ظمأٌ يعطشُ كالحنظلِ للمرِّ
وخمرٌ حامضةُ القطرةِ
تستعطفُ كأسَ الموتِ
والروحُ كأمّ ثاكلٍ
تبكي على هذي الحياةْ!
***
أيُّها الموتُ
هل الريحُ هي المختبرُ الحرُّ
لحزنِ الروحِ؟
أم رجعٌ رثائيٌّ لأجراسِ الفواتْ!؟
أم بكاءٌ ضائعُ المعنى
على تغريبةِ الدنيا المواتْ؟!
جالساً في ركنيَ المظلمِ كالذئبِ
أحاكي جملاً ناقصةً،
والأحرفُ العطشى تآليفٌ مقفّاةٌ
لأحزانِ الكماناتِ
التي ينزفُ منها الحزنُ كلَّ الكلماتْ!
جالساً مثلَ كمانٍ صامتٍ
قربَ ضريحي
أغمضُ الجفنَ على نأمةِ حبّ،
وأباكي زهرةَ الحبرِ
التي تذبلُ كالعادةِ في آخرةِ الليل،
وأصوات الحداةْ!
أيُّها الليلُ
هل الموتُ زمانٌ شاغرٌ للروحِ
في ساعةِ شيخوختها المرّةِ،
أم حزنُ النهاياتِ
التي تعبرُ شطآنَ المغيبْ؟!
أم كاتدرائيّةٌ مشنوقةُ الأجراسِ
في الآحادِ؟..
يرثيها حدادٌ غاربُ الأصداءِ
في يأسٍ
ويعلوها صليبْ!
أيُّها النائي الغريبْ!
لا مواويلَ تُصادي وحشةَ الأيامِ
في معتزلِ الليلِ،
وما النايُ سوى صوتٍ لتحريضِ النحيبْ!
وأنا في وحشتي
لستُ سوى مستوحشٍ
يقرعُ أجراسَ المغيبْ!
تهبطُ العزلةُ عمياءَ على الروحِ
ولا يهرمُ إلاَّ اليأسُ
في شرنقةِ الصمتِ..
غرابٌ آخرٌ والليلُ منأى الملكوتْ.
وأنا الصامتُ كالمصحفِ في حزنٍ أموتْ!
لكأني ناسكٌ لليلِ في محرابهِ المهجورِ
قلبي راضيٌ بالموتِ في سكرٍ حزينٍ
ومراثي وحشتي مشنوقةٌ
في مشهدِ الليلِ..
وآلامي مدلاّةٌ بشؤمٍ في رُهَابِ الكهنوتْ.
وكأني كاهنُ اليأسِ
الذي نصّبهُ الحزنُ شقيقاً للتماثيلِ
التي تلبسُ قمصانَ السكوتْ.
وحزنٌ (أسودٌ)
يرضعُ دمعَ البشرِ العزّلِ كالجرذانِ..
والليلُ لباسُ المفردينْ!
وأنا الداشرُ في بريّةِ الأيّامِ
أبتاعُ التقاويمَ التي خالفها الوقتُ
فشاختْ في ليالي اليائسينْ!
لكأنَّ الريحَ ليستْ غير
نشدانِ مزاميرِ المراثي،
والنواعيرَ التي تنهبُ وقتاً يائساً
غير لهاثِ الضائعينْ!
وأنا في ملكوتي
لستُ إلاَّ آدم المشنوق
في وقتِ غروبِ الشمس،
والراثي لحزنِ العالمينْ