مولاي إن الروحَ ترقصُ
كالحمامةِ في الهديلْ!
***
نشوانة بالخمرِ في ديّارةِ الأجراسِ
أيقظها إذن مولاي بالتَّسبيحِ
عودُ الندّ محترقٌ،
وهذا النهدُ في ظمأ
ينامُ على بياضِ الحلم كالقمرِ الجميلْ!
فانشرْ على ليلي هلالكَ يا نبيّ الصبح
في هذي السكينة
كي أسبّحَ باسمكَ العالي،
وأهتفَ في سواد الليلِ:
يا قدوس يا قدّوس
طابت نفسي الثكلى،
وطابَ الموتُ في هذا الجمال المستحيلْ!
أنا من رأيتُ حمائماً بيضاءَ
تهدل عن يمينِ الليل،
والأسرابَ سارحةً كآياتٍ من الأشعارِ
في صدرِ المدى الشفافِ
تهجسُ يا حبيبي!
ورأيتُ في أُفق الليالي
سارحاً مثل الهلالِ العذبِ في الأصيافِ
ذيّاكَ الحبيب مع المغيبِ.
أنا من رأيتُ سحابةً في الصبحِ
ترضعُ طفلة شقراءَ دمعتها
وتقطرُ بالحليب.
وأنا الذي شاهدتُ امرأةً
يصيّرُ قلبها طيرُ الإوزّ يمامةً
عند الصباحِ
ويسرحانِ على غديرِ الماءِ
عذراوينِ من قمرٍ ونيلْ!
فارسمْ بريشتكَ الحنونةِ
في بياضِ النهدِ سوسنةَ الحليبِ الحلو
وارفع سيفكَ المجروحَ في هذا الجمالِ المستحيلْ!
رقصتْ حماماتُ الديارِ
على سريري،
واستعادَ الحبرُ ريشاتِ الهديلْ.
قم أيُّها المعشوقُ
واسقِ عريشةَ الروحِ العليلةِ..
ربّها بالطلّ
واتركها تعطّرُ قلبك الباكي
كزهرِ البيلسانِ الغضّ في نهد جميلْ!
مولاي هذا الطائرُ البريّ
ينقرُ حبّةَ الرمانِ من روحي
فما أحلاهُ..
عذباً، مسكرَ النقراتِ
يرميني بماءِ الوردِ
والعنبِ المخَمّرْ.
وتقومُ امرأةٌ من الحناءِ
ترقصُ (كالموسيقى) في المدى المخضرّ
تاركةً دمَ النبّاذِ
يصنعُ خمرةً ذهبيّةً
ويجمّرُ الرمانَ كالذهبِ المجمّرْ.
فأحارُ أيّهما أشدّ
الرندُ وهو ينمّ عن شهواتها
أم أطلسُ الجسدِ المطيّبِ بالبنفسجِ
والمعطّرْ؟
جسدٌ من النيلوفر الريّانِ
يرقصُ عارياً وسطَ البخورِ
فيوقظُ الريحانَِ،
والعطرَ الخفيّ لخمرةِ الحزنانِ،
والقمرَ النحاسيّ المقمّرْ.
جسدٌ يطلّ كأنه الشمسُ الصغيرةُ
في المدى النشوانِ..
مغسولاً برقراقِ الدموعِ..
يهزّ أثداءَ البنفسجِ فوق مهدكَ
كي تنامْ.
يا أيُّها البدرُ الحرامْ!
هذا جمالكَ مشرقٌ كالصحوِ
مغروسٌ كحدّ السيفِ في خصرِ الغمامْ!
يا شمعدانَ الفضّةِ البيضاءِ
ذيّاك السفرجلُ – نهدها المبيضّ-
من سوّاهُ من شغفٍ
تباكر صبحه نجدٌ وشامْ؟
والقمحُ ذاك القمحُ
من ربّاه كالخصلاتِ
في صدرِ الصبيةِ
كي يشفّ عن الحفيفِ العذبِ
في شجنِ الهزامْ؟
في النصفِ من شعبانِ
يصفو الليلُ
تصفو خمرةُ الحزنانِ
فاذهبْ أيُّها الكرّامُ خلفَ الناي
إنكَ عاشقٌ..
واجلسْ بنسكٍ تحتَ أجراسِ العنبْ!
واذهب كأنكَ آخر العشّاقِ
تحرسكَ العرائشُ،
والرنينُ العذبُ للأقمارِ
في صيفٍ من العاجِ الأليفِ،
وأُمسياتٍ من ذهبْ!
واذهبْ بعيداً
إنما ليلي كنائسُ فضّة..
وناووسي قصبْ.