تناقلت وسائل الإعلام خبر تطاول جديد على شخص النبي صلى الله عليه وسلم وعلى دين الإسلام، والمجرمة هذه المرة امرأة تدعى "سوزانا فينتر" (Susanne Winter)؛ مرشحة حزب الحرية النمساوي عن مدينة جراس جنوب شرق النمسا، والحزب المذكور حزب يميني ليبرالي معروف بتطرفه وميوله العنصرية الرافضة لما يسمى بالهجرة وقد أظهر عداءه للإسلام، وقد كانت النمسا تعد دولة محايدة تلعب دور الوسيط بين الغرب والشرق إلى حين انضمام هذا الحزب عام 2000م للائتلاف الحاكم، وقد أضر كثيراً بعلاقات النمسا الخارجية حتى إنّ الاتحاد الأوربي فرض عقوبات على النمسا إلى حين خروج هذا الحزب من الحكم. غير أنّ شعبية الحزب منذ عام 2000م وحتى الانتخابات الأخيرة في تزايد مطرد وقد بلغت نسبة تمثيله في البرلمان 11% بعدد 21 مقعداً لنوابه ومنهم هذه المرأة. وقد أيدها الحزب على لسان رئيسه هاننز شترايخر (Heinz-Christian Strache)، وعندما زرت الموقع الرسمي للحزب بعد تنامي الأنباء بما قالته، وجدت على صفحته الرئيسية ثلاثة أخبار تتضمن تأييدها والذب عنها من قبل الحزب. كان أولئك ـ المرأة وحزبها ـ هم المجرمون أيّها السادة! أمّا الجريمة فمجملها الإساءة المتكررة المتعمدة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، وإلى دين الإسلام. وأقف هنا مع إساءة صدرت من المذكورة، ونراها تتكرر بعد حين وآخر من قبل غربيين تحررين أو كما يقال ليبراليين كهؤلاء أو متدينين كجيري فاينز وأمثاله. ألا وهي تهمة الشذوذ والتعدي على القصر. وقبل البدء بنقاش هذه التهمة من الناحية العقلية والقانونية ينبغي أن نعلم أنّ النمسا تبيح وفقاً لقانونها ممارسة الجنس من سن ستة عشر سنة وقد تأذن فيه لمن كان في سن الرابعة عشرة لمن يكبره بسنتين! والعجيب في هذا أنّها تزعم أنّ من كانوا دون ذلك قد لايدركون مخاطر الاتصال ولهذا منعته، ولو صحت تلك العلة لما سوغوا لبنت الأربعة عشر عاماً أن تواقع من لا يعي المخاطر! وكان الأجدر بهم أن يسوغه مع من يعيها ولاسيما إن كان زوج يتحمل تبعاتها. وأياً ما كان فقانون النمسا يجرم ويحرم ما سوى ذلك، وقد يبدو لضعيف الرأي أنّ هذا القانون لا كبير إشكال فيه، أمّا من أمعن النظر فسوف يعلم أنّ هذا هو الشذوذ بعينه وأن "سوزانا" رمتنا بداء بني جلدتها، فهم ينصون على أنّ الاتصال الجنسي لمن كان في إطار السن القانوني، جائز سائغ، ولو لم يكن ثمَّ زواج! بل ولو كان رجل يسافح رجلاً، أو امرأة تساحق امرأة، أجلكم الله عن حياة لا ترضاها البهائم! ولك أن تعجب هنا من حزبٍ الشذوذُ قانون بلده يجرم غيره بحجة التعدي على القصر! إنّ كثيراً من الأحزاب الليبرالية الغربية تدعو جهاراً نهاراً إلى إباحة الشذوذ، ومن المفارقات أنّ النائب المتطرف بالبرلمان الهولندي ورئيس حزب الحرية هناك: جيرت فليدرز (Geert wilders)، صاحب الموقف المشهور في الدعوة إلى منع القرآن وتحريم الإسلام في هولندا، كان يصرح أثناء تصريحات "سوزانا" هذه بأنّه سوف يخرج فيلماً يبين فيه "كيف يحض القرآن على التعصب ضد النساء، والمثليين"، فهذا يهاجم