بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً كما يحب ربنا ويرضى.. والصلاة والسلام على من ارتضاه ربّ العالمين لنا نبياً ورسولاً وهادياً ومبشرا.
وبعد أختي الحبيبة.. إن من نعم الله سبحانه وتعالى عليك أن اختصك بالإسلام الذي فيه سعادة الدارين، ووهبك الذرية الصالحة جعلهم الله قرة عين لك ، وجعل الذرية طريقاً موصلاً إلى جنة عرضها السماوات والأرض إن استشعرت المسؤولية في تربيتهم ، وأديت الأمانة في وقايتهم من النار ، وبذلت الجهد في النصح لهم وتبصيرهم بما ينفعهم.
ولقد شاركت الأسرة في تربية أولادها عناصر كثيرة لعل أبرزها وأكثرها خطراً وسائل الإعلام المختلفة التي تلقى قبولاً لدى الناشئة. حيث يتلقى الطفل الإعلام بعفوية تامة، ويتفاعل مع ما ينقله من مضمون ثقافي بسذاجة واضحة، وهو أكثر أفراد المجتمع استجابة لمعطياته، ووقوعاً تحت تأثيره. والإعلام بهذه الصفة من أهم الوسائل تأثيراً على تربية الطفل وبنائه الثقافي، وأشدها مزاحمة للأسرة والمدرسة على وظيفتهما التربوية والثقافية.
واستحوذت تقنيات الاتصال والإعلام على الاهتمام والمتابعة المكثفة من جميع شرائح المجتمع وخاصة النشء من التلاميذ وطلاب المدارس بمراحل التعليم المختلفة الذين أصبحوا يداومون على متابعة وسائل الإعلام المتعددة وخاصة القنوات الفضائية التي أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً للهوية الحضارية والثقافة الإسلامية حيث تؤثر في الثوابت الإسلامية كالدين والعقيدة والأخلاق واللغة والعادات الأصلية من خلال ما تبثه من برامج لا أخلاقية.
واستشعاراً بأهمية دور الأسرة في المحافظة على النشء ووقايتهم من آثار الإعلام السلبية كانت هذه المحاضرة للتبصير بهذه الآثار ولاقتراح بعض الحلول التي تسهم في بناء جيل إسلامي يستشعر مهمته التي خلقه الله لأجلها.
لقد وضع الإسلام أمام الوالدين المنهج القويم في توجيه أولادهم وتربيتهم والقيام بواجبهم وحقهم، ومن مبادئ هذا المنهج:
1-الوقاية الكاملة من كل ما يسبب لأولادهم ولأنفسهم غضب الله امتثالاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم.
2- استشعار المسؤولية نحو من لهم حق التوجيه والتربية ليقوم المربي بأداء المهمة والأمانة على أكمل وجه وأنبل معنى تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..... "البخاري.
وبناء على هذه المبادئ الإسلامية والمناهج التربوية يجب على كل أم وأب أن يبذلا قصار مافي وسعهم من النصح والمتابعة و التربية الجادة وعدم إهمال الأولاد في مشاهدة وسائل الإعلام الضارة ومنعهم من كل ما يضر بعقيدتهم وأخلاقهم . وسنعرض في إيجاز إيجابيات وسلبيات وسائل الإعلام المختلفة:
الآثار الإيجابية لوسائل الإعلام :-
1- تقوم وسائل الإعلام الحديثة بنقل ثقافات الشعوب المختلفة ,مما يتيح للمشاهد التعرف عليها .
2- تنقل وسائل الإعلام آخر الاكتشافات العلمية التي توصل لها الإنسان في مختلف أنحاء العالم.
3- من أهم مميزات (وسائل الإعلام ) متابعة أهم الأحداث العالمية مثل الحروب , وحوادث الزلازل , والبراكين, والفيضانات , وانتشار المجاعات والأوبئة , التي تهدد الصحة العامة في أي مكان في العالم .
4-نقل العلوم الشرعية التي يحتاجها المرء وذلك من خلال نشر وبث المحاضرات والدروس العلمية والبرامج الدينية المهمة.
5-تثقيف المجتمع بالأمور التربوية التي يحتاجها من خلال برامج الاستشارات التربوية والطبية والاجتماعية.
الآثار السلبية لوسائل الإعلام : -
آثار وسائل الإعلام السلبية التي تنعكس على الفرد المسلم لا تقتصر على جانب واحد بل تتعدى ذلك إلى جوانب عديدة :-
1- الإعتقادية ( الدينية )
2- الأخلاقية
3- الاجتماعية
4- الأمنية
5- الصحية
أولاً: الأثر الإعتقادي :-
• من أخطر ما تحمله القنوات الفضائية ببرامجها المتنوعة زعزعة العقيدة الإسلامية في نفوس كثير من الناس باستخدام وسائل وأساليب متعددة الغرض منها الهجوم على الإسلام حيث تصور للمشاهدين أن الدين الإسلامي دين تخلف وجاهلية .
