في عام 1871م وفى منطقه ( هيسارليك ) في شمال غرب تركيا وفى نفس الموقع الذي حدده هوميروس في ملحمتيه الشهيرتين كشف " شليمان " بقايا طروادة ، كان الكل يسخر منه عندما راح يبحث عن مدينه خياليه حاملا معوله في يد وملحمة هوميروس في اليد ألأخرى ، واتهموه بالحماقة والخبل لأنه يبذل كل هذا الجهد استنادا إلى ملحمتين أدبيتين وليس إلى مراجع علميه وتاريخيه مؤكده . ولكن شليمان فعلها وعثر على طروادة وانتشلها من بين ألأنقاض ومن تحت الرمال والركام وهنا أنخرست كل ألألسنه المعارضة والساخرة وتحدثت ألسنه أخرى ألسنه راحت تتساءل : لو طروادة التي تعامل معها الكل باعتبارها خيال محض قد برزت من تحت الرمال كحقيقة واقعيه تتحدى كل معارض فماذا عن " أطلانتس "هل يمكن أن تكون بدورها حقيقة ؟ هذا السؤال طرحه جمع هائل من العلماء ومن الباحثين والدارسين والمهتمين بتاريخ وأسطورة أطلانتس وعلى رأسهم " إيجناينوس دونيللى " ودونيللى هذا شاب نابه ولد في فلادليفا ألأمريكيه عام 1831 م وأثبت نشاطا وذكاء غير عاديين طوال فترات صباه وشبابه حتى أنه أستطاع أن ينضم إلى رابطه المحامين في الثانية والعشرين من عمره وهذا مالم يكن يبلغه المجتهد حينذاك قبل الثلاثين على الأقل وفى الثامنة والعشرين من عمره واثر اهتمامه بالسياسة وشئونها تولي انتخاب دونيللى كحاكم لولايه مينوسيتا وبعدها بأربع سنوات أصبح عضوا في الكونجرس الذي قضى فيه دورتين كاملتين مدتهما ثماني سنوات اشتهر خلالها بأنه خطيب مفوه ونائب محترم ومحاور قادر على جذب انتباه واهتمام وتقدير واحترام كل من يتعامل معه . وعلى الرغم من كل هذا كان دونيللى يعانى من وحده شديدة بعد وفاه زوجته وانتقاله إلى واشنطن فراح يقضى كل وقته في القراءة ويلتهم كتب مكتبه الكونجرس التهاما ومن بين عشرات الموضوعات التي رآها ودرسها دونيللى جذب انتباهه وخلب لبه وأشعل عقله موضوع واحد " أطلانتس " وبنهم لا مثيل له راح دونيللى يقرأ كل ما كتب عن أطلانتس في عشرات بل مئات الكتب ثم راح يجرى دراساته الخاصة حولها واهتم بشده بكشف شليمان لبقايا طروادة ثم جمع كل هذا بعد سنوات من العزلة والدراسة ليصدر كتابه " أطلانتس وعالم ما قبل الطوفان " في صيف عام 1882م .
وفور صدوره ولأنه يحوى خلاصه عمر بأكمله حقق هذا الكتاب شهره واسعة ونجاحا منقطع النظير مما شجع دونيللى على أن يصدر في العام التالي مباشره كتابه الثاني " راجناروك ...عصر النار والدمار" الذي ناقش وفند فيه الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تكون السبب في دمار غرق " أطلانتس " وفى نظريته افترض دونيللى أن أطلانتس كانت لها مستعمرات عديدة خارج حدودها وأن أقدمها هي مصر التي أكد أن حضارتها هي صوره طبق الأصل من حضارة أطلانتس القديمة . فقد كان دونيللى يتصور أن الحضارة المصرية القديمة قد ظهرت فجأة وأنها لم تمر بمراحل التطور المعتادة لكل حضارة وأن علومها قد نبتت من منبع مجهول مما جعله يفترض أن ذلك المنبع هو أطلانتس نفسها. أذن ففي رأيه نظريته كانت أطلانتس هي أم الحضارات وزعيمه العالم القديم أن صح القول والأصل الذي انتقلت أفرعه فيما بعد إلى كل مكان في العالم . وعلى الرغم من أساطير مختلف الشعوب تتفق فيما بينها على أن هناك حضارة قديمه فائقة تفوقت يوما على كل ما حولها ألا أن أفلاطون نفسه في محاورتيه الشهيرتين لم يزعم أن أطلانتس هي أصل كل الحضارات بل ولم يشر إلى هذا حتى. ولذا فقد قوبلت نظريه دونيللى بتأييد شديد من عده جهات وبهجوم عنيف للغاية من جهات أخرى وكما يحدث لكل مفكر يتجاوز الحدود المعتادة في عصره تحول دونيللى إلى قديس في نظر البعض وشيطان في نظر البعض الأخر ألا أن هذا لم يمنع الجانبين من الاعتراف من أنه أول من وضع قواعد البحث عن قاره أطلانتس وأسطورتها المفقودة وأول من أسس ما يعرف باسم علم " الأطلانطيه " أو العلم الذي يبحث أسس الحضارة الأطلانطيه القديمة ودلائل واحتمالات وجودها وهو علم معترف به في كافه أنحاء العالم المتحضر. وفى الوقت الذي احتدمت فيه المناقشات والمحاورات حول دونيللى ونظريته والذي بدأ فيه بعض الباحثين يعلنون أخطاءها ونقاط ضعفها وغموضها وينشرون نظرياتهم المناهضة لها والحقائق العلمية المرتبطة بها فاجأ الأثرى البريطاني سير " أرثر إيفان " العالم كله بحقيقية جديدة رجته من الأعماق. فمنذ سنوات طوال نقل الأثريون والمؤرخون أسطوره قديمه تدور في جزيرة كريت حول حب الملك مينوس ابن زيوس كبير الألهه من بشريه تدعى أوربا وحول إنسان إلى من البرونز له جسم أدمى ورأس ثور كان يجوب شواطئ كريت الصخرية ليبعد عنها الغزاة ويلقى على سفنهم الصخور الهائلة الضخمة وفى الوقت نفسه كان هناك وحشا أخر يدعى " المينوتورس" له أيضا جسد إنسان ورأس ثور سجنه الملك مينوس فى قصر التيه أو "اللابيرنث " حيث يتم تقديم سبعه من خيره شباب اليونان وسبع من خيره بناتها كقربان كل عام حتى جاء الفارس المغوار " ثيسيوس " فتحداه وذبحه وحفظ دماء شباب وبنات اليونان !!! أسطوره مبهره مثيره ككل الأساطير القديمة خلبت ألألباب وحبست ألأنفاس وشغلت العقول لقرون وقرون باعتبارها أيضا قريحة عقول متفوقة ونتاج خيال جامح وفجأة نقل سير إيفانز كل هذا فجأة إلى عالم الواقع . ففي عام 1900 م وبقياده إيفانز ظهرت أطلال وأثار الحضارة المينويه القديمة في كريت ، ذلك الكشف أثبت أن أهل كريت كانوا ساده عظام وتجارا ومستعمرين أخضعوا جيرانهم وحصلوا منهم على الجزية وأثبت أن قصه مينوس لم تكن مجرد أسطوره لقد كانت حقيقة ، حقيقة تقلب الحسابات رأسا على عقب وخصوصا حسابات الباحثين عن أطلانتس .
