صوتُ نايٍ في حجازِ الليلِ
أم أجراسُ موسيقا
وأكوازُ خريرٍ
وغمامْ.
أم غناءٌ (أبيضٌ) للهدهدِ الشاميِّ
في أسحارِ صوفيٍّ
بشهرِ الصومِ
يصعدُ سلّمَ الإنشادِ أُميّاً
ويلهو في سماواتِ الهزامْ؟
أم سلاطينُ من الحزنِ
يطلّونَ على الخمرةِ
واللَّيلُ قناديلُ من المسكِ
وأنفاس الخزامْ؟
فتعلّمْ أيُّها العاشق
أن تصغي إلى هذا المقامْ!
ستجيءُ امرأةٌ
تلبسُ قمصانَ الهديلِ البيضَ،
تُرخي شعرها الأسودَ
شلاّلَ حمامْ!
قمرٌ يسهرُ في البستانِ
فالديجورُ يجري شمعداناتٍ،
وأنهارَ شموعٍ
وكلامْ!
قمرٌ يغرقُ في بحرٍ من الحنّاءِ
في ديّارةِ الشهرِ الحرامْ!
فتعلّمْ أيُّها العاشقُ
إيقادَ الشموعْ!
وتعلّم أن تسمّي في غروبِ الشمس
أحزانَ اليسوعْ!
واسكبِ الخمرَ ولا تسألْ نديماً:
ما الذي يجعلُ أرواحَ السكارى
في هيامْ!؟
إنه السكرُ
حمامُ الليلِ في الشهوةِ
والحزن
وأمطارٌ من النرجسِ
في ليلةِ صيفٍ ذهبيهْ!
وأباريقُ من الفضّةِ
واللؤلؤِ والدّمعِ
وأجراسُ النبيذ الصدفيّهْ.
هوَ ما يجعلُ من ريحانةِ الروحِ
رياحينَ،
وما يجعلْ من بيّارةِ العشقِ
حساسينَ زجلْ.
فلتكنْ يا أيُّها الشاربُ ماءً
كي تشفَّ الخمرُ عن حزنكَ
فالعشاقُ يجرونَ ظماءً
حولَ نبع الكوثرِ الصافي
ويحسونَ نبيذاً، وقبلْ.
ولتكنْ يا أيُّها العاشقُ ناياً
يجعلُ اللَّيلَ فراديسَ أملْ!
فأنا أسكرني الليلُ
وأبكتني المواجيدُ
وأشجاني الهدلْ!
فاشربِ الخمرَ ولا تسألْ نديماً
ما الذي يجعلُ من دمعِ الأباريقِ
نوافيرَ بكاءٍ، وخزامى،
ودواوينَ غزلْ!
إنه السكرُ من الدنيا
التي تذهبُ بالعمرِ
ويحلو طعمها المرُّ ساعاتِ الأجلْ