• تقوم بعض أجهزة الإعلام ببث الآراء والأفكار العقدية غير الصحيحة لخلق نوع من المشاكل والتشويه على أفكار الشباب ومحاولة اقتلاع أسس العقيدة والشريعة الإسلامية من نفوس المسلمين.
• كما أن انتشار قنوات الدجل والخرافة والسحر والشعوذة والكهانة المنافية لعقيدة التوحيد تؤثر على ضعاف الإيمان فيعتقدون بأن هناك من يماثل الله . ( الذي ليس كمثله شيء ) في قدرته كشفاء المرضى وتحقيق الأمور المطلوبة وما إلى ذلك , وبهذا يقع الناس في حبائل الكفر والإلحاد بطريق مباشر أو غير مباشر.
إضافة إلى أن هذه القنوات تعمد إلى هدم البناء الإسلامي وتشويه صورته بالطعن في تعاليمه وتشريعاته وتحقير سلوكيات المسلمين.
• التشكيك بالثوابت والكليات من خلال السماح للبعض بطرح أفكار تناقض كليات الدين تحت شعار احترام الرأي الآخر.
ثانياً : الأثر الأخلاقي السلوكي :-
من خلال مشاهدة القنوات الفضائية يتعرف المشاهد على سلوكيات وأنماط حياة تختلف تماماً عمّا ألفه ونشأ عليه في المجتمع الإسلامي مما ينجم عنه آثار سلبية على أبناء المجتمع الإسلامي.
يمكن إيجازها فيما يلي :-
1- الترويج للخمور والمسكرات والتدخين :
فكثير من الأفلام تربط بين الضيق والضجر وشرب الخمر والتدخين فمثلاً إذا صادف الإنسان مشكله أو كارثة أو فشل في تحقيق طموحاته اتجه إلى البار وأخذ يشرب ويدخن وهذا يرسخ في ذهن الطفل والناشئة أن الاتجاه إلى الخمر والتدخين هو الحل المناسب للمشكلات وكذلك تروّج هذه الأفلام وتدعو الشباب إلى التدخين عن طريق الإعلانات التجارية وتصوير رجال الأعمال وكبار الشخصيات وهم يدخنون مما يدعو المشاهد للربط بين المنصب الكبير والوجاهة والتدخين .
2- إثارة الغرائز الجنسية :-
لا تخلو الأفلام المعروضة عبر القنوات الفضائية من الإثارة الجنسية للجنسين حيث أنها تتضمن مشاهد فاضحة تصور العلاقة بين الرجل و المرأة عند الخلوة ببعضهما وفي هذا خدش لحياء المسلم.
إضافة إلى دعوة صريحة للشباب بتكوين علاقات مع فتيات تعرض صورهن من خلال القنوات .
إضافة إلى الإعلانات التجارية وما يصاحبها من إثارة جنسية وخصوصاً عند الإعلان عن الروائح العطرية سواء للرجل أو المرأة.
3- إثارة الدوافع للسلوك العدواني :-
إنّ مشاهدة الأطفال للأفلام والمسلسلات التي تتضمن سلوكاً عدوانياً تكسبهم هذا السلوك حيث أنه ليس وراثياً , كما أنه قد يثير الدوافع العدوانية عند الأطفال الذين لديهم ميل لذلك.
4- السفور والاختلاط بين الجنسين :-
تعتمد جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج المقدمة في القنوات الفضائية على الاختلاط بين الرجل و المرأة ممّا يشكل خطراً كبيراً على أبناء المسلمين حيث إن ذلك يتضمن دعوة صريحة إلى التخلي عن الحجاب والتبرج ومجالسة الرجال سواء من الأقرباء أو الغرباء , ومعظم هذه الأفلام والبرامج يدعو إلى تكوين الصداقات بين الرجل و المرأة وإلباسها ثوب البراءة . فلا بأس من أن تتخذ الفتاة صديقاً لها تشكي إليه همومها , وتبثّ إليه أحزانها , وتذاكر معه دروسها وكذلك الأمر بالنسبة للفتى .
ومن الأمثلة التي تحرض على الاختلاط المسابقات المختلطة من مدرسية وغيرها , وتصوير النشاطات الرياضية التي تشترك فيها البنات مع الشباب، وتصوير الرحلات واللقاءات والنشاطات المشتركة , ويتم تصوير ذلك كله بطريقة ماكرة خبيثة فتقربه للنفس البشرية وتزينه لها وتحببها فيه .
