زاهداً في الناس نفسي
أشربُ الخمرةَ سكرانَ، حزيناً
وأناجيكَ
على من تركوني
ندمي بيتي وأيامي طلولْ!
***
أطرقُ البيبانَ في الليلِ
وأستعطفُ رجعَ الريحِ بالنايِ
على من تركوا الروحَ غريباً
وتواروا خلفَ جدران الأفولْ!
يا أبا الخمرةِ
إني ظامئٌ، صديانُ...
أجتابُ المواجيدَ جريحاً
وأغادي العمرَ ما بين رحيلٍ وقفولْ!
أنتَ علّمتَ بكائيْ أن يطولْ.
جلّنارُ السكرِ في عينيكَ
والدمع، وماءُ العنبِ المرُّ
فروِّ الروحَ مما في لقاحِ اللوزِ
من ماءٍ
وأغرقني كطفلٍ في نوافير الذهولْ!
طائرُ الحزنِ مضى عنّي
وما في قدحي الفارغِ
إلا أرق الليلِ..
فنوّحْ يا حمامَ الدوح من وادٍ لوادي!
يا أميرَ الحزنِ في شجو البوادي!
هدهدِ الروحَ بأشجانِ الهديلِ المرِّ
واغرسْ ريشكَ الأبيضَ في حبرِ فؤادي!
أبداً يتبعني النايُ
وتقفو شجني الريحُ
وتبكيني البوادي!
لبسَ الحزنُ على الوحشةِ قمصاني
وأيامي
ونامتْ كالحماماتِ على شاهدةِ العمرِ
كمنجاتي
وأخفاني سوادي!
كلُّ من نادمتهم بالسكرِ يوماً
أخذوا حبرَ الأباريقِ
وخلّوني وحيداً في حدادي!
حاملاً بين ذراعيّ كتابَ الموتِ
أصغي لأنينِ البشرِ الباكين
في صمتِ العشيّات،
وللريح التي ترثي زماناً موحشاً
غصّاتُها البحّاءُ في وجرِ الشتاءْ!
من إبريقكَ الخمرُ
ومن نفسي البكاءْ!
هذه الخمرةُ أضحت وحدها زادي،
وصارتْ كلّ أوقاتي انطفاءْ
في انطفاءً!