كتبه : منتصر بن محمد البيروتي – غفر الله له و لوالديه -
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على النبي المصطفى الأمين ، أما بعد :
فإن من المبكي أن تقوم النساء بأدوار الرجال بعد أن تخاذل بعولتهن في واجباتهم ، و هنا اتساءل كيف يهنأ لكم عيشٌ فيما نساؤكم في نغص ، بل كيف يعلو الحبور جبين أحدكم و المسلمات في في أنكد عيش ، تسكن إحداهن بين الخوف و الرجاء ، لا تدري أتأمن على أمر دينها أم يُحال بينها و بينه ..
لم تتجاوز قضية هند أحماس و رفيقتها نجاة علي خبراً يومياً يطالعه ( مثقفو ) المسلمين عند احتساء فنجان القهوة الصباحي ، و لعل جلَّهم اكتفوا بقراءة العنون الذي لم يكن على قدر كبير من الأهمية في نظرتهم السطحية ، فالنقاب مسألة ثانوية بينما هم منشغلون بقضايا أهم – كما يزعمون – أو لعلهم يحسبون الأختين امرأتين متزمِّتتين ، فإن الله وسع الباب و جعل فيه الرخص .
و لهذا استمعنا لسيل فتاوى شاردة و واردة ، مطالبة المسلمات بالإرتخاص و نزع غطاء العفة و الطهارة عن الوجه .
ألا فتالله ما هي إلا الخضوع و الضعف ، بل و المساومة على أمور الدين، لا الضرورة و الرخصة .
حقيقة لسنا هنا في معرض الرد على هذه الفتاوى المتهالكة ، نعم متهالكة لإنها فتاوى لا تفقه واقعاً ، كما أنّها جاءت لتُودع في كنانة الكفر الأوروبية التي سترمي بها أخواتنا المجاهدات لا محالة ، فيا من نصبت نفسك فينا إماماً ، إن لم تناصرنا فلا تخذلنا رجاءً ، هذا لسان حال المسلمات ، بعد أن خذلهنّ الرجال في بقاع العالم الإسلامي شتى ليس في حالة " أحماس " فقط ، و ما أمر كاميليا و أُسَارى كنائس مصر عنّا ببعيد .
هند أحماس ، أسطورة هي أم حقيقة ، تلك همسات يتردد صداها في القلب المكلوم مع عجزه عن الحراك ، و أما ما يزيده أسى و حَزَناً أن نساء الفرنجة يسرحن و يمرحن في ديارنا عرايا مفسدات ، نعم لا يملك أحدنا أن يصرخ قائلاً : " أين الرقيب " !
إن فعلت ، فإنك تهدد موارد الدولة السياحية – و منها صناعة البغاء - ، فتكون من أكابر المجرمين ، لم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل انقلبت الموازين ، فالعري في مذهبنا بات فضيلة ، و التعفف لا شك هو الرذيلة ..
أحماس مسلمة ملتزمة بأمر ربها ، محبة لدينها ، أمٌ عطوف لم تُثنى شخصيتها رغم انفصالها عن بعلها ، شابة في الثانية و الثلاثين من عمرها ، مختمرة ، عزيمة تفل الحديد و همة تسابق الريح المرسلة ، قبلت من السلامة بأدناها و من العزيمة برأسها و قمتها ..
---------------------------------------
يوم 15/9/2010 أقر مجلس الشيوخ الفِرنسي قراراً ينبئ بتوجهه لنزع آخر معالم الحرية الفعلية و الكرامة الإنسانية من البلاد ، ليست مبالغة و لا عاطفة ، بل هي واقع ..
فالحقيقة أن هذا القرار امتدادٌ لثورة هنجعية انطلقت في وجه ظلمٍ جثم على صدور نصارى أوروبا لما يقارب الخمسة عشر قرناً ، لم يتصور أولئك الفلاحون البسطاء أن مشاعيبهم المنتصبة لتسقط سلطان الكنيسة المتمازج بالقوة الإقطاعية - التي لم ترضى من الذبيحة بالكتف ، بل أكلت اللحم و العظم و أبقت فُتاتاً لا يسمن ولا يغن من جوع - ستنقلب لتصير في غفلة موجهة نحو قيمهم التي اعتَدُّوا بها عبر تاريخهم الحضاري المديد ..
