مفهوم التربية في الإسلام
التربية لغة :
إذا رجعنا إلى معاجم اللغة العربية وجدنا لكلمة التربية أصولاً لغوية ثلاثة:
الأصل الأول: رَبا يربو بمعنى زادَ ونما ،فتكون التربية هنا بمعنى النمو والزيادة ، كما في قوله تعالى :] يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [[1] ، ] ... وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [[2] ، ] وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ [[3]
الأصل الثاني: رَبى يربي على وزن خفى يخفي،وتكون التربية بمعنى التنشئة والرعاية ، كما في قوله تعالى : ] قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ [[4] ، ] وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [[5].
وعليه قول الأعرابي :
فمن يكُ سائلاً عني فإني *** بمكة منزلي وبها ربيتُ
الأصل الثالث: رب يرب بوزن مدّ يمدّ بمعنى أصلحه،وتولى أمره،وساسه وقام عليه ورعاه،كما في قوله تعالى : ] وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [[6] ، ] ...وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ... [[7] ، ] وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ [[8]
التربية اصطلاحاً :-
تختلف الآراء في تحديد مفهوم التربية باختلاف الظروف التاريخية والحضارية وباختلاف الأماكن – كما قد تختلف باختلاف نظرة المتخصصين ،وقد وردت تعاريف كثيرة للتربية من قبل فلاسفة وعلماء اجتماع وسياسيين ونفسانيين.. ولكن لا تخرج تعريفاتهم بأي حال من الأحوال عن المعنى اللغوي للكلمة.
قال الإمام البيضاوي (ت685هـ): الرب في الأصل بمعنى التربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً،ثم وصف به تعالى للمبالغة.
وقال الراغب الأصفهاني (ت502هـ):الرب في الأصل التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.
ويمكن القول بصفة عامة أن التربية هي : عملية يُقصد بها تنمية وتطوير قدرات ومهارات الأفراد من أجل مواجهة متطلبات الحياة بأوجهها المختلفة – أو هي عملية بناء شخصية الأفراد بناء شاملاً كي يستطيعوا التعامل مع كل ما يحيط بهم ، أو التأقلم والتكيف مع البيئة التي يعيشون بها – وتكون التربية للفرد والمجتمع.
وعرف علماء التربية الحديثة (التربية) بأنها تغيير في السلوك.
ويتميز مفهوم التربية الإسلامية في الإسلام عن غيره من مفاهيم التربية بما يلي :
التربية الإسلامية تستمد أهدافها ومناهجها وأساليبها ووسائلها من مصادر الشريعة الإسلامية.
التربية الإسلامية لا تربى الإنسان لهذه الحياة الدنيا فقط بل تربيه للدنيا والآخرة.
التربية الإسلامية تركز على الجانبين المادي والروحي في الإنسان وتراعي في ذلك الشمول والتكامل.
تعريف التربية الإسلامية:
نظام من الحقائق والمعايير والقيم الإلهية الثابتة،والمعارف والخبرات والمهارات الإنسانية المتغيرة،نابع من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة،يهدف إلى تربية الإنسان وإيصاله إلى درجة الكمال التي تمكنه من القيام بواجبات الخلافة في الأرض،عن طريق إعمارها،وترقية الحياة على ظهرها،وفق منهج الله.
وقيل هي: النظام التربوي المنبثق من القرآن الكريم،والسنة النبوية،والهادف إلى تنشئة المسلم وتوجيهه،ورعاية جوانب نموه،لبناء سلوكه،وإعداده لحياتي الدنيا والآخرة،والذي افترض الله على المربين من آباء ومسؤولين أن يأخذوا به وحده دون غيره من الأنظمة الأخرى.