5 - تعويد المشاهدين على عدم غض البصر :-
قال تعالى : {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } (30) سورة النــور
وفي هذه الآية أمر صريح للمؤمنين والمؤمنات بغض البصر , ولكن من خلال المشاهدة المتكررة لبرامج التلفزيون أصبح الأمر عادة وكأنه شيء طبيعي فتنظر المرأة إلى الرجل وتطيل النظر , بحكم متابعة المسلسل أو الفيلم وكذلك الرجل ينظر إلى المرأة التي تقدم بأداء الدور وهي في كامل زينتها أو في ثياب تكشف عورتها ولا يغض البصر ومع تكرار هذا الفعل سيموت الإحساس الإيماني عند كل منهما .
ثالثاً: الأثر الاجتماعي :-
إن تأثير القنوات ووسائل الإعلام على النشء قد يأتي في معظم الأحيان بتغيرات في سلوكهم بصورة سلبية تنعكس على عاداتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وتتمثل سلبيات القنوات الفضائية على الجانب الاجتماعي فيما يلي :-
1-إضاعة الوقت خصوصاً عند الأطفال حيث أن مشاهدتهم تبعدهم عن ممارسة أي نشاط كما أنها تقلص رغبة الأطفال في القراءة وتبعدهم عن ممارسة اللعب والرياضة وغيرها من الهوايات التي يمكن أن يمارسوها مع الأهل والأصدقاء والتي يتم من خلالها تفريغ الطاقة الموجودة لديهم في أعمال نافعة .
ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة عدم الاهتمام بضياع الوقت وجود القنوات حيث أصبحت برامجها تشغل الكبار و الصغار على السواء وأصبح الجميع يعتاد السهر أمام شاشة التلفزيون لمتابعة البرامج وفي هذا إهدار لأغلى وأثمن شيء في حياة الإنسان وهو الوقت الذي هو الحياة وسوف يُسأل عنه عندما يحاسبه الله عن عمره فيما أفناه وضيعه وعن شبابه فيما أبلاه .
2-تسهم القنوات الفضائية في قطع العلاقات الاجتماعية :
يقول : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " صحيح مسلم.
يتضمن هذا الحديث معاني جليلة توضح مدى العلاقة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض والتي تتميز بالود والتعاون والتضامن والتكامل والتآزر فيما بينهم , ولكن مع المستجدات الجديدة التي دخلت إلى المجتمع الإسلامي , بدأت هذه المعاني السامية بالاضمحلال وذلك بسبب استغناء العائلات والأفراد بالقنوات الفضائية والانشغال بمتابعة البرامج عن القيام بالزيارات للأهل والأقارب , ولاشك أن لهذا أثراً كبيراً في تفكك العلاقات بين الأسر والأفراد وبالتالي تفكيك أوصال المجتمع وتمزيق وحدته.
3-إغراء المرأة والرجل المسلم بتقليد الأزياء والموضات التي لا تتلائم مع مجتمعنا.
ويمكن إجمال التأثير على الجانب الاجتماعي بما يلي :-
1- التقليد الأعمى في قصات الشعر وارتداء الملابس التي لا يقبلها الذوق العام وفيها معارضة لديننا الإسلامي الحنيف وتوجيهاته الواضحة في اللباس والزينة .
2- انتشار شكاية عقوق الوالدين , وعدم وجود من يقضي حاجات البيوت , وإهمال حقوق الجيران .
3- عدم احترام الكبار وعدم مراعاة أصول المخاطبة .
4- الدعوة إلى تساوي الحقوق بين الرجل والمرأة والمطالبة بالحرية تأثراً بأسلوب الحياة في مجتمعات لا تلائم حياتنا العقدية والاجتماعية.
5- اهتمام الإنسان ببناء نفسه مادياً وإهمال ماعدا ذلك حيث أصبح بناء العلاقات بين الناس على أساس المصالح الشخصية والمنافع المادية .
6- انخفاض مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ والتكاسل عن القيام بالأنشطة التعليمية.
رابعاً: الأثر الأمني:-
1- انتشار الجريمة :-
تعمل القنوات بما تبثه من مسلسلات وأفلام على نمو الجريمة في المجتمع والمتفحص في الأفلام يجد أنها تتضمن أساليب خطيرة تنفذ بتقنية عالية جداً من خلالها يتعلم الأشخاص الذين لديهم استعداد لارتكاب الجريمة كيفية التنفيذ وذلك من خلال مضمون هذه الأفلام .
أوضحت إحدى الدراسات أن الطفل الذي يشاهد القنوات27 ساعة في الأسبوع سيشاهد (100) ألف عمل من أعمال العنف من سن الثالثة حتى العاشرة .