وقبل أن يلتقط الناس أنفاسهم ويستوعبون كشف سير ( أرثر إيفانز ) المدهش كانت في انتظارهم مفاجأة جديدة . ففي عام 1861 م كشف علماء الأثار أطلال قصر الملك " أشور نيبال " حاكم مملكه أشور في القرن السابع قبل الميلاد وبين تلك ألأطلال عثروا على أعظم كشف أثرى وثقافي في المنطقة ، فقد عثروا على مكتبه كاملة سليمة تحوى ألاف الألواح الطينية المكتوبة بأسلوب الكتابة المسمارية القديمة والتي تضم ثروة هائلة من المعلومات عن مختلف ألأمور وعلى رأسها قوائم وسجلات كاملة لأسماء المدن والأقاليم والألهه التي كانت تعبد أيامها هذا إلى جانب مئات القصائد وعشرات ألأساطير والقواميس أيضا ، قواميس باللغة ألأشوريه وبلغات أقدم منها كالبابلية والسومرية وقواميس تضم كلمات أشوريه ومعانيها بلغات مختلفة بل وطرق نطقها أيضا . خمسه وعشرون ألفا من ألواح المعرفية تم نقلها جميعها إلى المتحف البريطاني في لندن لوضعها تحت بصر ويد الباحثين وعلماء اللغات القديمة . ومن بين عشرات العلماء الذين انبهروا بهذه الذخيرة الأثرية المدهشة والذين قضوا عمرهم كله في دراسة الألواح والوثائق وترجمتها كان العالم البريطاني " راولونسون " الذي عثر على اسم تردد أكثر من مره فيها وهو اسم " ديلمون " لم يكن الاسم جديدا أو غريبا فقد تم العثور عليه قديما في نقش على جدار قصر الملك ( سرجون ) الأشوري يسجل فتوحات الملك وانتصاراته الحربية ، وعلى الرغم من أحدا سواه لم يتوقف كثيرا عند اسم ديلمون فقد أنشغل راولونسون به كثيرا وراح يجمع المعلومات عن حضارة ديلمون القديمة التي وردت في النقوش القديمة باعتبارها جنه الله في الأرض . ففي ديلمون كما تقول النقوش والأساطير كانت الأرض دوما نظيفة ومشرقه وكل شئ جميل وهادئ حتى الأسد لا يفترس والذئب يصادق الحمل ولا أحد يمرض أو يتألم أو يبلغ من العمر عتيا !!!! وصف أسطوري ومثالي للغاية جعل ديلمون تبدو أشبه بأسطورة خياليه منها بحقيقة واقعيه يمكن الاقتناع بها أو تصديق وجودها . ولكن راولونسون نشر أبحاثا تشير إلى العكس تماما ووحده من دون كافه علماء الأثار ظل يؤكد أن ديلمون حقيقة بل ورصد طبيعتها وآلهتها وعلى رأسهم الإله ( أنزاك ) . وكالمعتاد سخر الكل من أبحاث راولونسون ودراساته واتهمه البعض بالإغراق في الخيال والغوص في عالم الأحلام . ثم جاء عام 1880م ليكتشف الرحالة البريطاني ( ديوراند ) حجرا قديما بمنتهى الدقة لتظهر عبارة تقول ( هذا قصر "ريمانوس " خادم الإله " أنزاك " من قبيله عقير ) وهنا تبدلت كل الآراء وبدأ السؤال يطرح نفسه بشده ما حقيقة " ديلمون " أهي حقيقة أم مجرد أسطوره وردت في نقوش قديمة .
وكإجراء طبيعي كلفت الجمعية الملكية الأسيويه راولونسون بمهمة تحليل تقدير ديوراند والتعليق عليه وفى تقرير ربط راولونسون مابين ( ديلمون والبحرين ) وأكد أن الأخيرة تنهض على أطلال الأولى . وفى عام 1900م ومن خلال بعثه أمريكية من جامعه بنسلفانيا عثر "هيلير بخت" رئيس البعثة على خمسه وثلاثين ألف لوح سومرى تحوى طنا أخر من المعلومات فى " نيبور" وهى منطقه مابين النهرين من بينها نص سومرى يشير إلى ديلمون باعتبارها أرض العبور المكان الذي تشرق منه الشمس ، ولقد عاصر " أيجانايتوس دونيللى " هذا الكشف العظيم وربط أخر مقالاته بين أطلانتس وديلمون قبل أن يتوفاه الله في عام 1901م تاركا الأمر كله لمن بعده .. أما حضارة ديلمون نفسها فقد انتظرت حتى الحرب العالمية الثانية عندما أتى " د.بيتركورنال " لينقب في تلال المدافن في البحرين ويخرج بالأدلة والبراهين القاطعة على أن حضارة ديلمون لم تكن مجرد أسطوره بل هي حقيقة أعلنت عن نفسها وأبرزت وجودها وأثارها للعالم كله . الأساطير أذن تتحول واحده بعد ألأخرى من عالم الخيال إلى عالم الواقع والوضوح ، طروادة والمينوتورس وديلمون فماذا عن اطلانتس ؟ ما الذى يمنع كونها أيضا حقيقة واقعه لقارة حكمت الدنيا قبل أن تؤدى بها كارثة رهيبة طبيعيه أو صناعية ، فتغرق بكل ما فيها ومن فيها في أعماق المحيط الأطلنطي هذا ما طرحه الاسكتلاندى " لويس سبنس " في مجلته ذات العمر القصير والتي حملت اسم الأسطورة نفسها أسم اطلانتس . وعلى الرغم من أن سبنس هذا لم يحظ بالشهرة الشعبية التي حظي بها نظيره دونيللى ألا أنه كرس جهوده للبحث عن القارة المفقود ، فقد وضع خمسه كتب حولها أشهرها {مشكله أطلانتس} الذي نشر عام 1924م والذي فاز سبنس بسببه احترام وترحيب المهتمين بأسطورة أطلانتس حتى أن أحدهم قال عنه : أنه أفضل كتاب نشر عن أطلانتس في التاريخ .