وقد أورد الدكتور صالح أبوعراد في كتابه القيم:(التربية الإسلامية المصطلح والمفهوم) مايلي:
تُعد التربية الإسلامية أحد فروع علم التربية الذي يُعنى بتربية وإعداد الإنسان في مختلف جوانب حياته من منظور الدين الإسلامي الحنيف . وعلى الرغم من شيوع مصطلح " التربية الإسلامية " في عصرنا الحاضر ؛ إلا أنه لم يكن مُستخدماً وشائعاً في كتابات سلفنا الصالح ، ولم يكن معروفاً في تُراثهم العلمي الكبير ؛ وإن كانت قد وردت الإشارة إليه عند بعض المهتمين بهذا المجال من الفقهاء والعُلماء و المفكرين . وفيما يلي محاولةٌ لتسليط الضوء على بعض المرادفات التي استُخدمت قديماً للدلالة على مصطلح " التربية الإسلامية " ، وبيانٌ لمعناه ، ومفهومه ، وتعريفه .
= مرادفات مصطلح التربية في تراثنا الإسلامي :
لم يرد مصطلح " التربية الإسلامية " بهذا اللفظ في القرآن الكريم ، ولا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ورد بألفاظ أُخرى تدل في معناها على ذلك . كما أن هذا المصطلح لم يُستعمل في تراثنا الإسلامي لاسيما القديم منه ؛ وإنما أشار إليه بعض من كتب في المجال التربوي بألفاظٍ أو مصطلحاتٍ أخرى قد تؤدي المعنى المقصود ؛ أو تكون قريبةً منه . وقد أشار إلى ذلك ( محمد منير مرسي ، 1421هـ ، ص 48 ) بقوله :
" تعتبر كلمة التربية بمفهومها الاصطلاحي من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبطةً بحركة التجديد التربوي في البلاد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين ؛ ولذلك لا نجد لها استخداماً في المصادر العربية القديمة ".
أما الألفاظ والمصطلحات التي كانت تُستخدم في كتابات السلف للدلالة على معنى التربية ؛ فمنها ما يلي :
1) مصطلح التنشئة : ويُقصد بها تربية ورعاية الإنسان منذ الصغر ؛ ولذلك يُقال : نشأ فلان وترعرع . قال الشاعر العربي :
وينشأُ ناشئ الفتيان فينا
على ما كانَ عَودهُ أبـوهُ
وممن استخدم هذا المصطلح العالِم عبد الرحمن بن خلدون (المتوفى سنة 808هـ) في مقدمته الشهيرة .
2) مصطلح الإصلاح : ويعني التغيير إلى الأفضل ، وهو ضد الإفساد ، ويُقصد به العناية بالشيء والقيام عليه وإصلاح اعوجاجه ؛ وقد ذكر ذلك (خالد حامد الحازمي ، 1420هـ ، ص 23 ) بقوله :
" والإصلاح يقتضي التعديل ، والتحسين ، ولكن لا يلزم أن يحصل منه النماء والزيادة ، فهو إذاً يؤدي جزءًا من مدلول التربية ".
3) مصطلح التأديب أو الأدب : ويُقصد به التحلي بالمحامد من الصفات والطباع والأخلاق ؛ والابتعاد عن القبائح ، ويتضمن التأديب معنى الإصلاح والنماء . وهو ما يُشير إليه ( علي إدريس ، 1405هـ ، ص 13 ) بقوله :
" عند قدماء العرب كانت كلمة ( تأديب ) هي المستعملة والمتداولة أكثر من كلمة تربية ، وكان المدلول الأول لكلمة ( أدب ) في تلك البيئة العربية يُطلق على الكرم والضيافة ، فكان يُقال :فلانٌ أَدَبَ القومَ إذا دعاهم إلى طعام"وهكذا كان مدلول كلمة ( تأديب ) منصرفاً بالدرجة الأولى إلى الجانب السلوكي من حيث علاقة الإنسان مع غيره ".
