الانتحارُ الحرُّ بينَ ربابتينِ،
بكاءَ أغنيةٍ يلوّحُ عمرَهَا للقمحِ،
قلبٌ مقبلٌ من عتمةِ الدنيا
ليضاجعَ الرمانْ!
موالُ ثاكلةٍ على الزيتون،
أخدودُ الحياةِ الكهلُ،
جنحُ حنانها المجروحِ...
قافيةُ المواويلِ التي راحت
تلاطمها الرياحُ
على جذوعِ السنديانْ. /هو صوتنا المبحوحُ خلفَ الريحِ
مهباجُ الضياعِ المرُّ،
قدّيسُ الثلوجِ
وذئبُهَا المتروكُ إثماً ضائعاً
في وحشة الوديانْ.
يعوي ويرحلُ في قفارِ الأرضِ
تتبعهُ ذئابُ الحزنِ من جبلٍ إلى جبلٍ
وينبحُ في ظلامِ الليل بالخسرانْ!
ظلٌ يرامحُ في سوادِ الليلِ أشباح العواءِ،
ويختفي كالحزنِ في جسدِ المراثي
كلّما مرَّ الحداءُ على ضريحِ الأرضِ
يأتي خلسةً
ليضمَّ أرملةَ المواويلِ الجريحةَ
بعد غيبتهِ الطويلةِ
أو يخصِّلَ من جدائلِ شعرها السوداءِ
سنبلةً
لطفلتهِ التي شبّتْ على الأحزانْ.
وبكلّ أغنية ننادمُ صوتَهُ المجروحَ،
نلمحُ في المراثي ظلَّهُ المكسورَ
محنيّاً على قبرِ الضياعِ
ككتلةٍ منحوتةٍ للدمعِ والغفرانْ!
يا توأميْ ومسيحيَ المصلوب فوقَ
بداوة الصبّارِ!
لا قلبٌ يدقُّ على وجيبكَ
خلفَ هذا السور..
لا امرأةٌ تحوكُ
على أنينكَ
ضلعَهَا المكسورَ،
لا ريحٌ تكرّرُ روحها
إلا على جذعِ الحدا والانتظارْ.
لا شيءَ غيرُ الريحِ
تشنقُ في البراري خصلةَ الحزنِ البريئةَ،
والشحوبُ المرُّ في وجهِ القفارْ.
وأصابعٌ مغمورةٌ بالرملِ
ترفعُ وردةَ الندمِ الأخيرةَ
بين أنقاضِ الشقاءْ!
لا شيءَ في هذا المكان سوى
قصاصاتِ الخريفِ
تهيمُ في أفقٍ حزينٍ
ثم تهوي كالتوائمِ
فوق قمصانِ العماءْ.
لا شيءَ في هذا السوادِ سوى صدى
طاحونةٍ خرساءَ خلف الحرشِ
توقظُ بالعويلِ مرارةَ الطيونِ في سفحِ من الهجرانْ.
وعقابُ أيامٍ
يكرّرها غرابٌ جارحٌ عندَ الغيابِ
مبدّداً بسوادهِ أميَّةَ الصوانْ.
فارفعْ عواءكَ في جهاتِ الأرضِ!
لن تبكي عليكَ غزالةٌ
لتصيرَ أيّوباً على الأيامِ
بل ستموتُ وحدكَ في شتاءٍ ماطرٍ، ناءٍ
كما فزاعة للحزنِ
مصلوباً على بوابة البستانْ.
لكنني في وحدتي يرتابُ بي ظلّي
فيرفعني إلى أحجيّةِ الجدرانِ ظلاً خائفاً
يبكي على قمرِ الأقاصي
مثل ذئبٍ نابحٍ في وحشةِ الوديانْ.