صدعت الجموع بشعارات براقة " حرية عدالة مساواة " ، لم تجمع تلك المصطلحات وقتها المعان التي وصلت إليها الآن ..
لم يعرف ذلك المتعرق و قد تشدق بدموع الحرمان أن وقفته في وجه الظلم ستتجاوز طموحاته أو قل حقوقه المسلوبة لتمس شقاً آخر من كرامته ، بعد أن يخلص الشق الأول من العبودية ... نعم ، حُرِّكت تلك الجموع الضخمة بعد أن تُحكم " بعقلها الجمعي " حتى حُرف مسار ثورتها لتنال مما هو أثمن من لقمة العيش ؛ ألا و هي الإنسانية ، لتنتقل من عبودية البشر إلى عبودية الأهواء ، و لم يلبث الأمر كذا حتى تَرسخت قواعد الرأسمالية الجديدة ، و التي أعادتهم لعبوديتهم القديمة فجمعت بين القديم و الحديث ، لتنتج لنا عبودية خالصة بقيود محكمة ، سواءً أدرك العبيد استحكام الأغلال حول رقابهم أم لا ..
إذاً فهذا القرار الشؤم هو امتدادٌ لتلك السقطة البشرية ، سقطة أشبه ما تكون بثقب أسود يمتص كل قيم ليقضي عليها بلا رجعة !
سَقَطَتِ القيم الإنسانية في أوروبا ، و فرح أرباب الأهواء بهذا العمل العظيم ، ففي عالم خالٍ من القيم ، يقدر النذل الخبيث على التسلق لأعلى الهرم ، فيما سيجد النزيه دائماً من يحفر في دربه الحفر و ينصب له الأفخاخ .
في ظل هذه النشوة العارمة ، حيث علا من علا وسفل من سفل ، ظهرت هند أحماس محاطمة تلك القيود و طامرة لتلك الحفر .
ليس خفياً على من تتبع الإحصاءات الدورية أن الإسلام بات واقعاً سيغيِّر وجه أوروبا بعد أن بدأ الفلاحون البسطاء – و قد تمدنوا و أدمنوا الحانات و فعل الموبقات – بتحسس الأغلال التي ضربت على رقابهم .
بحثوا عن إرث أجدادهم من قيم و أخلاق ، لم يخلصوا إلى شيء فقد ابتلع الثقب الأسود آخرها .
و في لحظة يأس فُجِئوا بالإسلام شاخصاً أمام عيونهم ، عثروا على هند أحماس و إخوانها ، عرفوا أن فيه خلاصهم من عبوديتهم بشقيها ، ليس سهلاً على من اعتاد العبودية أن يتخلص من الأغلال ، و إن عثر على المفتاح ..
بدأ الناس يتحسسون الأقفال ، و يمدون أبصارهم إلى المفاتيح ، نجح آخرون في تحطيم الأغلال ..
أحس الغرب المادي بتناقص العبيد ، أحس بالروح تدب في الشعوب من جديد ، و لكن كيف و قد ابتلعنا إنسانيّتهم و اسكرنا عقولهم ، كيف وقد مسخنا طموحهم ، كيف و قد نحرنا منهم معانِ الإنسانية الراقية ..
لا ، لن نسمح للبهائم أن تتحرر ..
حركوا جنودهم من شياطين توسوس في الصدور عبر الأقمار الإصطناعية ، و جانٍ يتلبس العقول التي لم تتحس الأغلال بَعدُ ، صحف و مجلات و إذاعات ،،
لم يكونوا ليبسطوا أوراقهم دفعة واحدة و قد بدأ الناس بتحسس الأغلال ، حدَّدوا الأهداف للضربات الأولية قبل البدء بحرب شاملة ،
لا بد أن تُضرب المعالم الأبرز أولاً ؛ فهي المنارات التي ترشد الضُلال إلى طريق الخلاص .
محمد - صلى الله عليه وسلم – كل قيمة عَلِيَّةٍ في جسد طاهر واحد ، هو الخطر الأكبر ، لا حرج أن يصير الأعربيَّ زير النساء السفاح السكير ، إذاً فأوعزوا لجندكم لينشروا إفككم العظيم ، صار في الجرائد الرجل الذي تَكذبون ، لعل الناس بما افترينا يُصَدِّقون .