وهنا نلاحظ أن مصطلح الأدب أو التأديب وثيق الصلة بمصطلح التربية حيث يمكن أن تُشتق منه تسمية المعارف آداباً ؛ وتسمية التعليم تأديباً ، وتسميةُ المربي أو المعلم مؤدباً . وقد أشار إلى هذا المعنى ( أحمد شلبي ، 1978م ، ص 58 ) في معرض حديثه عن التعليم في القصور ؛ فأورد نقلاً عن ( رسالة المعلمين ) للجاحظ قوله :
"والمعلم هنا ( أي في القصور ) لا يُسمى معلم صبيان أو معلم كُتاب ، وإنما يُطلق عليه لفظ "مؤدِّب " وقد اشتق اسم المؤدب من الأدب ، والأدب إما خُلقٌ وإما رواية ، وقد أطلقوا كلمة مؤدب على معلمي أولاد الملوك إذ كانوا يتولون الناحيتين جميعًا ".
و مصطلح الأدب أو التأديب مصطلحٌ شائعٌ ورد في بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي منها :
* ما روي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال :" لأن يؤدب الرجل ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، رقم الحديث 1951 ، ص 337 ) .
* وما روي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله rقال : "ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدبٍ حسن" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، الحديث رقم 1952 ، ص 337 ) .
* وما روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r قال : " أكرموا أولادكم ، وأحسنوا أدبهم" ( ابن ماجة ، د.ت ، ج 2، الحديث رقم 3671، ص 1211 ) .
وهنا نلاحظ من معاني هذه الأحاديث أن لفظ الأدب يدل على معنى كلمة تربية الأبناء وتنشئتهم على التحلي بمحاسن الأخلاق ، وجميل الطباع .
كما أن هذا المصطلح قد شاع استعماله عند كثيرٌ من العلماء والفقهاء والمفكرين المسلمين القدامى ومنهم : الماوردي ( المتوفى سنة 450هـ) في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) ، و محمد بن سحنون التنوخي ( المتوفى سنة 256هـ) في رسالته (آداب المعلمين والمتعلمين ) ، والخطيب البغدادي ( المتوفى سنة 463هـ) في كتابه ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ).
4) مصطلح التهذيب : ويُقصد به تهذيب النفس البشرية وتنقيتها ، وتسويتها بالتربية على فضائل الأعمال ومحاسن الأقوال . جاء عند ( الفيروزآبادي ، 1415هـ ، ص 132 ):
"رجُلٌ مُهَذَّبٌ : مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ" .
كما جاء في ( المعجم الوجيز ، 1400هـ، ص 647 ) :" وهَذَّبَ الصَّبيَّ رَبَّاه تربيةً صالحةً خالصةً من الشوائب " . وقد استعمل هذا المصطلح ابن مسكويه ( المتوفى سنة 421هـ) في كتابه ( تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق )، كما استخدمه الجاحظ ( المتوفى سنة 255هـ) في رسالته ( تهذيب الأخلاق ).
5) مصطلح التطهير : ويُقصد به تنـزيه النفس عن الأدناس والدنايا ؛ وهي كل قولٍ أو فعلٍ قبيح . وحيث إن للتطهير معنيين أحدهما حسيٌ ماديٌ والأخر معنوي ؛ فإن المقصود به هنا المعنى المعنوي الذي يُقصد به تطهير سلوك الإنسان من كل فعلٍ أو قولٍ مشين .
6) مصطلح التزكية : ويأتي بمعنى التطهير ، ولعل المقصود بذلك تنمية وتطهير النفس البشرية بعامةٍ من كل ما لا يليق بها من الصفات السيئة ، والخصال القبيحة ، ظاهرةً كانت أو باطنة . قال تعالى : ]كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ ( سورة البقرة : الآية 151) . وقد جاء في تفسير ( عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، 1417هـ ، ص 57 ) أن المقصود بقوله تعالى : "ويُزكيكم" في هذه الآية : " أي يُطهر أخلاقكم ونفوسكم ، بتربيتها على الأخلاق الجميلة ، وتنـزيهها عن الأخلاق الرذيلة ".
