من أوراق العاشق

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

-1-‏

خذيني من النايِ آخرةَ المغربِ!‏

***‏

خذيني من النايِ، من حسرةِ النايِ‏

من شجني في الربابةِ‏

واسترجعيني من النغمِ المتعبِ!‏

***‏

هنا للعصافيرِ عشٌّ على الغصنِ..‏

طيرٌ على العشّ يشربُ زقزقةً‏

من فمِ الذهبِ.‏

***‏

خذيني كما يجمعُ النايُ‏

سربَ السنونو‏

ويطلقهُ فوقَ مئذنةِ المغربِ!‏

-2-‏

لديني من النايِ‏

طفلاً يقطّفُ زهرَ الأمومةِ‏

من شجرِ الحزنِ عند الغروبِ‏

ويزرعها دمعةً دمعةً‏

فوق قبرِ المدى!‏

***‏

لديني فقيراً يربّي الحماماتِ‏

في باحةِ للصلاةِ‏

ويعزفُ بالناي كيما‏

يجمّعَ حزنَ النجومِ‏

ويسكبهُ بالصدى!‏

***‏

لديني مع الصبحِ من شجرِ البرتقالِ‏

لأمرضَ باللوزِ‏

بين الندى والندى!‏

-3-‏

أغني ليسمعني الصمتُ ما بعدَ‏

منتصفِ الليلِ‏

أروي جرارَ المواويلِ بالحزنِ‏

من نغماتِ كماني!‏

***‏

أغني ليأخذني النومُ‏

في زورقِ الليل‏

ثم أفيقُ على الصبحِ ممتلئاً بالأغاني.‏

***‏

أغني لتبقى الصبيةُ زارعةَ اللوزِ‏

والعشقُ أجملَ‏

والوردُ أغرسَ شوكاته ساهماً‏

في بناتي.‏

-4-‏

سمعتُ على النايِ قلبي الصغيرَ‏

يراقصُ كل العصافيرِِ في حقلةِ الأقحوانِ‏

ويمسكُ عصفورةً ليعلّمها لحنَ أغنيةٍ،‏

ويطيّرُ طيرَ الأناشيدِ بين حقولِ القصبْ.‏

***‏

سمعتُ على الناي‏

نأمةَ حزنٍ عتيقٍ‏

تنوحُ وراءَ سياجِ الخريفِ‏

فأمسكتها بيديّ‏

وأطعمتها حبّةً من عنبْ.‏

***‏

سمعت على الناي عاشقةً‏

تتأمّلُ أيامها عندَ مجرى الغديرِ‏

فطوّقتها بالغناءِ‏

وشنشلتها بالذهبْ.‏

-5-‏

ينامُ الكمانُ على صدري الحلو..‏

تغفو نجومٌ مبلّلةٌ (بالموسيقى)‏

وتغفو ضفائرُ امرأةٍ‏

فوق كتف الغديرْ.‏

***‏

تنامُ الحمائمُ ثم تطيرُ إلى الهندِ‏

متعبةً.. متعبهْ.‏

وينشغلُ القمحُ بالريحِ‏

ثم يمّوجُ حنطتهُ في حقول الحريرْ.‏

***‏

ينامُ الكناريُّ في العشِّ‏

منتظراً‏

أن يهلَّ الهلالُ‏

وفي ساعةِ البدرِ‏

يملأ قَريتنا بالصفيرْ.‏

-6-‏

أنا الحزنُ‏

حين تدورُ النواعيرُ‏

بعدَ الحصائدِ ضائعةً.. ضائعهْ!‏

***‏

أنا الحزنُ‏

حين تطيرُ الحمامات‏

فوق سطوح البيوتِ‏

وتلعبُ أقمارُ صيفٍ‏

على قريةٍ رائعهْ!‏

***‏

أنا الليلُ‏

حين تنامُ الكمنجاتُ‏

في مهدِ أغنيةٍ موجعهْ!‏

***‏

أنا الحبُّ‏

حين يعضُّ المحبُّ‏

على كتفيْ قمرٍ أبيضينِ‏

ليطعمَ تفاحةً جائعهْ.‏

***‏

على شرفةِ البيتِ أجلسُ منتظراً‏

أن يمرّ الخريفُ‏

لأجمعَ أوراقَ وحشتهِ‏

في دفاتريَ الضائعهْ.‏

***‏

ليسَ بيني وبينكِ غيرُ هديلٍ‏

يردُّ الحمامَ إلى أولِ الروحِ‏

أبيضَ‏

مثل زهورِ الحليبِ الشفيفْ.‏

أنتِ غصنٌ يميلُ على النهرِ‏

في شجنٍ...‏

وأنا الريحُ‏

عمَّرها الحورُ من بحّةٍ‏

وحفيفْ!‏