وعلى سبيل المثال أجريت عدة دراسات حول تأثير برامج العنف والجريمة عقب انتشار القنوات التلفزيونية الخاصة وأشارت معظم هذه الدراسات على أن هذه البرامج أسهمت بصورة مؤثرة في زيادة الميل إلى الجريمة خاصة بين أوساط الأطفال والشباب .
2-انتشار المخدرات :-
إذا كانت الأفلام التي تصنع لتعالج قضية المخدرات هدفها تحذير الشباب من هذا المنزلق , فإنها وبلا شك ساعدت على انتشار هذا الخطر بتعليم الشباب كيفية الشم وكيفية تعاطي هذه المخدرات بالاعتماد على النفس كضرب الإبر . وأكدت مفهوماً آخر وهو أن التجارة في هذه السموم هو أقرب الطرق للكسب ولتحقيق الرفاهية، أضف إلى ذلك أنها أكسبت تجار تلك السموم الطرق المختلفة التي يتم بها توزيع وتهريب المخدرات
خامساً: الأثر الصحي:-
تتمثل أبرز الآثار الصحية للاستخدام السلبي للأجهزة الإعلامية في انحناء الظهر وضعف البصر، وأحيانا مشاكل تتعلق بالنطق والتعود على الكسل والمساعدة على السمنة والإصابة بالخمول والكسل .
دور الأسرة في مواجهة آثار الإعلام :-
أهمية دور الأم في الأسرة :-
لاشك أن لدور الأم في الأسرة أهمية كبيرة فعليها تقع مسؤولية إدارة المنزل بمن فيه كرعاية الزوج والاهتمام به وتربية الأولاد وتوفير المسكن الهادئ المريح لكليهما , ومن خلال الأم يتشرب الطفل القيم الإسلامية والأخلاق الحسنة وذلك بحكم التصاقه بها أكثر من غيرها منذ ولادته ويتوقف ذلك على مدى صلاحها وقوة إيمانها .
والأساس الذي تبنى عليه سعادة الفرد في أسرته بعد تقوى الله عز وجل زوجة صالحة تعين على الخير وتتميز بالدين والصلاح والتقوى .
وللأسرة الدور الأكبر في الحد من الآثار السلبية للوسائل الإعلامية فتتحمل مسؤولية مراقبة الأبناء وتربيتهم تربية إسلامية سليمة فيجب ألا تتيح لهم فرص مشاهدة برامج العنف والانحلال والعبث والترفيه اللامشروع والتي تبثّ على شاشات القنوات الفضائية.
كما أن على الآباء والأمهات واجب حسن توجيه وإرشاد أبنائهم لمشاهدة ومتابعة البرامج الجيدة والهادفة، وسنستعرض بعض الحلول والمقترحات مع إفراد فصل خاص للتحصين نظراً لأهميته في الوقاية من الآثار السلبية للوسائل الإعلامية.
حلول ومقترحات لمواجهة آثار الإعلام السلبية:
1-التوعية الصحيحة والجادة لأولياء الأمور بالتأثيرات السلبية لوسائل الاتصال الحديثة على أبنائهم وعلى المجتمع، فالبيت هو الأساس الأول الذي يجب الانطلاق منه لمواجهة تلك التأثيرات الخطرة التي تهدد أخلاقيات ومعتقدات وثقافة وصحة النشء، ومهما بذلت مؤسسات المجتمع الأخرى من جهود لمواجهة تلك المشكلات، فلن تؤتي ثمارها المرجوة منها دون دعم ومساعدة أولياء الأمور، وحسن تربيتهم لأبنائهم تربية تعينهم على التمييز بين الخبيث والطيب المطروح في تلك التقنيات الاتصالية والإعلامية الحديثة.
2-إيجاد وتوفير البديل مثل القنوات الإسلامية وأشرطة الفيديو المنتقاة.
3-توعية النشء من خلال الندوات والمناظرات التوعوية بسلبيات ما تبثه وسائل الإعلام الحديثة من أفكار ومضامين خفية تتنافى مع قيم مجتمعنا المسلم.
4-تنمية وعي الُمشَاهدة لدى النشء لمعاونتهم على انتقاء وتقييم البرامج التي يشاهدونها.
5-تعميق مسؤولية الناشئة لتحمل تبعات سلوكياتهم بعقلانية واستقلالية دون إشعارهم بالتبعية أو الدونية.
6-تنمية رقابة الضمير لدى الناشئة بالتثقيف والتربية والتوجيه المناسب.
