سَهَرٌ على الينبوعِ
وامرأة تَزَوّجتِ الحفيفَ
وسيّجتْ شبّاكها بالفلّ
والسروِ الحزينْ.
***
مالتْ على أيقونةِ العذراءِ شاكيةً
فمدَّ البحرُ زرقته أمامَ الحزنِ..
امرأةٌ بكلّ حنينها..
(بأناملٍ) بيضاءَ من رجزٍ وموسيقى
تضيءُ شموعها للغائبينْ.
مثلَ الرسولةِ في أقاصي الصبحِ
تجمعُ نرجساً لزفافها
والأزرقُ الورديُّ يمسحُ وجهها
بالياسمينْ.
لصفاءِ طلعتها مصاحفُ لا تَمسُّ..
لروحها شهواتُ قبل الفجرِ
أسقطَ طائرُ الرمانِ ريشته على شباكها
العالي
وطارَ بصوته الحافي
يغرّدَ في بساتين الحنين.
سهرٌ على الينبوعِ
جاءَ البلبلُ الصيفيُّ..
جاءَ القمحُ..
والفلاحُ يحملُ سلّةَ الليمونِ..
والناطورُ يحملُ من كرومِ الليل
موّالَ الغروبِ..
وجاء نايٌ طاعنٌ في السنّ
يحملُ في جوانحهِ المراثي..
كلهمْ جاؤوا عشاءً ناحبينْ!
راحَ القمحُ يشعلُ موقداً للخبزِ
والكرَّام يُعصرُ خمرةَ الأعنابِ
والناطورُ يبني من ضلوعِ اللوزِ
عرزالاً لشوقِ الحاصدينْ.
قرعتْ طبولَ الصيفِ كفُّ الريحِ
راحتْ نسمةٌ بيضاءُ ترقصُ
في ثيابِ النومِ..
والزمّارُ يزمرُ في أعالي الوعرِ..
إنَّ القمحَ في شغلٍ.
وغصنُ الحورِ مهتزٌ
يراقصُ ريشةَ العصفورِ
والصوفيُّ يغزلُ من خيوطِ الوقتِ
منديلاً لعذراءِ الحمائمْ.
وأنا الصبيْ..
قرأتْ عليه غمامةٌ أسرارها
ورعته مريمُ في سريرِ حنانها
الحاني فنامْ
أشعلتُ سنبلةً برائحةِ البنفسجِ
ثم قلتُ لطائرِ الزيتونِ:
اذهبْ في نشيدِ القمحِ أميّاً
لتدخلكَ القصيدةُ وقتها العالي..
وقلتُ لطفلةٍ لا تذهبي للنومِ
(حبركِ أبيضٌ)
والليلُ محبرةُ الكلامْ.
فاكتبْ لنا أشواقنا يا حبرُ
في فصلِ الكتابة
كي نظلَّ على هيامْ!
واذهبْ إلى قمرِ القرى
المرفوعِ فوق غنائنا الصيفيِّ
سلّمهُ الرسالةَ:
إن أزهارَ البنفسجِ والجداولَ
والمياهَ الخضرَ والأنهارَ والأطيارَ
إخوتنا وقريتنا الغمامْ.
الليلُ سيّج نَومنا (بجدائلٍ) سوداءَ
واقتعدَ الغروبُ على السياجِ
يضيءُ أزهارَ الشموعِ الحمرِ...
والأشجارُ قد هزّتْ على شباكنا
المفتوحِ أجراسَ الحفيفِ
كأنها الهمسُ الحرامْ!
نامَ القمحُ وانطفأَ الهلالُ
على سريرِ الليلِ
والأقلامُ أغفتْ فوق أوراقِ الكتابة
واختفينا في الكلامْ