وعلى عكس نقاط نظريه دونيللى الحماسيه ناقش سبنس نظريته بأسلوب هادئ وعملي ودقيق شأن أي عالم محترم ، ليخلص منها إلى مجموعه من الحقائق تتلخص في أنه كانت هناك بالفعل قارة ضخمه تحتل معظم منطقه شمال المحيط الأطلنطي ، وجزءا من جنوبه ولقد ظلت موجودة حتى أواخر العصر الموسينى الذي يعود إلى ما يزيد على عشره ملايين عام ثم بدأت تندثر نتيجة لعوامل طبيعيه بركانيه وزلزاليه متعاقبة مما أدى إلى ظهور تكتلات جزريه أهمهما أطلانتس بالقرب من مداخل البحر ألأبيض المتوسط وخلف أعمده هرقل {جبل طارق بن زياد} وأنتليا القريبة من جزر الهند الغربية الحالية وكانت الاتصالات تتم بينهم عبر سلسله من الجزر الصغيرة ، ووفقا لنظريه سبنس لم تختلف أطلانتس في يوم وليله كما قال أفلاطون ، ولكنها ظلت قائمه حتى العصر البليستوسينى، قبل خمسه وعشرين ألف سنه تعرضت لمجموعه من الكوارث الطبيعية المتعاقبة حتى ما يقرب من عشره ألاف سنه قبل الميلاد مما أدى في النهاية إلى غرقها نهائيا في حين ظلت أنتيليا صامدة لزمن أطول لتترك خلفها بعض البقايا في النهاية وهى جزر الأنتيل . وعلى عكس دونيللى قال سبنس أن حضارة أطلانتس لم تكن متقدمه تماما وإنما كانت حضارة بدائيه إلى حد كبير ، أنها لم تعرف أبدا تشكيل أو استخدام المعادن ووفقا لنظريته أيضا أنتشر سكان أطلانتس بعد غرقها في أنحاء العالم القريبة وكانوا النواة لعدد من الحضارات المعروفة مثل حضارة مصر وكريت والحضارة الأزيليه في أوروبا والتي ظهرت قبل عشره ألاف عام قبل الميلاد وهو نفس التاريخ تقريبا الذي حدده أفلاطون لغرق أطلانتس ، ثم عاد سبنس ليؤكد أن حضارات مصر ويوكاتان وبيروقد ظهرت فجأة ودون مقدمات لتنتقل من العصر الحجري إلى عصر التقدم دون المرور بمراحل وسطيه مما يوحى بأنها قد اكتسبت حضارتها من جهات أخرى ، وهنا يقع سبنس في تناقض عجيب مابين عدم تقدم أطلانتس ونقلها علامات الحضارة إلى الآخرين ولكنه على الرغم من هذا يحظى حتى هذه اللحظة باحترام وتقدير العديدين وإن لم يقدم دليلا ماديا واحدا على كل ما قاله ولم يقدم غيره أيضا هذا الدليل المنشود حتى ظهر "إدجار كايس "
مع بداية العقد الثاني من القرن العشرين تضاعف اهتمام الأمريكيين فجأة بالتنبؤات والمتنبئين وعادوا ينبشون المكتبات وكتب التاريخ بحثا عن مشاهير المتنبئين القدامى وانتشرت صرعه عجيبة لإثبات صحة تنبؤاتهم الماضية وتأكيد حتمية حدوث تنبؤاتهم التالية . وفى مناخ كهذا من الطبيعي أن ينتشر الدجل والخداع وأن يظهر عشرات النصابين الذين يدعون قدرتهم على قراءه الطالع وكشف الغيب والتنبؤ بالأحداث المستقبلية خاصة وأن أحدا لا يمكنه معرفه ما سيحدث في المستقبل مما يجعل الاعتراض على ما يقوله أي نصاب أمرا عسيرا للغاية . وفى وسط هذا كله ظهر " إدجار كايس " كان شابا هادئا على عكس الآخرين لا يميل إلى الاستعراض والتباهي ويحمر وجهه خجلا أذا ما وجه إليه أحدهم عبارة استحسان أو كلمات أعجاب وتقدير أو حتى جمله شكر أنيقة ، وعلى عكس الآخرين أيضا لم يكن كايس من ذلك النوع الذي يمكن أن تلقى عليه سؤالا عن أحداث مستقبليه فيضع أصابعه على جبهته ويدير يده الأخرى في الهواء ثم يخرج الجواب بأسلوب مسرحي مثير بل كان يؤكد دوما أن التنبؤات أو الرؤى كما كان يحلو له تسميتها تأتيه وقتما تشاء وليس عندما يشاء هو ، ففي لحظات عاديه كان كايس يصاب بالشرود المباغت وتنقلب عيناه داخل محجريهما على نحو عجيب ويدخل فيما يشبه الغيبوبة وخلالها يلقى نبؤته ثم لا يذكر الكثير عنها عندما يستعيد وعيه بعد قليل ، ولأن ذلك الزمن كان يميل إلى المسرحية والاستعراض تأخر كايس عن أقرانه ولم يحظ بشهرتهم أو تلقى عليه الأموال الوفيرة مثلهم ، ثم إنه أيضا لم يسمح لهذا أبدا. حتى كانت فتره الثلاثينات وما صاحبها من اختناق اقتصادي رهيب في الولايات المتحدة الأمريكية ، أيامها وبينما راح البعض ينبش في تنبؤات " نوسترادامس " العراف الفرنسي الأشهر بحثا عن أيه نبؤه تتحدث عن انفراج الأزمة كشف أحدهم فجأة أن كل تنبؤات إدجار كايس خلال السنوات العشر الأخيره قد تحققت على نحو مدهش ، وفى نفس التوقيتات التي حددها في نبؤاته . وهنا تفجرت الشهرة فجأة ومن كل صوب ، واستيقظ كايس ذات صباح ليجد الصحفيين يحيطون بمنزله ومصابيح تصويرهم تستطع في وجهه وعشرات الأسئلة تنهال على أذنيه . وفى اليوم التالي كان كايس ضيفا على خمس شبكات إذاعيه وصوره تملأ الصفحات الأولى في خمس وسبعين صحيفة محليه وعامه ، وخلال أسبوع واحد أصبح إدجار كايس أشهر عراف ليس في أمريكا ولكن في العالم أجمع . ولسنا بصدد سر تنبؤات كايس أو التحمس لها أو حتى مناقشه صحتها من عدمها ولكننا سنتوقف فقط عند نبؤه واحده ترتبط ارتباطا وثيقا مباشرا بالأسطورة التي نتحدث عنها أسطوره أطلانتس .