وقال تعالى :] قد أفلح من زكَّاها [ ( سورة الشمس : الآية 9 ) . وقد جاء في بيان معنى هذه الآية عند ( ابن كثير ، 1414هـ ، ص 547 ) قوله : " وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل ". ومعنى هذا أن تزكية النفس تعني تربيتها على الفضائل وتطهيرها من الرذائل .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصطلح ( التزكية ) يُعد أكثر المصطلحات قرباً في معناه لمصطلح " التربية الإسلامية " لاسيما وأنه قد ورد في بعض آيات القرآن الكريم دالاً على معنى التربية ؛ ولكونه يدل على محاسبة النفس و العناية بها ، والعمل على الارتقاء بجميع جوانبها ( الروحية ، والجسمية ، والعقلية ) إلى أعلى المراتب وأرفع الدرجات . وهو ما يؤكده ( محمد الغزالي ، 1400هـ ، ص 1) بقوله :
"..والتزكية ، وهي أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية ؛ بل تكاد التزكية والتربية تترادفان في إصلاح النفس ، وتهذيب الطباع ، وشد الإنسان إلى أعلى كلما حاولت المُثبطات والهواجس أن تُسِفَّ به وتعوجّ ".
7) مصطلح التعليم : وهو مصطلح شائع ورد ذكره في بعض آيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى : ]هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويُزكيهم ويُعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين [ ( سورة الجمعة : الآية 2) .
كما ورد هذا المصطلح في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ( البخاري ، 1407هـ ، ج 4 ، الحديث رقم 4739 ، ص 1919 ) .
وممن استخدم هذا المصطلح العالم برهان الدين الزرنوجي ( المتوفى سنة 620هـ تقريباً ) في كتابه القيّم ( تعليم المتعلم طريق التعلم ) ، والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ( المتوفى سنة 150هـ ) في رسالته ( العلم والمتعلم ) . وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن مصطلح ( التعليم ) شائع وكثير الاستعمال في كتابات علماء السلف ؛ إلا أن استخدامه كان محصوراً - في الغالب - للدلالة على تنمية الجانب المعرفي المتمثل في طلب العلم .
8) مصطلح السياسة : و يُقصد بها القيادة ، وحُسن تدبير الأمور في مختلف شئون الحياة . وتأتي بمعنى القدرة على التعامل ، أو الترويض . وقد استخدم العالم ابن الجزار القيرواني ( المتوفى سنة 369هـ) مصطلح السياسة بمعنى التربية في كتابه ( سياسة الصبيان وتدبيرهم ) ، كما استخدمه الشيخ الرئيس ابن سينا ( المتوفى سنة 428هـ) في كتابه ( السياسة ) .
9) مصطلح النصح والإرشاد : ويعني بذل النصح للآخرين ودلالتهم على الخير وإرشادهم إليه ؛ وممن استخدم هذا المصطلح أبو الفرج بن الجوزي ( المتوفى سنة 597هـ) في رسالته ( لفتة الكبد إلى نصيحة الولد ) ، والإمام أبو حامد الغزالي ( المتوفى سنة 505هـ) في رسالته ( أيها الولد ) ، والحارث المحاسبي ( المتوفى سنة 243هـ) في رسالته ( رسالة المُسترشدين ) .
10) مصطلح الأخلاق : وهو مصطلح يُقصد به إصلاح الأخلاق وتقويم ما انحرف من السلوك . وعلى الرغم من أن هذا المصطلح يهتم في الواقع بجانبٍ من جوانب التربية ؛ إلا أنه قد يُستخدم للدلالة على التربية بعامةً . وممن استخدم هذا المصطلح أبو بكر الآجُري ( المتوفى سنة 360هـ) في كتابه ( أخلاق العلماء ) .
