كان غير مواظب على 
الصلاة الواجبة في أوقاتها ، فإن التارك لها معرض للمس الشيطاني 0 

6- كشف العورة في البيت دون ذكر اسم الله سبحانه وتعالى وذلك في الأحوال 
التالية :

أ- أن تخفف المرأة ثيابها وتقف أمام المرآة في الحجرة وتسير ذهاباً وإياباً
مستعرضة نفسها ومفاتنها معحبة بنفسها وقد يكون هناك من الجن من يراها ، 
فيعجب بها ويتعشقها وهو كثير 0 

ب- نوم الرجل أو المرأة خاصة في آيام الصيف بثياب خفيفة وأبدان عارية من 
غير أن يمر ذكر الله قبل النوم على قلوبهم وألسنتهم وقد ورد في الحديث 
الشريف : " ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا 
أراد أن يطرح ثيابه : بسم الله الذي لا إله إلا هو " 0 

ج- دخول الخلاء للغسيل وللاستحمام دون ذكر الله تعالى قبل الدخول 000 
والحديث الوارد في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال
: " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ( السلسلة الصحيحة 1070 ) 0 

د- جماع الرجل أهله دون ذكر الله تعالى قبل الجماع ، وفي الصحيحين أن رسول 
الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : 
بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن قدر 
بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً " ( صحيح الجامع 5241 ) 0 

وهكذا فإن عدم ذكر الله تعالى في هذه الحالات وغيرها والبعد عنه تعالى ، 
تعرض الإنسان إلى عدوان الجن والشياطين عليه وتلبسهم له 0 

لذلك نرى أن على الإنسان أن يجري دائماً ذكر الله على لسانه وقلبه في جميع 
الأماكن التي يرتادها ، وبخاصة الأماكن الخالية ، وهي الأماكن التي يعيش 
فيها الجن 0 

وكذلك أن يلازم ذكر الله تعالى في جميع الأزمان ، فالله خير حافظاً وهو 
أرحم الراحمين ) 0( مجلة الفرحة – العدد (42)– مارس سنة 2000 م– نقلاً عن 
كتاب "تلبس الجن بالإنس" ) 0