ففي يونيو عام 1940م وفى أثناء واحده من نوبات غيابه عن الوعي الذي جعلته يوصف بأنه وسيط روحاني قوى ، أعلن كايس أن أطلانتس حقيقة وأن أجزاء منها سوف تبرز من قلب المحيط الأطلنطي في عام 1968م أو عام 1969م ، وحدد تلك الأجزاء بأنها من الطرف الغربي للقارة الأسطورية والمسمى بوسيديا وأنها ستظهر بالقرب من جزر البهاما . أدهشت النبؤة العديدين حتى أولئك الذين يؤمنون تماما بموهبة كايس إذ لم تكن الظروف تحتمل الحديث عن أمر كهذا ، والكل كان يتوقع منه نبؤه حول نهاية الحرب العالمية الثانية التي بلغت أوجها حينذاك والتي كادت تلتهم العالم كله ، الكل كان ينتظر حديثا عن ألمانيا أو هتلر أو حتى عن سقوط إنجلترا فإذا به يتحدث عن أطلانتس وظهورها المنتظر بعدما يزيد عن ربع قرن قادم من الزمان . وتجاهل معظم الناس نبؤه كايس حول أطلانتس وألقوها خلف ظهورهم وخصوصا مع تنبؤاته التالية التي أشارت إلى أن أمريكا سترغم على دخول الحرب وأن روسيا ستسقط جزئيا في قبضه النازيين قبل أن تنهض لتهزمهم شر هزيمة فيما بعد . حتى المهتمين باطلانتس لم يتوقفوا كثيرا أمام نبؤه كايس باعتبارها عن مستقبليات لا سبيل إلى التأكد منها في زمنهم أو حتى إيجاد المنطق العلمي لحدوثها بعد . ومرت السنوات وتحققت تنبؤات كايس الخاصة بالحرب ودخلت أمريكا الحرب العالمية الثانية مرغمه بعد أن قصف اليابانيون ميناء {بيرل هاربور} اجتاح النازيون روسيا ثم اندحروا على أبواب موسكو وراحوا يتراجعون وسط البرد والجليد ليلقوا هزيمة ساحقه فيما بعد دفعت هتلر نفسه إلى الانتحار ، ووسط هذا الخضم من الأحداث نسى الكل نبؤه كايس الخاصة بقارة أطلانتس ...
وبعد مرور 28 عاما علي نبؤه كايس وفى احد الأيام صرخ طيار المدني بهذه العبارة... " قارة أطلانتس " , وهو يقود طائرته فوق جزر البهاما عام 1968 , عندما شاهد مع زميله جزيرة صغيرة تبرز من المحيط , بالقرب من جزيرة) بايمن ) وأسرع يلتقط آلة التصوير الخاصة به ويملأ فيلمها بصور لذلك الجزء من القارة المفقودة التي ألهبت الخيال طويلا ..... وكان لظهور ذلك الجزء في نفس الزمان والمكان الذين حددهما كايس في نبوءته القديمه منذ مايزيد عن ربع قرن وقع الصاعقة على الجميع مؤيدين ومعارضين , إذ كان في رأي الجميع الدليل الوحيد الملموس على وجود أطلانتس . ونستطيع أن نؤكد دون ذره واحده من المبالغة أن الخبر قد حبس أنفاس جميع الأمريكيين والكاميرات تنقل صوره الأبنيه الحجرية والأطلال القديمة التي ظهرت بالقرب من سطح الماء عند شاطئ جزيرة بايمن إحدى جزر البهاما ، وتسترجع مع المشاهدين نبؤه كايس القديمة ثم تضيف إلى هذا أراء الخبراء وعلماء الأثار الذين أكدوا أن طراز تلك المباني لا تشبه أيه طراز حضاريه قديمه معروفه وكان هذا يعنى أمرا واحدا لا غير ، أن هذه بالفعل أطلال أطلانتس القديمة وأن أطلانتس حقيقة . ومن سوء الحظ أن تلك الأطلال لم تبق في موضعها طويلا أذا سرعان ما غاصت مره أخرى في أعماق المحيط وعلى مسافات لم يكن من الممكن أن يبلغها البشر أبدا فقد بقيت الصور وتعليقات الخبراء ونبؤه كايس القديمة في خيال وعقول الملايين . ولأن الوقت لم يسمح للعلماء والدارسين والباحثين بالتيقن من الأمر والحصول على أدله ماديه فقد بدءوا يختلفون حول الأمر بعد أسبوع واحد من غوص الأطلال عائده إلى أعمق الأعماق . البعض أستنكر الأمر كله وأصر على أنها محض صدفه قد يبلغ احتمالها الواحد في كل ستة ملايين ولكنه احتمال وارد وقائم ، وبخاصة مع غياب أي دليل مادي أخر .... أما البعض الأخر فقد أقتنع تماما بما حدث واعتبر أن هذه أقوى دليل على وجود أطلانتس في تاريخ الأسطورة كلها وبين أولئك وهؤلاء وقف ( تشارلز بيرلتز ) وبيرلتز هذا بدأ حياته العملية كمترجم ثم لم تلبث أن اهتم بالظواهر الغريبة والأمور غير المحسومة في عالمنا الضخم ، وشغف كثيرا بتعقب كل أمر غامض والسعي خلف كل لغز عميق بحثا عما يؤيده أو ينفيه . ومن هذا المنطلق ولأن كتابه عن مثلث برمودا قد حقق نجاحا مدهشا ومبيعات لم يحلم بها كاتب مثله قرر بيرلتز الذي هو في الوقت ذاته غواص ماهر بارع أن يغوص بنفسه مع فريق من المعاونين في منطقه جزر البهاما بحثا عن أي دليل مادي على وجود أطلانتس . وغاص بيرلتز وفريقه في منطقه جزر البهاما وما حولها ، وكانت في انتظارهم مفاجأة مذهله ....
