إن أولادنا وبناتنا هم أبناء وبنات الحياة التي نعيش ونحيا فيها فهم ينتمون إليك وإلى الحياة التي توجد من حولنا بل ويكافح الآباء من أجل إرضاء أبنائهم ونيل حبهم، صحيح أنك تعطيهم الحب لكنك لا تستطيع أن تمنحهم أفكارك لأن لديهم أفكارهم الخاصة بهم وهذه الأفكار تختلف من جيل إلى جيل، وغالبا ما تسكن أفكارهم في منزل الغد وهو المنزل الذي لا يمكن أن تزوره حتى ولو في أحلامك
ولا شئ يجلب السعادة للآباء مثل وجود ابن سعيد ومنتج ومحب للآخرين. وكل مرحلة عمرية من مراحل عمر الإنسان لها أهدافها التي يسعى لتحقيقها. فبالنسبة للأطفال، فتنحصر اهتماماتهم في الأكل والنوم واكتشاف كل ما هو جديد عليهم في العالم أو المحيط الذين يعيشون فيه. وبالنسبة لفترة المراهقة أو ما تسميه هنا (بمرحلة النشء) نجد أن السمة السائدة فيها تحقيق الاستقلالية والميل إلى الأصدقاء ومحاولة تقليدهم، أما الشخص البالغ أو الناضج فأهدافه تتركز في النجاح في العمل والاستقرار وتكوين الأسرة والعناية بها وسوف نتناول هنا بشيء من التفصيل مرحلة المراهقة (أي النشء) لأن محاور شخصية الفرد تتشكل في هذه المرحلة والتي تبدأ أيضا منذ مرحلة الطفولة المبكرة، لكن هذه الفترة يتعرض المراهق فيها لتغيرات نفسية واجتماعية وفسيولوجية عديدة والتي تؤثر على تكوينه وبناء شخصيته، ينزعج معظم الآباء بهذه التغيرات التي تحدث لأبنائهم مع أن هذا شئ طبيعى. ويبدأ سن المراهقة من 10 أو 14 سنة ويستمر حتى 19 أو 21 سنة، ويتعرض المراهق في هذه السن إلى بعض المشاكل والاضطرابات الشيء الذي يؤدى إلى حزن الآباء وممارستهم لبعض الضغوط على أبنائهم حتى لا ينحرفوا. ومن بين هذه الاضطرابات: حب الشباب، ومشاكل الوزن،و الدورة الشهرية،و النمو المتأخر أو المبكر للجسم، و نمو الحاسة الجنسية، و ضغوط الدراسة، والملل، و ضغوط الآباء،و ضغوط الأصدقاء، المشاكل المالية والانحرافات (مثل تدخين السجائر، شرب الكحوليات وارتكاب بعض الجرائم) كما تتوتر علاقة الأبناء بآبائهم في هذه الفترة من أجل الاستقلال ونيل الحرية. ونجد أن الشائع عن مرحلة المراهقة هي مرحلة غير طبيعية يغلب عليها طابع القلق والإحباط والعديد من المشاكل النفسية الأخرى، وأن المراهق هو شخص ثائر ومتمرد وليس له رأى ثابت وتوجد تناقضات في تصرفاته. كما أنه لا ينصت إلى آراء من يكبرونه في السن وتوجد فجوة كبيرة بينه وبين الكبار. لكن كل هذه الآراء خاطئة وأسطورة غير ناضجة هى نتاج لعدم قضاء الآباء الوقت الكافي مع أبنائهم لمعرفة بل ولتعلم التغيرات الطبيعية والمتوقع حدوثها في خلال هذه الفترة. فمن السهل أن نصدر أحكامنا على الأشخاص لكن الأصعب هو فهمهم. فالمراهقة هي مرحلة عمرية تمر بالإنسان مثلها مثل أي مرحلة عمرية أخرى لكن المختلف فيها هي التغيرات التي تحدث للمراهق والقرارات الصعبة التى ينبغى على الآباء اتخاذها لتنشئة الفتى أو الفتاة إما بطريقة صحيحة أو خاطئة ومنها: اختيار الأصدقاء، و اختيار أسلوب الحياة (الجنس، التدخين، وشرب الكحوليات، إدمان بعض العقاقير ) والاقتناع بالقيم التي يحث عليها الآباء إلى جانب التغيرات الجسمانية والاجتماعية والعاطفية فهي فترة لها متطلبات واحتياجات عديدة ومن أبرز الأسئلة التي يوجهها المراهق لنفسه بل ولمن حوله: من أنا؟ وكيف يمكنني الاتصال بالعالم الذي يوجد من حولي؟ نجد أن المراحل المختلفة لعمر الإنسان: الطفولة، المراهقة، مرحلة الشباب، الكهولة والشيخوخة. والمراهقة هي مرحلة وسطى بين الطفولة وعهد الصبا أي أنها مرحله تخطى الطفولة لكن مع عدم الوصول إلى مرحلة النضج الكامل، ونجدها تتكون من ثلاث مراحل:
ويمر المراهق بالعديد من التغيرات الفسيولوجية والجسمانية والسلوكية بل والنفسية والتي تؤثر بالطبع على تصرفاته، وسنقوم بسرد بعض هذه التغيرات: التغيرات الجسمانية والفسيولوجية:
التغيرات النفسية في سن المراهقة: تصاحب التغيرات الفسيولوجية أيضا تغيرات نفسانية
أما التغيرات السلوكية التي تحدث للمراهق نجدها على النحو التالي: مرحلة المراهقة المبكرة (12 - 14 سنة): تحقيق الاستقلالية:
الاهتمامات:
التطور الجنسي:
توجيه النفس:
مرحلة المراهقة الوسطى (14 - 17 سنة) تحقيق الاستقلالية:
مرحلة الطفولة المتأخرة (17 - 19 سنة): تحقيق الاستقلالية:
ويعتبر السلوك الخاص بكل مرحلة من هذه المراحل سلوكا طبيعيا ولا يعنى بالضرورة حدوثه على هذا النحو بالضبط فهو ليس قاعدة بحيث تختلف طبيعة كل مراهق عن الآخر، وفى حالة وجود اختلافات جوهرية وكبيرة عن ما سبق ذكره فهذا يعنى مرور المراهق بحالات نفسية وشعورية مرضية ولابد من استشارة الطبيب فيها حتى لا تؤدى إلى مشاكل وعواقب صحية جمة التغذية والنشء: يبدأ إعداد النشء فى مرحلة مبكرة حتى قبل أن تصبح الأم حاملا، فلابد من العناية بصحتها لأن ذلك ينعكس على طفلها ليس فقط أثناء فترة الحمل بل بعد ميلاده. فلابد من التغذية السليمة وممارسة النشاط الرياضي، كما أن الصحة النفسية ضرورية للمرأة الحامل فهناك الكثير من الأمراض يرثها الطفل من أبويه، و عليها البعد عن التدخين وشرب الكحوليات ينبغى أن تنال المرأة الحامل قسطا ملائما من التغذية المتكاملة، والأشياء التي يمكن أن تقلل منها المرأة الحامل هي السكريات والمواد الكربوهيدراتية مثل عصائر الفاكهة والحلوى بحيث يتم تناول كميات قليلة منها، كما أن تناول وجبات على نحو متكرر وبكميات قليلة يقلل من حدوث الغثيان ويحافظ على مستوى الطاقة ومعدل ضربات القلب، لكن الحد من السعرات الحرارية التي تتناولها المرأة الحامل ليست بالفكرة الجيدة أو الصحية حيث تحتاج المرأة الحامل في اليوم الواحد من 2000 - 2200 سعرا حراريا يحذر الأطباء من السمنة المفرطة للمرأة قبل وأثناء فترة حملها لأن ذلك يعرض المرأة إلى الإصابة بسكر الحمل وتسممه والتي تؤثر بالسلب على الجنين وتؤدى إلى إصابته بالتشوهات الخلقية وخاصة تلك المتصلة بالقناة العصبية متمثلة في عدم اكتمال الفقرات القطنية، كما يؤدى كبر حجم الطفل أيضا إلى مشاكل عند الولادة ومنها خلع الكتف، والسمنة تؤثر على خصوبة السيدة نفسها وحدوث الحمل لها الخطوط الارشادية للتغذية السليمة للنشء: لابد أن يكون الهدف من التغذية هو بناء الجسم والوفاء بمتطلبات الطاقة مع عدم استخدام الدهون بكثرة ويوجد لهذا السن خيارات عديدة في تناول الأطعمة لأن هذه المرحلة هي مرحلة التكوين الجسمانى للمراهق، ولابد أن يوفر الآباء وجبات صحية لأبنائهم وذلك عن طريق تنظيم أوقات تناولها والتنويع فيها