7-ترشيد الأسر ( ولا سيما رب الأسرة ) لاستخدام تقنيات الاتصال والإعلام بانتقاء البرامج، والوقت المناسب لمشاهدتها، والمدة الزمنية للمشاهدة.
8-تفعيل الدور التوعوي للمدرسة بشأن الآثار الناجمة عن سوء استخدام تقنيات الاتصال والإعلام، والانعكاسات السلبية للبرامج الإباحية والطرق المثلى لاستخدام تلك التقنيات.
9-يجب أن ينمى في الصغار والكبار التقوى والحياء وخشية الله سبحانه وتعالى في السر والعلن.
10- تنشئة الناس على القيم الإسلامية الفاضلة، وعلى تنمية الفطرة السليمة.
11-أن لا يغفل جانب الدعاء، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر.
12- يجب أن تحرص الأسرة على إرشاد وتوجيه أبنائها لما يصلح لهم ويفيدهم من البرامج لمساعدتهم في الارتفاع بمستوى مداركهم وأذواقهم لتكون لديهم القدرة على تقييم البرامج التي يشاهدونها.
13- أن يحرص الأبوان على عدم ترك أبنائهم أسرى لما يشاهدونه من برامج في القنوات الفضائية، بل يجب أن يحرصوا على مشاركتهم ومناقشتهم فيما يشاهدونه تعليقاً ونقداً ليتسنى لهم تصحيح المفاهيم الخاطئة التي تتضمنها بعض البرامج.
14- يجب أن تحذر الأسرة من مشاركة التلفاز في تربية أبنائها خصوصاً في ظل غياب الأبوين عن المنزل تحت أي حجة كانت، وأن تحرص الأسرة أن تكون متابعة أبنائها للبرامج التليفزيونية تحت رقابتها ووفق الضوابط التي تراها لا تخل في عملية التربية التي تقوم بها.
15-تكوين الحصانة في نفوس الناشئة، وهي أهم الحلول.
أهمية الحصانة :
يشهد العصر الحالي تطوراً هائلاً في مجال التكنولوجيا والاتصال ولعل أكثرها شيوعاً استقبال البث المباشر بواسطة اللاقط الهوائي ( الدش) .
ولا يخفى علينا جميعاً أن ما تبثه تلك القنوات يخالف في مجمله الدين الإسلامي ويخالف ما نشأنا عليه من قيم وعادات وتقاليد مستمدة من شريعتنا الإسلامية مما يجعلنا نشعر بالخطر الجسيم المحدق بنا , وحرصاً على سلامة الفطرة النقية لأبنائنا وإبعادهم عن البرامج الهابطة التي تخاطب الغرائز وتخالف الدين, تقع على الوالدين مسؤولية كبيرة في التربية , وفي تحصينهم منذ الصغر بالدين الإسلامي ليتمكنوا من مواجهة هذا الخطر .
فعن طريق التربية الإسلامية الصحيحة نستطيع أن نربي النشء المسلم على قواعد تربوية متينة تمكنهم من مواجهة خطر الإعلام بحيث يستطيع أن يميز بين ما هو ضار وما هو نافع وبالضمير الحي لن يسمح لنفسه بمشاهدة أو سماع ما يخالف الدين وبذلك يكون الأمر الأساسي هو تكوين الحصانة في نفوسهم .
مفهوم الحصانة من خلال جوانب التربية الإسلامية للطفل :-
1- التربية الإيمانية
2- التربية الاجتماعية
3- التربية الخلقية
التربية الإيمانية :-
كل مولود يولد على الفطرة يقول الله تعالى : { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } (30) سورة الروم
وورد في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " رواه البخاري ومسلم.
إن الله سبحانه وتعالى جعل فطرة الطفل مهيأة لقبول الدين الإسلامي وهذه الفطرة تحتاج إلى من يقودها إلى الطريق الصحيح لتستقيم ولا تضل ولا تنحرف وتقع مسئوولية ذلك على الوالدين باعتبارهما البيئة الأولى التي تتلقى الطفل فيجب أن يعملا على تكوين الحصانة الداخلية لدى الطفل عن طريق غرس وتكوين العقيدة في نفسه وذلك يتحقق بالاعتماد على عدة أسس :-
1- تنشئة الطفل على محبة الله تعالى والخوف منه .
2- غرس حب النبي في نفس الطفل .
3- تعليم الطفل القرآن والحث على حفظه .
4- الثبات على العقيدة .