فعندما غاص الكاتب والباحث الشهير " تشارلز بيرلتز " مع زميله خبير الغوص " د. ماتسوت فالنتين " في أعماق المحيط الأطلنطي بالقرب من جزر البهاما وحولها كانت غاية طموحاتهما أن يجدا بعض الصخور ذات التركيبات المنتظمة التي توحي بأنها من صنع الإنسان ، أو حتى تمثالا صغيرا يؤكد الخبراء أنه ينتمي إلى حضارة قديمه معروفه ولكن كانت في انتظارهم مفاجأة مدهشة . ففي كتابه الذي حطم الأرقام القياسية للمبيعات والذي حمل اسم " سر أطلانتس " ذكر بيرلتز كيف أنه وفريقه قد عثروا على الكثير من الأطلال القديمة الغارقة بالقرب من جزر الكاريبي ، وعلى ما يبدو أشبه بمدينه كبيره تستقر في قاع المحيط عند جزيرة هاييتي ثم كانت لحظه المجد عندما عثروا على طريق بايمين وطريق بايمين هذا عبارة عن طريق مرصوف بالأحجار شمل جزيرة بايمين ، بدا موحيا بأن هذه المنطقة كانت يوما ما فوق سطح الماء قبل أن تغرق وتختفي في أعماق المحيط . وبالقرب من ذلك الطريق رصد بيرلتز وفريقه مابدا أشبه بجدران وأقواس نصر كبيره وأهرام وقواعد وأطلال قديمه في حين رصد بعض الطيارين الذين ساهموا في حمله البحث على مسافة عشره أميال من جزيرة أندراوس دائرة ضخمه من الصخور بدت أشبه بقواعد أساس لبناء هائل. ونشر بيرلتز كل هذا في كتابه وأيده بالصور والوثائق وشهادة الشهود وأهمهم خبير الغوص فالنتين نفسه ، وقامت الدنيا ولم تقعد فالعلماء والخبراء الذين لم يغادر أحدهم مكتبه أو يبذل ربع الجهد الذي بذله بيرلتز وفريقه استنكروا تماما ما جاء في كتاب هذا الأخير ، وقالوا إن طريق " بايمين " هذا مجرد مجموعه من الصخور تصادف أن تراصت على نحو منتظم في أعماق المحيط وهنا نشر بيرلتز وفالنتين مقالا مشتركا سخرا فيه من فكره ونظريه المصادفة هذه قالا ما معناه ، إنها حجه الفاشلين لأن الطبيعة لن تشكل الصخور على هيئه مكعبات ضخمه منتظمة الزوايا القائمة تماما وتفصلها فجوات متناسقة بشده وتقطعها طرق أخرى على مسافات دقيقه متساوية . والأهم والأخطر أن الطبيعة لن تصنع قاعدة عموديه صخريه أسفل كل مكعب على هذا النسق المعماري الدقيق ، ولم يكتف بيرلتز وفالنتين بالمقال وإنما قاما بتصوير فيلم سينمائي للطريق الصخري تم عرضه في كل المحطات للتلفزيون الأمريكي تقريبا . وفى نفس الوقت تم العثور على طريق أخر بوساطة فريق أخر بالقرب من شواطئ جزيرتي ( يوكانان وهندراوس ) طريق أكثر رحابه وضخامة ويمتد إلى داخل المحيط وكأنما يقود إلى شئ ما أو مكان ما هناك ذات يوم منذ قديم الزمن. ولم يكن هذا وحده ما تم العثور عليه في تلك المنطقة من المحيط. لقد عثر الباحثون بالقرب من سواحل فنزويلا على سور طوله أكثر من مائة وعشرين كيلومترا في أعماق المحيط , وعثر السوفيت شمال كوبا على عشرة أفدنة من أطلال المباني القديمة في قاع المحيط ..وشاهدت ماسحة محيطات فرنسية درجات سلم منحوتة في القاع بالقرب من بورتوريكو.
فى الواقع إن قارة اطلانتس بالفعل توصف بأنها كانت متطورة للغاية وقد ثارت العديد من النظريات الغريبة حولها ، ومن بين هذه النظريات الشهيرة تقول إن سكان اطلانتس قد أتو من كوكب آخر في سفينة فضائية ضخمة استقرت على سطح المحيط الأطلسي ، وأنهم انتشروا في الأرض وصنعوا كل ما يثير دهشتنا في كهوف " تيسلي " ب ليبيا , وبطارية " بغداد " , وحضارة مصر , وإنهم كانوا عمالقة زرق البشرة ( وهناك إشارة إلى هذا في بعض الروايات بالفعل ) ثم شن الأثينيون حربا عليهم فنسفوا الجيش الأثيني بقنبلة ذرية أو ما يشبه هذا وبعدها رحلوا وتركوا خلفهم كل هذه الآثار ... وعلى الرغم من غرابة هذه النظرية فإنها تجد من يؤيدها وبكل حماس , مشيرا إلى أن كل الآلهة والملوك وصفوا في كل العصور تقريبا بأنهم من أصحاب الدم " الأزرق " أو الدم النبيل.حتى اللون الأزرق أطلقوا عليه اسم اللون الملكي ولكن يبدوا أن عناد العلماء لا حدود له وأنهم في تلك المرحلة على الأقل كانوا يرفضون تماما الاعتراف بما كشفه غير المتخصصين أو من لا يحملون شهادات علميه متقدمه مهما بلغ وضوحه وقوته . فالجيولوجيون اعترضوا على ذلك السور الطويل من منطلق أنه من المستحيل أن يبلغ سور من صنع البشر هذا الطول ، وجاء الرد مره أخرى على شكل فيلم سينمائي يرصد السور مع عبارة ساخرة تطالب الجيولوجيين بتفسير وجود "سور الصين العظيم" الذي يمتد لعده آلاف من الكيلومترات مادام البشر من وجهه نظرهم لا يستطيعون بناء سور طويل ، وفى هذه المرة سكت الجيولوجيين وسكت العلماء ولكنهم لم يعترفوا بما تم العثور عليه . وعلى الرغم من كل هذا فقد تواصلت الكشوف التي اتخذت من نبؤه كايس طرف خيط لها ، تواصلت من كل الاتجاهات . ففي قاع المحيط شمال كوبا رصد الروس أطلالا ضخمه تمتد على مساحه عشره أفدنه كاملة ، وفى الرصيف القاري لشمال بورتوريكو كشفت ماسحه المحيطات الفرنسية ( أرشميدس ) درجات سلم منحوتة بمنتهى الدقة والانتظام ، وكل هذه الكشوف لم تقنع العلماء ليعترفوا رسميا بأن أطلانتس حقيقة وليست أسطوره . والأعجب أنهم على الرغم من تجاهلهم لكل هذا لم يتوقفوا قط عن البحث عن أطلانتس ووضع النظريات عنها ولكن أبحاثهم اتخذت اتجاها جديدا هذه المرة . لقد تركوا المحيط الأطلنطي وأعمده هرقل " جبل طارق بن زياد " وكل الدلالات التي جاءت في محاورتي أفلاطون وبدءوا في وضع نظريات أخرى ، بل في وضع أطلانتس نفسها في أماكن أخرى وغريبة ومختلفة ، فالبعض قال أن حضارة كريت عرفت باسم الحضارة الميونيه نسبه إلى ملكها ( ميينوس ) ، هي في واقعها حضارة أطلانتس التي ذكرها كريتياس في محاورته الشهيرة . ولكن كريت لم تكن أبدا قارة ضخمه كما أنها ليست خلف أعمده هرقل أو مضيق جبل طارق حاليا صحيح أن ما عثر عليه فيها يشبه إلى حد كبير ما رواه أفلاطون عن أطلانتس وبالذات في الجزء الخاص بمطارده الثيران للإمساك بها بدون استخدام أيه أسلحه إلا أنه من العسير الاقتناع بأن تلك المنطقة الصغيرة كانت متقدمه إلى هذا الحد ، ثم لماذا لا تكون حضارة كريت قد التقطت بعض ما جاء به الناجون من بقايا حضارة أطلانتس ومنها العادات والتقاليد وفكره مطارده الثيران بلا أسلحه أيضا ، ثم إن كريت لم تغرق أبدا وظلت موجودة في زمن أفلاطون وفيما قبله وبعده ولو أنها المكان الذي يقصده لأشار إليها مباشره دون الحاجة إلى وضعنا في هذه الحيرة . وفى زمن الكهنة الفراعنة الذين رووا القصة للمشرع الأثيني العظيم صولون كانت كريت أيضا موجودة وكان يمكن أن يذكروها دون حاجه إلى المواربة .النظريه مردود عليها إذن واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى الكثير من الجهد لدحضها وتفنيدها ولكن هناك نظريه أخرى أكثر غرابه ، نظريه تقول أن أطلانتس لم تغرق في أعماق المحيط الأطلنطي قط ، بل لم تغرق في أي محيط أخر أو أي بحر أخر لقد غرقت في قلب الرمال .
