أقصرا ليس شأني الإقصار

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : البحتري | المصدر : www.adab.com

 

 

 

أقْصِرَا! ليس شأنيَ الإقْصَارُ، وأقِلاّ! لَنْ يُغْنيَ الإكْثَارُ
وَبنَفْسِي مُستَغَرَبُ الحُسنِ، فيهِ حَيَدٌ عَنْ مُحِبّهِ، وَازورار
فاتِرُ النّاظِرَيْنِ يَنْتَسِبُ الوَرْ دُ إلى وَجْنَتَيْهِ، والجُلَّنَارُ
مُذْنِبٌ يُكثِرُ التّجَنّي فَمِنْهُ الـ ذّنْبُ ظُلْماً، وَمِنّيَ الاعْتِذَارُ
هَجَرَتْنا عَنْ غَيرِ جُرْمٍ نَوَارٌ، وَلَدَيْها الحَاجَاتُ والأوْطارُ
وأقَامَتْ بجَوّ بِطْيَاسَ، حَتّى كَثُرَ اللّيْلُ دونَها والنّهَارُ
إنْ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَكِ هَجْرٌ وْ تَنَاءَتْ مِنّا وَمِنكِ الدِيَارُ
فالغَلِيلُ الذي عَلِمْتِ مُقِيمٌ، والدّمُوعُ التي عَهِدْتِ غِزَارُ
يا خَليلَيّ نُمْتُما عَنْ مَبِيتٍ بِتُّهُ آنِفاً، وَنَوْمي مُطَارُ
لَسَوارٍ مِنَ الغَمَامِ تُزَجّيـ ـهَا جَنُوبٌ كَمَا تُزَجّى العُشَارُ
مُثْقَلاَتٍ، تَحِنُّ في زَجَلِ الرّعْـ ـدِ بِشَجْوٍ، كَمَا تَحنُّ الظُّؤارُ
باتَ بَرْقٌ يَشُبُّ في حَجْرَتَيْها، بَعدَ وَهنٍ كَما تَشُبُّ النّارُ
فاسْقِيَانِي، فَقَدْ تَشَوّفْتُ الرّا حِ، وَطابَ الصَّبُوحُ والابْتِكَارُ
كَانَ عِنْدَ الصّيَامِ للّهْوِ وِتْرٌ، طَلَبَتْهُ الكُؤوسُ والأوْتَارُ
بَارَكَ الله للخَليفَةِ في المُلْـ ـكِ الذي حَازَهُ لَهُ المِقْدَارُ
رُتْبَةٌ مِنْ خِلاَفَةِ الله قَدْ طَا لَتْ بِهَا رَقْبَةٌ لَهُ، وانْتِظَارُ
طَلَبَتْهُ فَقْراً إلَيْهِ، وَمَا كَانَ بِهِ، سَاعَةً، إلَيْهَا افْتِقَارُ
أعوزت دونه القناعة حتى حشمت في طلابه الأسفار
وهي موقوفة إلى أن يوافي غائب ما وفى به الحضار
عَلِمَ الله سِيرَةَ المُهْتَدِي باللّـ ـهِ، فاخْتَارَهُ لِمَا يُخْتَارُ
لمْ تُخَالِجْ فيهِ الشّكُوكُ، ولاَ كا نَ لوَحْشِ القُلُوبِ عَنْهُ نِفَارُ
أخَذَ الأوْلِيَاءُ، إذْ بَايَعُوهُ بيَدَيْ مُخْبِتٍ، عَلَيْهِ الوَقَارُ
وَتَجَلّى للنّاظِرِينَ أبِيٌّ، فيهِ عَن جانبِ القَبيحِ ازْوِرَارُ
وأرَتْنَا السّجّادَ سِيمَا طَوِيلِ اللّـ ـيْلِ، في وَجْهِهِ لَهَا آثَارُ
وَلَدَيْهِ تَحْتَ السّكينَةِ والإخْـ ـبَاتِ سَطْوٌ على العِدَى واقْتِدَارُ
وَقَضَاءٌ إلى الخُصُومِ وَشِيكٌ، لاَ يُرَوّى فيهِا، ولاَ يُسْتَشَارُ
رَاغِبٌ حينَ يَنطِقُ الوَفْدُ عن عَوْ نٍ برَأيٍ، أوْ حُجّةٍ تُسْتَعَارُ
مُسْتَقِلٌّ، وَلَوْ تَحَمّلَ مَا حُمّـ ـلَ رَضْوَى لانْبَتّ حَبْلٌ مُغَارُ
أيُّمَا خِطّةٍ تَعُودُ بِضُرٍّ، فَهْوَ للمُسْلِمِينَ مِنْهَا جارُ
زَادَ في بَهْجَةِ الخِلاَفَةِ نُوراً، فَهْوَ شَمْسٌ للنّاسِ، وَهْيَ نَهَارُ
وَأجَارَ الدّنْيَا مِنَ الخوْفِ والحيـْ فِ، فَهَلْ يَشْكُرُ المُجِيرَ المُجَارُ
ألتّقيُّ النقيُّ، والفاضِلُ المُفْـ ـضِلُ فِينَا، والمُرْتَضَى المُخْتَارُ
وَلَدَتْهُ الشّمُوسُ مِنْ وَلَدِ العَـ ـبّاسِ عَمِّ النّبيّ والأقْمَارُ
صَفْوَةُ الله، والخِيَارِ مِنَ النّا سِ جَمِيعاً، وأنتَ منها الخِيارُ
أللُّبَابُ اللُّبَابُ يَنْمِيكَ مِنْهَا لذُرَى المَجْدِ، والنُّضَارُ النُّضَارُ
فبِكُمُ قَدّمَتْ قُصَيّاً قُرَيْشٌ، وَبِهَا قَدّمَتْ قُرَيْشاً نِزَارُ
زَيّنَ الدّارَ مَشْهَدٌ مِنْكَ كانتْ قَبْلُ تَرْضَاهُ مِنْ أبيكَ الدّارُ
وأنَارَتْ لَمّا رَكِبْتَ إلَيْهَا، والمَوَالِي الحُمَاةُ، والأنصَارُ
في جِبَالٍ مَاجَ الحَدِيدُ عَلَيْـ ـهنَّ ضُحًى، مِثْل َمَا تَمُوجُ البحارُ
وَغَدَا النّاسُ يَنْظُرُونَ، وَفِيهِمْ فَرَحٌ أن رأَوْكَ واسْتِبْشَارُ
طَلْعَةٌ تَمْلأُ القُلُوبَ، وَوَجهٌ خَشَعَتْ دونَ ضَوْئِهِ الأبصَارُ
ذَكَرُوا الهَدْيَ من أبيكَ، وقالوا: هيَ تلكَ السّيما، وذاكَ النِّجارُ
وَعَلَيْهِمْ سَكينَةٌ لَكَ، إلاّ مَدَّ أيْدٍ يُومَا بِهَا وَيُشَارُ
بُهِتُوا حَيرَةً وَصَمْتَاً، فلَوْ قِيـ ـلَ أحِيرُوا مَقَالَةً مَا أحَارُوا
وَقَليلٌ إنْ أكْبَرُوكَ لكَ الهَيْـ ـبَةُ مِمّنْ رَآكَ، والإكْبَارُ
كُلُّهُمْ عَالِمٌ بأنّكَ فيهِمْ نِعْمَةٌ، ساعَدَتْ بهَا الأقْدارُ
فَوَقَتْ نَفسَكَ النّفُوسُ من السّو ءِ، وَزِيدَتْ في عُمرِكَ الأعْمَارُ