الأساس الأول : -
تنشئة الطفل على محبة الله والخوف منه :-
إن من أهم العواطف التي يجب تكوينها في نفس الطفل عاطفة الحب لله والخوف منه , حيث أنها من أقوى الدوافع إلى الالتزام بالسلوك الإيماني , ومن أقوى السبل في تكوين الحصانة حيث أن الإنسان دائماً يطيع من يحب , ويتجنب الأفعال التي تغضبه ومتى شعر الطفل بتلك المحبة لله تعالى والخوف منه في نفسه , كانت دافعاً له على الدوام على فعل الطاعات وترك المنكرات , وعلى الوالدين أن يقوما بتعويده على أداء العبادات التي هي عبارة عن امتثال لأوامر الله .
ولتكوين عاطفة حب الله سبحانه وتعالى عند الأطفال عدة وسائل منها:
أ-بيان حاجة الطفل الدائمة إلى الله، على أساس أن الأمور والأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، وترسيخ الاستعانة بالله واللجوء إليه في حل المشكلات التي تصادفه في حياته.
ب-الجمع بين الترغيب والترهيب، وهذا الأسلوب من أعظم أساليب التربية وأعمقها في النفوس، قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} (49) (50) سورة الحجر.
ومن المهم أيضاً استشعار الطفل بمراقبة الله تعالى في كل وقت وممارسة العبادات طريق إلى درجة الإحسان الذي هو استشعار العبد بمراقبة الله سبحانه وتعالى دائماً في كل حركاته وسكناته. ويترتب على هذا الأمر تكوين الضمير الحي في نفس الطفل مما يساعد على تحصينه ضد المؤثرات الخارجية المحيطة به.
الأساس الثاني :-
غرس حب النبي في نفس الطفل :-
وهذا سبيل آخر لتكوين الحصانة الداخلية في نفس الطفل حيث أن حب النبي يستوجب الاقتداء به واتباع سنته وبمحبة الرسول يتحقق الشطر الثاني من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
وعلى الوالدين تقع مسؤولية غرس هذا الأساس في نفس الطفل وهناك العديد من الوسائل التي تساعد الوالدين على غرس محبة النبي وهي:
- أن يقص الوالدان على الطفل ما ورد من قصص أطفال الصحابة في عهده وسرعة استجابتهم لندائه وتنفيذ أوامره , وقتالهم لمن يؤذيه ، وحبهم لما يحبه وحفظهم للأحاديث النبوية.
- تعليم الأطفال سيرة الرسول وأوصافه الكريمة الخَلقية والخُلقية وأن يقصّ عليه من سيرة الرسول ما يثير وجدانه مثل طفولته وبعض حياته عند حليمة السعدية وأسرتها وإغداق الله تعالى الخير والنعم على حليمة السعدية وأسرتها بسبب الرسول وليلة الهجرة وغير ذلك من الجوانب التي تظهر العناية الربانية به فتملأ قلب الطفل بحب الله وحب رسوله وقد حرص الصحابة والسلف على دراسة سيرة النبي وتلقينها لأطفالهم مع تعليم القرآن لأنها الترجمان لمعاني القرآن مع ما فيها من إثارة العاطفة , ومشاهدة الواقع الإسلامي .
- أن يحفِّظ الوالدان الطفل ما تيسر من الأحاديث ويكافأ على حفظه ومما ورد في ذلك قول الزبيري : كانت لمالك بن أنس ابنة تحفظ علمه وكانت تقف خلف الباب , فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه
وعن النضر بن الحارث قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : قال لي أبي : يا بني اطلب الحديث , فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم ، فطلبت الحديث على هذا .
الأساس الثالث :-
تعليم الطفل القرآن الكريم والحث على حفظه :-
إن القرآن الكريم يهدي إلى أوضح السبل في العقيدة وفي العبادات وفي المعاملات والفضائل والأخلاق .
ولقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم اهتماماً بالغاً بالقرآن الكريم فكانوا يجلسون إلى النبي ويأخذون عنه ما نزل من القرآن الكريم , ويقومون بحفظه وتلاوته وتدارسه فيما بينهم ولا ينتقلون من آية إلى أخرى حتى يتمكنوا من حفظها وفهمها وتطبيقها .
وقد سار السلف الصالح على المسار نفسه بعد وفاته فقد كان القاضي الورع ابن مسكين يقرئ بناته وحفيداته قال عياض : فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهم القرآن والعلم ,وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقلية . أسد بن الفرات . بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة .
ولتكوين الحصانة الداخلية في نفس الطفل يجب على الوالدين تنشئته على تلاوة القرآن الكريم واستغلال مرحلة الطفولة في تحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم فالتعليم في مرحلة الطفولة أسرع وأكثر رسوخاً من أي وقت آخر من العمر وأن يبتدئ بالسور القصيرة وتشجيع الطفل على ذلك بمكافأته بالشئ المحبب إليه وقد اهتم السلف رضوان الله عليهم بذلك فهذا صلاح الدين الأيوبي وهو في خضم المعركة يتجول في المعسكر فاجتاز على صغير بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن , فاستحسن قراءته فقرّبه , وجعل له حظاً من خاصِّ طعامه , ووقف عليه وعلى أبيه جزءاً من مزرعته .