تقول النظرية الأخرى أن أطلانتس قد غرقت وسط رمال الصحراء الكبرى التي تمتد غرب ليبيا وشرق الجزائر وأن مصطلح الغرق هذا يعنى أنها قد دفنت تحت أطنان وأطنان من الرمال على مدى الزمن ، ولكن الغرق في الرمال يختلف تماما الاختلاف عن الغرق في قلب المحيط ، وعبقري مثل أفلاطون لم يكن ليضعنا أمام خطأ لغوى رهيب كهذا ، وحتى كهنه المصريين أنفسهم ما كانوا ليقعوا في هذا الخطأ قط ، ولكن العجيب أن أصحاب نظريه الغرق في الرمال كانت لديهم نقطه قويه يمكن أن تؤيد نظريتهم ، نقطه تكمن في نهاية الصحراء المشار إليها وبالتحدي في كهف من الكهوف في جنوب شرق الجمهورية الجزائرية . فهناك تنتشر مجموعه من الكهوف في مرتفعات " تاسيلى " وتستقر هناك منذ ألاف السنين ، وفى عام 1938م وفى أثناء رحله استكشافيه يقودها الرحالة الشهير " برنبان " تم اقتحام تلك الكهوف ربما للمرة الأولى ليجد أمامه هو وفريقه مفاجأة مذهله . فعلى جدران أول كهف اقتحموه كانت هناك نقوشا ورسوما عجيبة لمخلوقات بشريه أو شبه بشريه تطير في السماء وترتدي أجهزه طيران مثيره للغاية ، ونقوش أخرى لسفن فضاء أو لما بدا وكأنه سفن فضاء وهناك رسوم لرجال ونساء يرتدون الثياب الحديثة ويحملون المظلات ، ورسوم أخرى لضفادع بشريه تحت سطح الماء في أزياء فضائيه . واتسعت عيون الكل في ذهول مبهور قبل أن يتأكدوا من ما يرونه حقيقي ، ثم أكتفوا بعدها برصد الأمر ونقل النقوش والرسوم إلى أوراقهم دون أن يدلو بدلوهم في شأنها باعتبار أنهم مجرد رحاله وليسوا من علماء الآثار أو الجيولوجيا . وعلى الرغم من أن" برنبان " قد نشر مقالا عن كشفه هذا في واحده من المجلات العلمية والكشفية الشهيرة ، إلا أن أحدا لم يول الاهتمام الكافي أو ي أو يعتبر الأمر خارقا للمعتاد ، بل لقد بلغ الأمر بالبعض أن تصوروا أن ما عثر عليه برنبان مجرد نقوش ورسوم حديثه لأصابع صبيانية عابثه في أثناء رحله كشفيه أو حتى رحله لهو معتادة .
ثم جاء الرحالة ( هنرى لوت ) عام 1956م وجذبته كهوف تاسيلى إليها فزارها حاملا معدات التصوير التي التقط بها مئات الصور لكل النقوش والرسوم ، وعندما طالع الخبراء تلك الصور شاب شعر رؤوسهم من فرط الرهبة والانبهار ، فالتقدير الأولى لعمر تلك الرسوم بناء على الصور كان ما يقرب من عشره ألاف عام . واندفع العلماء والباحثون إلى كهوف تاسيلى وقد جرفهم الحماس جرفا وراحوا يفحصون النقوش والرسوم عن قرب ويجرون عليها اختباراتهم العلمية وجاءت النتائج مذهله . فالاختبارات كلها قد أجمعت على أن العمر الفعلي لتلك النقوش هو سبعه عشر ألف عام ، مائه وسبعون قرنا من الزمان حملت إلينا نقوشا تناسب أو ربما تفوق العصر الذي تم كشفها فيه . لغز عجيب رهيب حمل لسنوات وسنوات اسم " لغز كهف تاسيلى " حتى ظهرت تلك النظرية التي تقول : إن أطلانتس كانت تستقر في ذلك المكان وغرقت في رمال الصحراء عندئذ فقط اتخذ لغز كهوف تاسيلى أبعادا جديدة . فمن وجهه نظر المؤيدين للنظرية كان أصحاب تلك النقوش هم الذين نجوا من دمار أطلانتس والذين لم يجدوا أمامهم بعد فناء حضارتهم سوى أن يتركوا لنا نقوشا غائرة لا يمحوها الزمن ليخبرونا بقصتهم وليحذرونا منها أيضا . فمع ربط أطلانتس بتلك النقوش القديمة والمتقدمة جدا تطورت قصه دمار أطلانتس في النظريات المستحدثة وارتبطت بالتأثيرات التي شهدها العالم منذ سنوات قليله آنذاك لتصبح لدينا قصه جديدة تماما. فما دام سكان أطلانتس كانوا متقدمين إلى هذه الدرجة كما تقول نقوش كهوف تاسيلى فهذا يعنى أن فناء قارتهم لم يكن بسبب سلسله من الكوارث الطبيعية المتتالية كما قال " لويس سبنس " مؤيدا " إيجنا تيوس دونيللى " وإنما كان كما وصفه أفلاطون تماما في محاورتيه الشهيرتين ، لقد فنت أطلانتس في يوم وليله ، فنت بواسطة انفجار ذرى رهيب أو طاقه أخرى أكثر قوه لم نتوصل إليها في حضارتنا بعد . ولكن كيف يمكن أن نؤيد أفلاطون في جزء من قصته ثم نخالفه وبمنتهى الشدة في أجزاء أخرى ، كيف يمكن أذن أن يمنح مفكر كبير مثل أفلاطون قطعه من الصحراء بين ليبيا والجزائر لإله البحر ، كيف يمكن أن يبدو له هذا منطقيا بأى حال من الأحوال من الواضح جدا أن أفلاطون لم يكن يقصد الصحراء من قريب أو بعيد عندما ذكر قصه أطلانتس ، ولكن ربما اختلط ألأمر على كريتياس نفسه الذي انتقلت إليه القصة عبر جيلين من البشر ، بدءا من جده صولون الذي نقلها على لسان كهنه قدماء المصريين والذين تناقلوها بدورهم عبر عده ألاف من السنين ، كانت هناك إذن ألف فرصه وفرصه لتتحور الأمور وتتغير وتتبدل لتصبح الصحراء محيطا من رواية إلى أخرى عبر قرون من الزمان . وهذا ما يؤكده مؤيدو نظريه الصحراء، وما يسخر منه مؤيدو نظريه الغرق في المحيط الأطلنطي وعلى رأسهم ( تشارلز بيرلتز ) الذي تساءل في شيء من السخرية ، امتزج ببعض الغضب والحدة . لو أن أطلانتس ظهرت واندثرت في قلب صحراء إفريقيا فما الذي عثر عليه هو وفريقه في أعماق المحيط الأطلنطي .