خطة التغذية:
الوجبات الخفيفة ظهرا: منتجات الألبان. وجبات خفيفة مساءا: فاكهة. الوقاية من الأمراض: إن هذه الفترة في حياة الآباء والأبناء هي فترة حرجة للغاية، ويقع الآباء في حيرة كبيرة بين إعطائهم الحرية والاستقلالية التي لا يستطيع الأبناء ممارستها في كل شئ وبين التعامل مع مشاعرهم المتقلبة والتحديات التي يواجهونها في هذه المرحلة، لأن التعامل السلبي مع هذه المشاعر سيؤدى إلى العديد من المشاكل للمراهق ومنها: إساءة استخدام بعض العقاقير (إدمان المخدرات)، و تدخين السجائر، و الاكتئاب، و الفشل في الدراسة .. أو يسلك سلوك آخر يؤثر فيما بعد على صحته، ولوقاية الصحة في هذه المرحلة العمرية الحرجة توجد طريقتان:
هذا إلى جانب اتباع نظام غذائي سليم وممارسة الرياضة بشكل منتظم
الفحص الدوري: يعطى الفحص الدوري المراهق الفرصة في:
تقوية النظام المناعي للجسم: يتم ذلك عن طريق أخذ بعضا من التطعيمات (الفاكسينات) الهامة التي تمنع الإصابة بالعديد من الأمراض. ويبدأ ذلك في سن مبكرة جدا للطفل منذ أشهره الأولى. وتبدأ على وجه التحديد من سن شهرين ويتم تطعيمه في هذه الفترة العمرية المبكرة للوقاية من تسعة أمراض: الحصبة، والحصة الألمانية (روبيلا)، والتيتانوس،و السعال الديكى، والشلل،و الدفتيريا، والتهاب الغدة النكافية، والسل (الدرن)،و انفلوانزا هيمو فيلاس ب (هيب) لأن هذه الأمراض تؤثر بالسلب على النمو الجسدي والعقلي للطفل. ويأخذ المراهق معظم تطعيماته في مرحلة المراهقة المبكرة أي في سن 11 - 12 سنة. لابد أن يطعم المراهق بالتطعيمات الآتية:
ممارسة النشاط الرياضي: يستفيد كل فرد منا وفى أي مرحلة من مراحل عمره إذا قام بممارسة النشاط الرياضي، وبالنسبة للمراهق فهو شئ ضروري وهام لأنه يساعد على بناء الجسم وتقوية العضلات ويقلل من فرص الإصابة بأمراض عديدة، ولا يشترط أن يكون النشاط عنيفا لكي يكون مفيدا فالاعتدال هو المطلوب لأن الإفراط في ممارسة أي نشاط يعرضك للإصابة بالأذى والضرر كما أنه يوهن العظام ويؤدى إلى مشاكل في الدورة الشهرية للبنات، ومن فوائد ممارسة النشاط الرياضي في هذه المرحلة العمرية:
المراهقة ودور الأصدقاء والآباء: يلعب الصديق دورا هاما في في هذه المرحلة بل هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه. ويكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي. ومن السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء ويحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق. ونجد أن العلاقة التي توجد بين الآباء والأبناء تحكمها أربعة عوامل رئيسية:
الإحباط الذي يولد الرفض: دائما ما يصطدم الأبناء بالرفض من قبل آبائهم لأنهم لا يعون أن "الأذن التي تسمع أفضل بكثير من اللسان الذي يرفض" كما أن الآباء لا يدركون فكرة التغيير التي يمر بها أبنائهم خلال هذه المرحلة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر دون أن يشعرون بذلك من خلال النقد المفرط،و عدم الصبر في التعامل معهم، و الغضب،و مقارنة الأبناء بعضهم ببعض، والشك في تصرفاتهم. ويحاول المراهق الهرب من ذلك كله باتباع سلوك غير حميد مثل اللجوء إلى الكذب- الخداع-السرقة- المشاجرة- إدمان العقاقير- شرب الكحوليات- التدخين- خرق القانون- ترك المدرسة- الانحراف الجنسي. فلابد أن يكون بجانب النقد التشجيع، والحزم،و الحب،و التوجيه، والاحترام صراع السيطرة: يأتي دائما الاختلاف الذي ينشأ بين الآباء والمراهقين من حب السيطرة وصراع القوى حول من هو المسئول؟ وأين تقع نطاق حقوق كل طرف منهما. فالآباء على حق حين يقولون أن الأبناء ليسوا مسئولين بالدرجة الكافية لأن يسمح لهم بأن يتخذوا قرارات. كما أن الأبناء محقون في قولهم أن الآباء يعاملوننا على أننا ما زلنا أطفال صغار. ومن هنا ينشأ الصراع من الاختلاف ما إذا كان الأبناء استطاعوا أن يمارسوا المسئولية بكفاءة في الماضي لاتخاذ قراراتهم الحاسمة في المستقبل أم لا؟!. كما أن الصراع ينشأ من ممارسة الآباء للسلطة ثم تركها في بعض الأحيان ومن ممارسة المراهق لها أيضا في بعض الإجازات والعطلات ثم انسحابهم منها باقي أيام الأسبوع. ويزيد من تعقد الموقف، المشاعر القوية الجارفة التي تميز شخصية الأبناء في هذه المرحلة إلى جانب طبيعة الآباء التي تغمرها روح الغضب والرفض الحب القاسي: وحب الآباء لأبنائهم فى هذه المرحلة ليس هو بالحب القاسى كما يصفه البعض منا ولكن المقصود به: الحب القاسي هو ليس رفض لتصرفات الأبناء، لكنه يحدد حقيقة سلوك وقرارات كلا من الأبناء والآباء. وهو إعطاء قواعد واضحة للأبناء، بالإضافة إلى الحدود المنطقية مع توقع التزامهم بها. ويعنى أيضا السماح للمراهق بخوض التجارب لمعرفة عواقب سلوكهم وتصرفاتهم ولا يهم هنا دور حماية الآباء لهم حتى تتاح فرصة التعلم لهم لأن التدخل وتقديم المساعدة هو جزء من المشكلة وستأتي الأمور على عكس النتائج المرجوة الحب القاسي هو التزام الأبناء بحقوق آبائهم وإصرار الآباء على مثل هذه الحقوق بما أنهم يعيشون مع أبنائهم تحت مسمى كبير ألا وهو العائلة. وأخيرا يكمن معنى هذه الكلمة في وضع وتحديد خطط للعائلة والالتزام بها وهذا لا يعنى توقفك عن حب أبنائك أو العناية بهم لكن المقصود بها عدم معاملة الأبناء على أنهم غير قادرين على التصرف في حياتهم وتحمل المسئولية مهما كان ذلك قاسيا على الآباء أو الأبناء. حقوق الآباء: ولا نستطيع أن ننكر حقوق الآباء على أبنائهم:
ونستطيع أن نقدم بعض الحلول التي تحكم علاقة الآباء بأبنائهم خلال هذه المرحلة والتي تعتبر أساس كل شئ والذي يحقق للمراهق الصحة والسلامة على كافة المستويات سواء أكانت نفسية أو جسمانية والتي يكون جوهرها الموازنة بين المرونة والسيطرة
ولابد أن يفهم كل واحد منا أن العالم الذي عاش فيه الآباء عند مرورهم بمرحلة المراهقة يختلف عن العالم الذي يعيش فيه مراهقينا الآن