ومما يعين الوالدين في هذه المهمة استشعار الأجر العظيم لهما في تعليم ولدهما القرآن، عن بريدة قال: قال رسول الله : " من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان: بما كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن" رواه الحاكم وقال: صحيح على شرح مسلم.
الساس الرابع:-
تربية الطفل على الثبات على العقيدة:-
الطفل المسلم اليوم في مواجهته للتحديات المعاصرة الكثيرة وللخطط والمؤامرات والدراسات التي تدبر ضده لكي تحرفه عن دين الله ومنهجه يحتاج إلى ثبات العقيدة في نفسه والتضحية من أجلها بكل ما يملك {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (214) سورة البقرة
ولذا يجب على الوالدين تحصين الطفل بالاعتقاد الصحيح ضد الاعتقادات الباطلة والتيارات المعادية للدين الإسلامي لتتكون لديه حصانة داخلية لا تجعله يتأثر بما يصادف.
وهناك وسائل عديدة يمكن من خلالها تحقيق ذلك منها: -
أن يقص القصص على الطفل مثل قصص الأنبياء وكيف صبروا على الأذى في سبيل الثبات على العقيدة، وقصص الصحابة والتعذيب الذي تعرضوا له عند إسلامهم وثباتهم عليه على الرغم من شدة العذاب الذي لقوه، وقصة أصحاب الأخدود .
التربية الاجتماعية:
إن إبراز وتحديد ملامح شخصية الطفل الاجتماعية مسؤولية الوالدين , وذلك بإكسابه القيم والعادات السلوكية الحسنة فيعرف الحق والخير , وإبعاده عن السلوكيات السيئة فيعرف الباطل والشر.
وعلى الوالدين أن يلاحظا التأثير الحاصل من جهة المجتمع الخارجي المحيط بالطفل , لأن البيئة الاجتماعية بما تحويه من مؤثرات ثقافية وإعلامية كالقنوات الفضائية ووسائل الاتصال المختلفة أصبحت شبه مسيطرة , حيث أصبح الطفل يتلقى القيم والمبادئ غير الخلقية من وسائل الإعلام ويتشربها على أنها أصول اجتماعية ينشأ عليها ويتربى دون التدقيق في مضامينها لأنه لا يملك وسائل التمييز أولاً , ولقوة العرض والجذب وأسلوب التشويق والإثارة في وسائل الإعلام ثانياً .
وسنذكر أبرز الأساليب التربوية التي تقوم بها الأسرة مستنيرة في ذلك بالتوجيهات النبوية التي تنمي الجانب الاجتماعي عند الطفل:
1- اصطحابه إلى مجالس الكبار.
كان الأطفال يحضرون مجالس النبي وكان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يحرصون على اصطحاب أبنائهم إلى تلك المجالس أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولا تحُّت ورقها , فوقع في نفسي النخلة , فكرهت أن أتكلم وثمَّ أبو بكر وعمر , فلما لم يتكلما قال النبي : هي النخلة.
فلما خرجت مع أبي قلت : يا أبتاه وقع في نفسي أنها النخلة, قال : ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا , قلت: ما منعني إلاّ أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت " رواه البخاري.
من خلال مجالسته للكبار يتعلم أدب المجلس واحترام الكبير وحسن الكلام وأدب الحوار وأمانة المجلس.
2- مشاركة الطفل في قضاء بعض حاجات الأسرة.
ينبغي على الأسرة أن تساهم في تعزيز ثقة الطفل بنفسه بإسناد بعض المهام والأعمال إليه , وتعويده على القيام بقضاء حاجيات الأسرة مما يسهم في تنمية مسؤوليته الاجتماعية، وتكوين القدرة في الاعتماد على النفس الأمر الذي له أكبر الأثر في تكيّفه اجتماعياً. حيث أن قضاء حاجات الأسرة سواء للمنزل أو لأحد الأبوين لها أثر إيجابي في نفسه، فهو يشعر بالفرح والسرور ويحاول أن يكون في الصورة التي وضعاه فيها والداه.
3- تشجيع الطفل على صلة الرحم وزيارة الأقارب .
على الأسر, أن تعلِّم الطفل وتعرِّفه على من له حق الصلة والقرابة وأن تغرس في نفسه حق الإحسان إليه وتربيته على ذلك وحيث ترشده إلى قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى }(90) سورة النحل.
وقوله الرسول " الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله " صحيح مسلم.