من جهة علوم الايزوتيريك، فقد سلطت الضوء على حقيقة الأساطير خاصةً في مؤلفها الاثنين والعشرين "الايزوتيريك علم المعرفة ومعرفة العلم" حيث ورد ان "معلومات و حقائق أخفيت في رموز و أساطير والتي لا يستطيع أن يقف على أسرار معانيها إلا ذوي العقول المستنيرة . فبعد اندثار الأطلانتس ، أخفيت المعارف التي توصل إليها إنسان تلك الأزمان مخافة أن تقع في متناول من لا يستوعبها أو يُسيء استعمالَها و من الواضح إن محاورتي "Criteaus" و "Timaeus" لأفلاطون هما من ابرز الكتب الكلاسيكية وأولها التي تحدثت عن القارة المندثرة، حيث يصف لنا الفيلسوف اليوناني قارة اطلانتس بإسهاب عن طريق حوار بين مجموعة رفاق، و بوجود معلمه سقراط، ملقياً الضوء على أدق التفاصيل عن القارة المذكورة ناقلاً إلينا صورة كاملة عن عاداتهم ، بُنيانهم ، زراعتهم ، ثروتهم الطبيعية،حكمهم، تجارتهم، وصولاً إلى حياة النبات و الحيوان فيها . فإذا قارَنا المعلومات الواردة في كتاب أفلاطون ببعض الاكتشافات لآثار وجدت تحت المحيط الأطلسي،ولعادات مارستها شعوب قطنت حول هذا المحيط (وقد ذكرها بيرليتز في كتابه السابق الذكر) إضافة إلى أبحاث علمية عرضتها فضائية Discovery Channel عن اطلانتس، نلاحظ إن الاكتشافات الأثرية ما هي إلا دلائل مادية تُثبت وصف أفلاطون عنها. والجدير ذكره هنا إن الايزوتيريك يشير إلى أن "الجمهورية الفاضلة" لدى أفلاطون ما هي إلا وصف أولي لنوع الحكم في قارة اطلانتس... كذلك الفارابي تحدث عن "المدينة الفاضلة" نقلاً عن أفلاطون فيقول أفلاطون أنه منذ حوالي عشرة ألاف سنة، وبالتحديد عام 9564 قبل الميلاد،كان يوجد جزيرة في المحيط الأطلسي خاضعة لسيطرة بوسيدون (Poseidon ) أي اله البحر، حيث رزق وزوجته الإلهة Cleito بعشرة ذكور... و هكذا انقسمت الجزيرة و الحكم بين عشرة ملوك… و يعتبر ذلك الحكم من التقاليد التي التزم بها شعب ال Guanche الاسباني الأصل في جزر كناري و شعب المايا في المكسيك. ولعلَّ أبرز ما سرده أفلاطون عن شعب اطلانتس تطورهم في الهندسة والري حيث كانوا يبنون ثلاث حلقات دائرية الشكل تلف المعابد و المباني اضافةً الى هول مستطيلة الشكل و شبكات ري متقدمة ( كما يظهر في الرسم البياني أدناه
و قد تم في القرن المنصرم اكتشاف حلقات دائرية مماثلة في جزر الكناري و جزيرة مالطا صورتها بعثة اسبانية تشبه إلى حد بعيد الحلقات الدائرية التي وصفها أفلاطون في كتاباته
و أهم ما في هذه السلسلة من الخطوط الحجرية أنها تمتد على مسافات طويلة لتربط الجزر الموجودة على سطح المحيط الأطلسي بعضها ببعض ولكن في قعر المحيط.
في العام 1958 ، قام ( د. مانسون فالينتاين ) وهو العالم بطبقات الأرض والآثار،بتصوير سلسلة خطوط مؤلفة من جدران ذات أحجار ضخمة، تزن الواحدة منها حوالي 12 طناً، وتتخذ شكل المربع المثالي وأشكال مستطيلة و ذلك تحت مياه شمال جزر بيميناي في بهاماس التي تقع في شمالي غربي المحيط الأطلسي قرب ميامي. أصبحت هذه الخطوط تعرف بممر أو حائط بيميناي "Bemini wall ". بعد دراسة هذه الخطوط وجد فالينتاين أن معظم الأحجار تلتصق ببعضها مكونة خطوطاً مستقيمة ومشكلة زاوية 90 درجة مما يدل على دقة هندسية توصل إليها شعب قديم قد يكون شعب الاطلانتس على حد قوله.
يتبين لنا أن إنسان قارة اطلانتس كان متطوراً في شتى الميادين. فهذا الواقع يدعونا للعودة إلى السؤال المطروح في المقدمة: ما هو سبب كل هذا التطور المادي ولماذا استطاع شعب الاطلانتس بالتحديد بلوغ ما توصل إليه من رقي وتطور؟ يجيبنا علم الايزوتيريك في مؤلفه الثاني عشر "حوار في الايزوتيريك (مع المعلمين الحكماء) " " انه في عهد الاطلانتس ، اكتمل الجسم العقلي ، فتكاملت القوى العقلية في الانسان… والعقل كما هو معلوم ، مزدوج البنيان (بشري وانساني) يتقصى الوقائع والمعطيات بموضوعية ووضوح. تمعن العقل في المادة، فرَغِبَ في اكتشافها. فكان التطور التكنولوجي المعروف وتحقق ذلك كله دونما حِياد أو شرود عن درب الحق في بادئ الأمر، لان إنسان الاتلانتيد استطاع آنذاك أن يوحد الازدواجية التي سادت حياتَهٌ. فهو تمكن من التعمق في كنه المادة وتطويرها… وفي الوقت نفسه نجح في البقاء على اتصال بالعوالم الباطنية والمتابعة في الارتقاء الروحي." من هذا المنطلق، ليس من المستغرب ابداً العثور على ممرات وبنيان تتميز بدقة هندسية متناهية لأن كل شعب يتطور باطنياً، سيتطور مادياً وسينعكس تطوره هذا في حياته اليومية عبر تطبيق عملي متكامل. إضافة إلى ما تقدم، إن اختيار شعب الاطلانتس لأشكال هندسية معينة ليس بالأمر الاعتباطي لأنه أدرك الرموز الباطنية للأشكال الهندسية و للأرقام حيث تكشف علوم الايزوتيريك في كتابها السادس "علم الأرقام و سرالصفر" أن "علم الأرقام نشأ أول ما نشأ، في تلك المنطقة التي كانت تشغلها القارة المفقودة أطلنتس،حيث شهدت تلك القارة أول حضارة علمية استحقت أن يطلق عليها اسم حضارة على وجه الأرض! ومن بين العلوم التي حوتها تلك الحضارة، وأولتها اهتماما" كبيرا"، كان علم الأرقام، الذي نشأ عليه فن