الإسلام ونبيه لأنّه يمنع الشذوذ الذي يريدون، بينما تتهم هذه أهل الإسلام ونبي العالمين بالشذوذ، فتأمل تناقضها الذي لاينسجم حتى مع دعوات الأحزاب الليبرالية كحزبها حزب الحرية! بل ولا بمطالب دعاة الحرية على ما سيأتي. وإذا كانت سوزانا تقول: "كيف لإنسان سوي أن يتزوج طفلة في مثل هذا العمر ألا يعد ذلك شذوذاً حسب مفهوم اليوم وقسوة منه"، فنحن نقول وماذا تسمين ما يبيحه قانونك من إتيان الذكران للذكران، والنساء لمثلهن؟ هل من شذوذ أعظم من أن ترين ذلك شيئاً عادياً؟! نعم إن شريعتنا الإسلامية تبيح عقد النكاح ولو لطفل من قبل وليه على طفلة من قبل وليها إن رأيا المصلحة في ذلك، وتبيح أن يعقد البالغ على الصغيرة، وليس في هذا نوع شذوذ، ولا قسوة اللّهم إلاّ إن كانت المرأة الصغيرة لا يوطأ مثلها، أو كان الوطء يؤذيها، ووطئها العاقد، فهذا إضرار بها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نهت عنه قبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة، بل منعت ممّا يؤذي المرأة القوية البالغة كالإتيان حال الطمث قبل التطهر، والإتيان في الدبر، الذي تقره القوانين قوم السوء الكافرين، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يقارف الأذى بنفسه أكمل النّاس عقلاً وخلقاً صلى الله عليه وسلم. إنّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بعائشة وهي بنت ست سنين لكنه لم يبن بها إلاّ بعد أن بلغت مبلغاً أيصلح أن تكون فيه ذات بعل، وكان ذلك بالنسبة لتكوين أم المؤمنين عائشة وهي في سن التاسعة. وأي عقل عند من منع من الاقتران بالحلال بين رجل وامرأة بلغت مبلغ النساء لا لعلة معتبرة؟ ثم يبح الشذوذ بين مثليي الجنس؟! ومن زعم أنّ عائشة لم تكن قد بلغت ذلك المبلغ أو أنّ الضرر لحقها فقد غالط بوهمه الفاسد حقائق التاريخ المثبتة. ولعل هذه واحدة من فوائد نقل الأخبار في غيرتها عليه صلى الله عليه وسلم، وفي حرصها على ليلتها منه. ومع ذلك تقول المجرمة النمساوية: " اقتران محمد بزوجته عائشة وهي في سن صغيرة يعتبر وفق معاييرنا المعاصرة تعدياً جنسياً على الأطفال". ولنقف مع هذه الكلمة لتعرف أي درك من التخبط والضلال يقع فيه من خالف شريعة رب العالمين، فيذهبون في التشريع إلى أهواء متباينة يخالف بعضها بعضاً. إنّ مسألة الشذوذ والتعدي على القصر تضطرب الدول الغربية فيها اضطراباً كثيراً، فتضع كل واحدة منها سناً قانونية لجواز الاتصال الجنسي، وقد يتغير القانون حيناً بعد حين بحسب ضغوط المجتمع، وقد يكون في الدولة الواحدة أكثر من قانون متباين، فالنمسا يعتبر قانونها سن الرضا ما بين أربعة عشر إلى ستة عشر عاماً في الجملة، أمّا الولايات المتحدة الأمريكية فلم تضع قانوناً عاماً بل لكل ولاية قانونها الذي تعتبر فيه سناً يجعل الرضا بالاتصال الجنسي لايدخل في نطاق الغصب أو الممنوعات، والمقصود بالاتصال الجنسي عندهم الشرعي أو الفجور بالزنا، أو بين الذكر والذكر! أو بين الأنثى والأنثى!! غير أنّ هذين الأخيرين شذوذ لا يشرع في كل الولايات الأمريكية وإن شرع