المآذن ، منارات الهدى الصوادع بالحق المبين ، آذان البهائم لمعان كلماتها ترنوا و تستبين ، لا جرم أن تَسقط ثانياً هذا سبيلكم يا جآن فتلبسوا البرلمان ليصدع بما تأمرون ..
قالوا : ما نفعل بعدها فإنّا نرى المسلمين لا يسكتون ، كنّا كذبنا على محمد فَبِخُلُقِهِم كَذِبُنَا دوماً يستبين ، فلمَّا هدمنا مآذنهم ، كان كل واحد منهم منارة إماماً للمُسْتَعبدين .. أدركونا فإن العبيد كادوا يكونوا من المسترشدين ..
فإنّا إن وقفنا في وجههم و حاربنا جهراً دينهم كُشفت كذبة " الحرية دين " ، فما ترون أيها الملاعين ؟
قالوا : ضيقوا عليهم و اخترعوا لهم القوانين ، حتى تصرفوهم عن دينهم إن كنتم فاعلين ..
فَبِمَا نبدأ ؟
قيل : سمعنا أن امرأة يقال لها هند أحماس ، تفتن عليكم نسوتكم و ما هي لدينكم من الناصحين ، فإنّها نشرت الفضائل و صرفت الفاجرات عن الرذائل ، فبما تلهى شعوبكم و بما تستوثق قيودكم أيها الغافلون !
إذاً هي التالية ، أوعزوا لبرلمانكم ليلتئم و لشُرَطِكم لتحمل القيود و تنتظم ..
_______________________________
عندها ، بدأت محنتك يا أُخَيَّة ، وقفت سداً في وجه كل المغرضين ، لا دفاعاً عن شعيرة الخمار فحسب ، بل دفاعاً عن الدين و كل مسلم في بلاد المفسدين في الأرض ..
تلك حكاية هند ، أو قل حكاية الإسلام في أوروبا .. إليك يا من وقفت في صف فرنسا و أوروبا قصداً أو جهلاً نقول : إن سقط النقاب في فرنسا لن تكون تلك نهاية السقوط و الإنحدار ، بل ستسقط المساجد و المراكز الإسلامية في أوروبا كلها – و قد بدأ ذلك في العديد من الدول كبلجيكا و هولندا – و لن يتوقف الأمر عند هذا الحد ، و إنّما سنشهد انهياراً متسارعاً لمعالم الإسلام أشبه بتساقط أحجار الدومينو – أو بتعبير آخر كمسبحة فرطت – فاتق الله في دينه سبحانه ، و لا تكونوا للكافرين مظاهرين ..
فإن لم يسعكم نصرة الحق و أهله ، فلا تكونوا من أعوان الباطل و رجاله ..
رفضت أختنا الصابرة هند أن تخضع لقرار بإخضاعها لدورة المواطنة ، أو دورة ( الحيونة ) سمها كما شئت ، فإنما تهدف لنزع القيم الإنسانية العالية عن هذه المرأة الطاهرة و عن ما تبقى منها في المجتمع كذلك ، و استبدالها بأخرى ملؤها الدياثة و الحيوانية ، بل إن أصنافاً من الحيوان تأباها فلعلها تحتاج لدورة مواطنة في بلاد الفرنجة .
و الآن أختكم هند أحماس ، تودع في السجن دفاعاً عن الإسلام وحيدة بعد أن وقفنا بين خاذل و مُخذل ، فأي أسطورة أنت يا هند ، و أي لعنة تلك التي حلت على رجالنا فباتت النساء أكثر منهم مروءة و حرقة ..
تلك إذاً هي قضيتنا ، حقٌ علينا أن نتفاعل معها سريعاً ، و إلا فإن التاريخ لن يرحمكم ، و ستكونون دوماً شَرَّ قوم خذلوا دينهم و عرضهم ، إليك يا أُخَيَّة أهدي ما خَطَطت بقلبي لا بيدي ، و نسأله سبحانه أن يُمكِنَنَا من نُصرَتِك بما شاء ، و الله المستعان على ما يصفون ..
أخوكنّ الغيور عليكنّ : عاشق الحور المقدسي