العمارة، ومن ثَمَ التكنولوجيا المتطورة التي شهدتها قارة اطلانتس آنذاك." كما إن معاني هذه الأشكال والأرقام مشروحة بإسهاب في الكتاب عينه، كذلك في"كتاب الإنسان"، الإصدار الأول من سلسلة علوم الايزوتيريك. تعقيباً لما ذكرناه عن هندسة شعب اطلانتس، تم في العام 1977 التقاط بعض الصور بواسطة رادار تابع للإدارة الوطنية للأبحاث الجوية و الفضائية (NASA) تظهر سلسلة قنوات ري متطورة جداً في البيرو والمكسيك موجودة في قعر البحر. وقد علق الباحثون على تلك الصور انها متطابقة لوصف أفلاطون في محاورتة "Timeus" الذي يشدد فيه على وجود شبكة قنوات ري متطورة ومجاري تربط السهول بالجبال و البحر في قارة اطلانتس. وبالعودة إلى كتابات أفلاطون، نرى فيها وصفاً للتحول الذي حصل لقسم كبير من شعب قارة اطلانتس إثر انغماسه الشديد في المادة إلى حد التورط فيها… فطغت المصالح الفردية على حياتهم وتفشى الفساد فيها. كما أصبحوا يحكمون بعنف ويمارسون العبودية ويتصرفون بشكل لا إنساني مما دعا اله الآلهة زيوس إلى جمع الآلهة لمعاقبة البشر الذين أخطأوا... وهنا نعود مجدداً إلى السؤال المطروح في المقدمة: لماذا حضارة إنسانية عظيمة كالاتلانتيد تذوي وتتلاشى بعد بلوغها ذروة التطور الباطني والمادي؟ تجيب علوم باطن الانسان- الايزوتيريك عن السؤال في كتابها "الايزوتيريك علم المعرفة ومعرفة العلم"مفسرةً "أن كل شيء وجد من أجل الإنسان، من أجل تطور وعي الإنسان، فالإنسان وجد أصلا من اجل تفتحه على باطن وعيه، ليعرف محتويات ذاته،ويتطور بوعيها، ويعمل في ضوء وعيها على تطوير حياته وحضارته،ليتفتح على إنسانيته ويعود بها زهرة ندية نضرة إلى موجد تلك الزهرة… فلو أن بشرية تلك القارة، أي كل سكان الاتلانتيد أكملوا تطورهم السليم كما بدأوه، لكان السواد الأعظم من بشرية اليوم بلغوا مرتبة الاكتمال الإنساني! غير أن العقلَ نفسَهُ الذي أدى إلى تطور العديد منهم مادياً وباطنياً، أدى بالبعض الآخر إلى الدَرَكْ الأسفل.إذ أن العقل هو الذي سوّل لهذا البعض الآخر بالتغاضي عن الناحية الروحية في كيانه، أو إهمال مكنونات باطنه ،أوالكُفْرُ بخالقه…أو تحدي عملية الخلق الإلهي ليوجد خلقاً ممسوخاً هو مزيج من تزاوج الإنسان بالحيوان. فكبرياء أولئك البشر جعلتهم يعتقدون عند بلوغهم قمة التطور المادي إنهم، باكتشافهم أسرار المادة، سيقتحمون عالم الروح بواسطة خلق جديد. فكانت الخطيئة الكبرى ، وحدث الطوفان الأعظم الذي أزال قارة الاطلانتس وبشريتها من الوجود… وأُعيدت الخليقة إلى مرحلة الصفر. هذا ما يوضحه الايزوتيريك في كتابه "حوار في الايزوتيريك (مع المعلمين الحكماء) " ان أعدادا كبيرة من شعب الاطلانتس لم تتخلّ عن تطوير كيانها الباطني في عالم المادة، بل واظبت على مسيرة الوعي الأشمل على المسار السليم المستقيم _ مسار القدر الإنساني. فوصلوا إلى الاكتمال بإنسانيتهم وانهوا وجودهم الأرضي، في حين أن أعدادا كثيرة غَرِقَت وهم الخاطئون الذين شردوا عن الدرب القويم. ورغم اندثار قارة الأطلانتس، إلا أن معالم مادية عديدة بدأت تنكشف وتظهر تباعاً إلى العلن مشكلةً دلائل علمية يقوم الباحثون بدراستها.
دلائل حقيقة وجود القارة المفقودة أطلانتس أبرز هذه الدلائل هي خارطة محفوظة في مكتبة مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة (Library of Congress) تُعرف بخارطة ( Piri Reis ) التي تم العثور عليها عام 1929 في قصر السلطان التركي المعروف الآن ب ( Topkapi ) حيث يَظهر اسم وموقع قارة اطلانتس على الخارطة.
مخطوطة مصرية مكتوبة على ورق البردي تُدعى مخطوطة Harris طولها 45 متراً ُتشير إلى المصير الذي لاقته قارة اطلانتس وهي محفوظة في المتحف البريطاني، مخطوطة مصرية أخرى محفوظة في متحف Hermitage في مدينة بيترسبيرغ في روسيا تشير إلى إرسال الفرعون بعثة إلى الغرب بحثاً عن اطلانتس . سلسلة جبال في قعر المحيط الأطلسي غرب مضيق جبل طارق صورتها بعثة روسية بواسطة غواصة تدعى Academian Petrovsky عام 1974 وبعد دراسة نوعية سلسلة الجبال هذه، تبين أنها كانت في القديم على سطح المحيط ، ويقول الباحثون إنها كانت جزءاً من القارة المفقودة، اطلانتس. جمجمة من كريستال الكوارتز تم العثور عليها عام 1924 على رأس معبد مهدم في هندوراس تحمل تفاصيل دقيقة جداً لجمجمة إنسان عادي دون أثرلأية خدوش عليها. بعد دراسة هذه الجمجمة في المختبرات العلمية لشركة هيوليت- باكرد، تبين ان لها خصائص ضوئية لأنها إذا تعرضت لنور الشمس من زاوية معينة، انبثقت الأنوار من العينين والأنف والفم. وما أثار حيرة العلماء أن حجر كريستال الكوارتز يعتبر من اقسي الحجارةعلى الإطلاق بعد الألماس وبالتالي يصعب نحته.وان نُحت، فلا بد لأثر(أو خدوش) الأدوات الحادة من أن تظهر عليه، في حين أن أي أثر لا يظهر على هذه الجمجمة حتى تحت المجهر. تبقى هذه القطعة المميزة والغامضة من أبرز الدلائل على وجود حضارة تكنولوجية متقدمة علينا وبالتالي ينسب بعض أشهر علماء اليوم جمجمة الكريستال هذه إلى الحضارة المندثرة أطلانتس.