وهنا يجدر بنا أن نُشير إلى أن معظم الكتاباتٍ في التربية الإسلامية عند سلفنا كان مرتبطاً بمرحلة الطفولة عند الإنسان ، وهو ما يؤكده ( فتحي علي يونس وآخرون ، 1999م ، ص 42 ) بقولهم :
" إن لفظ التربية في الكتابات الإسلامية يرتبط أولاً بمرحلة الطفولة ، بينما لفظ التربية في الحقل التربوي يرتبط بجميع مراحل العمر التي يمر بها الإنسان ".
يضاف إلى ذلك ما يُلاحظ من اهتمام وعناية تلك الكتابات التُراثية غالباً بالجانب الأخلاقي عند الإنسان ، وهو ما يتضح في كثرة كتاباتهم عن الأدب والتأديب والأخلاق ونحو ذلك .
من ذلك كله يمكن القول : إن معنى كلمة التربية يدور ويتركز في العناية التامة ، والرعاية الكاملة لمختلف جوانب شخصية الإنسان في مختلف مراحل حياته ؛ وفي كل شأنٍ من شئونها . وهو ما يُشير إليه (خالد حامد الحازمي ،1420هـ ، ص 18) بقوله :
"من هذه التعريفات اللغوية يتضح أن التربية تدور حول الإصلاح ، والقيام بأمر المتربي ، وتعهده ، ورعايته بما يُنميه . وأن المفهوم التربوي مرتبط بجميع تلك المعاني .
والخلاصة : أن المرادفات التي استخدمها السلف الصالح للدلالة على معنى التربية تدور حول تنمية ، وتنشئة ، ورعاية النفس البشرية وسياستها ، والعمل على إصلاحها ، وتهذيبها ، وتأديبها ، وتزكيتها ، والحرص على تعليمها ، ونصحها وإرشادها ؛حتى يتحقق التكيف المطلوب ، والتفاعل الإيجابي لجميع جوانبها المختلفة ؛ مع ما حولها ، ومن حولها من كائناتٍ ومكونات .
كما أورد أبوعراد عدد من التعاريف الشاملة للتربية الإسلامية منها:
فقد عرَّفها ( مقداد يالجن ، 1409هـ ، ص 20 ) بأنها : " إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضؤ المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام ".
وعرَّفها ( زغلول راغب النجار ، 1416هـ ، ص 85 ) بأنها :" النظام التربوي القائم على الإسلام بمعناه الشامل ".
أما ( عبد الرحمن النقيب ، 1417هـ ، ص 17 ) فيرى أن المقصود بالتربية الإسلامية : " ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف إيجاد إنسان القرآن والسُنة أخلاقاً وسلوكاً مهما كانت حرفته أو مهنته " .
في حين يرى ( عبد الرحمن النحلاوي ، 1403هـ ، ص 21 ) أن " التربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كُلياً في حياة الفرد والجماعة " .
وهنا يمكن القول بأن التعريفات السابقة تؤكد جميعاً على أن التربية الإسلامية نظامٌ تربويٌ شاملٌ يهتم بإعداد الإنسان الصالح إعداداً متكاملاً دينياً و دُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة .
المراجع:
- أحمد الحمد(1423هـ)التربية الإسلامية،الرياض:دار اشبيليا.ص11-14.
-عبدالرحمن النحلاوي(1403هـ)أصول التربية الإسلامية وأسالبيها،دمشق:دار الفكر.ص12-13.
- ماجد عرسان الكيلاني(1416هـ) مناهج التربية الإسلامية والمربون العاملون فيها،بيروت:عالم الكتب،ص 71
- صالح بن علي أبو عرَّاد(1426هـ) التربية الإسلامية المصطلح و المفهوم.
[1] سورة البقرة ، الآية : 276
[2] سورة الحج ، الآية : 5
[3] سورة الروم ، الآية : 39
[4] سورة الشعراء ، الآية 18
[5] سورة الإسراء ، الآية 24
[6] سورة البقرة ، الآية : 32
[7] سورة المائدة ، الآية : 110
[8] سورة آل عمران ، الآية : 48