في كثير من دول العالم الذي يسمونه متحضر كالنمسا وهولندا. والشاهد أن ولاية كارولاينا الجنوبية على سبيل المثال تأذن قوانينها في الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى إن بلغت الأنثى أربعة عشر عاماً من عمرها. وفي كثير من الولايات لا يمثل الاتصال الجنسي من سن الرابعة عشر فما دون جرماً إذا كان الفارق بين المتصلين عشر سنوات فأقل. ومع ذلك يطالب بعض الليبراليون بأن يكون السن القانوني لممارسة الجنس بالتراضي بين القصر هو عشر سنين، وكثيراً ما يذكر دعاة هذا الاتجاه قصصاً وأخباراً واقعية على سبيل التندر بها على مفارقات القضاء، وبإمكان الباحث أن يجد مقالات غربية عديدة على شبكة الإنترنت في هذا الشأن. أما الدول الأخرى فكثير منها يجيز الاتصال الجنسي عند بلوغ الفتاة الرابعة عشر من عمرها ولن أسرد أسماء الدول فالقائمة طويلة، وأذكر دولاً أخرى غربية وشرقية وأفريقية يجوز وفقاً للقانونهم الاتصال الجنسي من حين بلوغ سن الثالثة عشرة كإسبانيا، والأرجنين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وقبرص، وبركينافاسو، ونجيريا، وغيرها كثير. بل إنّ القانون الكندي ـ في الجملة ـ والفلبيني والبنمي والمكسيكسي لا يمنع من ذلك في سن الثانية عشرة. وكثير من الدول الإسلامية لا تقيد جواز الاتصال الجنسي بعمر، بل وحتى الدول الغربية كقرين لاند الجزيرة التابعة للإدارة الدنماركية والتي منحت حكماً ذاتياً عام 1978م، وكذلك نيكراجوا بأمريكا الوسطى، وساموا الأمريكية، وسانت مارتن الجزيرة الاستوائية المقسمة بين فرنسا وهولندا، وجزيرة توفالو الواقعة بالقرب من أستراليا رابع أصغر دولة في العالم وقد كانت تابعة لبريطانيا، وفي آسيا كوريا الشمالية، وفي أفريقيا ليسوتو (مملكة داخل اتحاد جنوب أفريقيا)، وموزمبيق، وغيرها كل هذه لم تحدد سناً دنيا. فما الذي جعل النمسا قاضية على تصرفات العالم وفقاً لقانونها القاصر؟ ولم لم تعتبر هذه الدولة بكم الجرائم الجنسية المسجلة فيها تحت بند القصر، فتقر أنّ الرغبة الفطرية قد تنشأ عند من كان دون سن الرابعة عشرة التي فرضوها؟ علماً بأنّ بعض الإحصاءات الغربية تفيد أنّ بين كل عشرة قصر من المراهقين ثلاثة يمارسون نشاطاً جنسياً! وفي إحصائية نمساوية ذكر أنّه يتم البلاغ عن خمسمائة حالة اعتداء جنسي على القصر سنوياً، أمّا الدراسات فتقدر وقوع ما بين عشر إلى خمس وعشرين ألف حالة في العام الواحد، وذلك نظراً لأنّ أكثر الحوادث لا يتم الإبلاغ عنها وفقاً للدراسات المسحية والاستبيانات، وإذا كان هذا شأن الاعتداء فكيف إذا جمعنا إليه حالات التراضي؟ ثم إنّ محاكمة النمسا وفقاً لقوانيين دولاً أخرى وأعرافها يقضي بأنّها شاذة جنسياً لو أخذنا بمنطق "سوزانا"، فإنّ السن القانونية لممارسة الاتصال الجنسي في دولة مدغشقر مثلاً هي واحد وعشرين عاماً سواء للرجال مع النساء أو للمثليين!! وفي كثير من الدول الغربية تبلغ السن القانونية ثمانية عشر عاماً، وتجرم ما دون ذلك بل تعده اغتصاباً حتى وإن كان بالتراضي، وفي دول أخرى تبلغ السن القانونية الدنيا سبعة عشر عاماً، فإذا جئنا نحاكم النمسا إلى قوانين نحو أربعين دولة غربية وشرقية وأمريكية وغيرها وكان النمساويون يوافقون على تسمية تجاوز السن القانوني شذوذاً أو تعدياً وهم يبيحونه منذ السادسة عشرة أو الرابعة عشرة، فقد حكمت عليهم بالشذوذ إذاً قوانين أكثر من خمسين دولة تقريباً! أمّا نحن فلا نلتزم ذلك ولا نعده شذوذاً ولا تعدياً ـ إلاّ بقيود ـ فلا ينطبق علينا الوصف. وإذا لم ترض حكومة النمسا بحكم أولئك ورأتهم غير قيِّمين عليها وعلى تصرفاتها، فنحن كذلك لا نرى النمسا قيمة على تصرفات غيرها! وإن كانت تعد في التاريخ الماضي دولة عظمى، ويبدو أنّ هذه الخلفية هي التي تدفع حزب الحرية للميول العنصرية والطعن في الآخرين، وينسى هؤلاء أنّ دولة الإسلام كانت أعظم! ولا تزال كذلك بقيمها. ومن ذلك حكمها في مثل هذا الشأن فإنّ الصواب الذي دل عليه العقل ما قضى به الشرع الإسلامي، فالمُرْضِي للفِطَر والمُشْبِع للغرائز بأمثل السبل ضمن خضم هذا الاضطراب بين الدول في تقدير السن القانوني لجواز الاقتران بين الزوجين، هو ما جاء به الإسلام، وحاصله إباحة عقد الزواج من غير تقييد، وإباحة الوطء لمن كان مثلها يوطأ، وتحريم بل تغليظ الشذوذ الذي تجاهر بالإعلان به النمسا وغيرها. وعوداً إلى "سوزانا" قول سوزانا: "اقتران محمد بزوجته عائشة وهي في سن صغيرة يعتبر وفق معاييرنا المعاصرة تعديا جنسياً على الأطفال"، ونقل عنها فض الله فاها قولها: "إنّه تزوج عائشة وهي ابنة ست سنين فكيف لإنسان سوي أن يتزوج ويعاشر طفلة في مثل هذا العمر؟ ألا يعد ذلك شذوذاً حسب مفهوم اليوم وقسوة منه"! وبعد أن بينت مفهوم اليوم ـ الذي تدعيه ـ وواقع الدول الكافرة في هذا الشأن، والتي لا تعارض هذا كلها، وبعضها يعارضه بغير حجة ظاهرة، كما يعارض القانون النمساوي الذي تلتزم هي به. لعله من المناسب أن يزاد في البيان هنا ليعلم العاقل سفه منطق هذه المرأة وضعف رأي أمثالها ممن تفهوا بنحو كلامها، فأقول: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لمّا بنى بعائشة وهي ابنة تسع لم ينكر أحد عليه هذا ولا تكلم به المنافقون الحاضرون الذين هم في الحرص على الكيد والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم مع أنّ ذلك كان أول مقدمه المدينة، وكانت الشوكة والصولة حينها لابن أُبيٍّ وأمثاله. الأمر الذي يدل على أنّ في عرفهم ـ كما هو عرف كثير من العقلاء ـ جواز البناء بمن بلغت مبلغ النساء وإن كانت صغيرة السن. ولم يكن هذا شأن العرب وحدهم وتأتي الإشارة إلى هذا المعنى. والشاهد أنّ المنافقين كانوا أعلم بواقع ذلك الجيل، وأعرف به وبالمعهود فيه من "سوزانا" وأمثالها، ولهذا لم ينكر هذا أحد من متقدميهم بل ولا متقدمي النصارى ولا اليهود على عدواتهم وبحثهم عن كل سبيل للطعن في الرسول والرسالة. بل يقال: إن كان زواجه صلى الله عليه وسلم منكراً! فكيف يفعله من يدعي الرسالة؟ ولماذا يفتح باباً للطعن فيه مع أنّ بإمكانه لو كان كما يقولون أن يخفيه أو يستعيض عنه بمائة مملوكة لا يُدرى عن حالهن شيئاً، فالرق والتسري كان شائعاً مقبولاً عند جميع الأمم ـ أن أقول كان ديمقراطياً مائة بالمائة وفقاً لمعايير تلك العصور! ـ ولم يكن من بنيات أفكار أهل الإسلام بل هو شيء مذكور في التوراة والإنجيل! مارس أبشع أنواعه الذين لا يعترفون برب كفرعون من أسلاف هؤلاء العلمانيين الذين لايرون ديناً غير دين الملك قديماً وحكم البرلمان حديثاً! ثم إنّ اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالشذوذ وبالتعدي على القصر يذكرنا بشنشة قديمة لقتلة الأنبياء في المسيح ابن مريم وأمه، فقد اتهموها بالشذوذ في تلمودهم، فقالوا في تلمودهم: "إنّ يسوع المسيح كان ابناً غير شرعي، حملته أمه خلال مدة الحيض من العسكري بانديرا بمباشرة الزنا"، وفي كتاب صمويل الثاني يرمون داود عليه السلام بالزنا بزوجة (أُورِيَّا الحِثِّيّ) في فصل كامل عُنوِنَ له بـ (خطيئة داود وخداعه)، فقد بعث على زعمهم داود عليه السلام هذا الرجل ليموت في الحرب ويتزوج امرأته التي فجر بها، وكانت قد حملت منه، والعجيب أن في ثنايا القصة ما يبين أن (أُوريا الحِثِّيَّ) هذا الذي صوروه مظلوماً تزوج من تلك المرأة وهي طفلة (تنام في حضنه كأنّها ابنته)! ومع ذلك لم تنتقد هذه المرأة وأمثالها من هذا شيئاً وجاءوا لينتقدوا ما تقره العقول السوية! والعجب أنّهم يطعنون في نبينا لتزوجه تسع نساء ثم يذكرون لداود نبيهم الذي يعظمون في كتبهم المعتمدة ما لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عُشْره! بل يذكرون عن سليمان بن داود عليهما السلام أنّه كانت له سبع مائة زوجة وثلاث مائة محظية، فانحرفن بقلبه عن الرب! وقالوا: أولع سليمان بنساء غريبات كثيرات، مع أنّه كان منهيًا من الزواج منهن، إلاّ أنّه فعل! ويزعمون أنّ لوطاً شرب الخمر وواقع ابنتيه البكر والصغيرة. فعجباً لمن في ملتهم واعتقادهم مثل هذا ثم يأتون يشنعون على ما أحله الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الزوجات مع ظهور حكمه العظيمة وتضافرت الأمارات الدالة على أنّ زواجه منهن ـ رضي الله عنهن ـ كانت له مقاصد جليلة. وممّا تجدر الإشارة إليه أخيراً هو أنّ هؤلاء الليبراليون لا يجرؤون على الطعن الصريح في سليمان أو داود عليهما السلام، مع أنّ ما يقدحون في نبينا بسببه موجود في غيره من أنبياء بني إسرائيل، غير أن هدي نبينا فيه أكمل وأقوم، ومع ذلك يجبن حتى اللادنيين منهم على الطعن في أولئك الأنبياء عليهم السلام، وهذا راجع إلى سببين فيما أحسب، أمّا الأول فلعدم رسوخ قناعتهم بما يقولون، ولعلمهم يلبسون على النّاس فقط لأغراض عنصرية أو سياسية أو غيرها، وأمّا الثاني فلأنّه لو فعل ذلك منهم متكبر جبار فسوف يجر بكل بساطة من أذنه إلى أقرب زنزانة بحجة معاداة السامية! أمّا إذا كان الكلام في نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام فهنا يفتح المجال لحرية الرأي! ولهذا فإنّ على المسلم أن ينتصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكل سبيل حتى يعلم هؤلاء ومن وراءهم أنّ جرائمهم لن تمر بغير عقاب.