ومن الأساليب التربوية في تشجيع الطفل على صلة أرحامه وزيارة أقاربه اختيار الأسرة الوقت المناسب لزيارة الأقرباء والأرحام , وأن تكون الزيارة متواصلة ومتكررة دون انقطاع لفترة طويلة وتحاول الأسرة أن تبحث عن الوسائل المشوقة لزيارة الطفل لأقربائه كأن يكون بعدها الذهاب إلى مكان الألعاب للعب فيها أو شراء ألعاب وغيرها من المشوقات التي ترغب الطفل بهذه الزيارة . وأن يعلمه الوالدان آداب الزيارة والأجر المترتب عليها.
وللتنشئة الاجتماعية السليمة عدة آداب سلوكية عامة يدرب عليها الطفل .
ومن أهم هذه الآداب :
1-آداب الطعام
2-آداب الاستئذان
3-آداب السلام
التربية الخلقية:
يقصد بالتربية الخلقية مجموعة المبادىء الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الطفل ويكتسبها ويعتاد عليها وهي ثمرة من ثمرات الإيمان الراسخ فتربية الطفل على مراقبة الله والخشية منه والتوكل والاعتماد عليه والاستعانة به تجعله مقبلاً على كل فضيلة وتحجزه عن الصفات القبيحة والعادات السيئة.
وتعويد الطفل على فضائل الأخلاق في الصغر أيسر، يقول الماوردي: " فأما التأديب اللازم للأب فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الآداب ليأنس بها، وينشأ عليها فيسهل عليه قبولها عند الكبر لاستئناسه بمبادئها في الصغر؛ لأن نشأة الصغير على شيء تجعله متطبعاً له، ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيراً"
ومن الأخلاقيات التي يحرص الوالدان على غرسها في نفس الطفل لتكون بمثابة حصن يمنعه من الوقوع في الأخطاء ما يلي:
1- الصدق:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة
وعلى الوالدين أن يعلما الطفل الصدق مع نفسه قبل أن يكون مع الآخرين، وأن يكونا قدوة للطفل في الالتزام بالصدق في كل الأمور، وأن يشعراه بأن هناك رقيب تفوق رقابته رقابة الوالدين.
2- الأمانة:
وهي ضد الخيانة والسرقة، وإذا اتصف الطفل بالأمانة فإنها تجعله يعفّ نفسه عما ليس له حق به، وتدفعه إلى أداء ما عليه أو لديه من حق لغيره، ولقد حثّ الله سبحانه وتعالى عباده على التزام الأمانة، يقول تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } (58) سورة النساء
ويجب على الوالدين غرس هذا المبدأ في نفس الطفل حتى يلتزم به في جميع أقواله وأفعاله ويكون تحصين له ضد السرقة والخيانة.
3- الحياء:
الحياء: هو خلق يبعث على ترك القبيح وفعل الجميل ولقد ورد في السنة النبوية ما يدل على مدح الحياء والثناء على أهله، فقد روى مسلم في صحيحه: أن رسول الله سمع رجلاً يعظ أخاه في الحياء فقال: " الحياء من الإيمان" رواه مسلم.
ويجب على الوالدين تنمية جانب الحياء عند الطفل منذ صغره وتحبيب هذا الخلق إليه وضرب الأمثلة من سير الصحابة رضوان الله عنهم كحياء عثمان بن عفان وبذلك نستطيع تحصينه ضد سوء الأدب وانعدام الحياء في نفوس النشء.
كذلك فهناك ظواهر يحذر من الوقوع فيها والوالدان مسؤولان مسؤولية شاملة عن كل ما يتصل بإصلاح الأولاد وتقويم اعوجاجهم وترفعهم عن الدنايا وحسن معاملتهم للآخرين، وعليهما أن يجنبا أطفالهم التعرض للظواهر المنتشرة في الوقت الحاضر، وأهمها: ظاهرة الكذب ــ السرقة والسباب والشتائم والميوعة والانحلال وغير ذلك من الظواهر السيئة.
وفي الختام نؤكد أنه لا بد من تضافر جميع الجهود فكافة مؤسسات المجتمع الدينية والتعليميّة والإعلاميّة والأمنيّة والصحيّة والاجتماعية، مطالبة بمضاعفة جهودها لمواجهة تلك الآثار السلبية لتقنيات الاتصال والإعلام الحديثة، وتوعية جميع أفراد المجتمع بها ولن تثمر هذه الجهود منفردة بل يجب أن تتكافل وتدعم بجهود أسرية واعية نسأل الله سبحانه وتعالى السداد والتوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
المصدر/ وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية , الإدارة العامة للتوعية الإسلامية