تعريف الزواج لغة: هي كلمة عربية تحمل معنى الازدواج والاقتران والارتباط، كما جاء في قوله تعالى (وإذا النفوس زوجت) (التكوير 7) أي قرنت بأبدانها يوم البعث.
ومن معانيه أيضا، اقتران الرجل بالمرأة وارتباطه بها على سبيل الأستئناس والتناسب.
وقد ذاع استعمال الزواج في هذا المعنى حتى أصبح هو المتبادر الى الأفهام عند سماع اللفظة، وفي القرآن الكريم جاءت الكلمة في مواضع مختلفة منها، فمنه قوله تعالى (وزوجناهم بحور عين) (الدخان- 54) وقوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها)(الأحزاب –37).
وتستعمل كلمة النكاح في معنى الزواج وهذا كثير في القران الكريم ومنه قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (النساء- 3)، فالزواج يدل على الاقتران لذا أطلق على العقد: بأنه قران بين رجل وامرأة، وسمي هذا الأقتران زواجا (تعدد الزوجات في الإسلام ص 17).
تعريف الزواج اصطلاحا (الترعيف الشرعي):
"هو عقد يفيد ملك المتعة: أي حل استمتاع الرجل في امرأة ما لم يمنع من نكاحها مانع شرعي" (حاشية ابن عابدين 2/258)، وعرفه الأمام الشوكاني: بأنه عقد بين الزوجين يحل به الوطء (نيل الاوطار) (6/227).
تعريف الزواج في قانون الأحوال الشخصية:
"الزواج هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل".
سؤال أود أن أطرحه عليك، ما يعني أن يكون لك شريكا جديدا في حياتك، أريد أن أصيغ لك السؤال مرة اخرى؟ قبل أن تفكر في الزواج وتختار من تختار لينضم الى جانبك، لا بد أن تعرف المغزى الحقيقي من الزواج، وهذا لا يأتي إلا من خلال الأسئلة الخماسية وهي (لماذا – كيف – ماذا – متى – أين).
قال تعالى (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) وفي سورة النور الآية 32 (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (النور 22).
وفي سورة الفرقان الآية 74 (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) فالهدف من الزواج هو أن تقيم رابطة مقدسة مشتركة بينك وبين شريكك، وأن تكون لديك مملكة جديدة ومستقلة تستطيع أن تحيا بها بشكل مستقل عن حياة الأسرة الكبيرة التي نشأت فيها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ابي أمامة (تناكحوا تكاثروا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) فالزواج تحقيق مصلحة عامة للأمة الاسلامية، تتلخص في بناء جيل قادر على حمل الرسالة الربانية، يفتخر بها النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة وهو يحمل لواءها الى الجنة، وفي موضع آخر جعل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الزواج جزء من السنة الفعلية النبوية في تلبيتها لنداء الفطرة الإنسانية، حيث يقول عليه الصلاة والسلام (النكاح سنتي فمن أحب فطرتي فليتسن بسنتي) وفي موضع آخر يحذر من ترك الزواج بحجة قصر النفقة والإنفاق على من يعول عندما قال عليه الصلاة والسلام (من ترك التزويج مخافة العلية فليس منا)، كما حصل مع مصبح، حيث كان يحلم بالزواج منذ أن كان صغيرا، ولكنه كان يتعذر بأن الزوج عبارة عن مصاريف وتكاليف وارهاق للميزانية المالية، وكبر مصبح وأصبح شابا يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية براتب جيد، ولكن الحجة ظلت كما هي، الزواج يحتاج الى أموال وعندما تتحسن ظروفي سوف أفكر بالزواج، وكنت دائما ما أقول له، لن تستطيع توفير النقود وأنت لا تدخر شيئا من مواردك المالية، فالزواج لن يأتيك وأنت جالس في المنزل في انتظار المال الذي تنفقه على شراء السيارات والكماليات والسفر كل صيف، فيردد نفس العبارة، عندما يتوفر لي المال فسوف أتزوج، والآن فمصبح يبلغ من العمر 48سنة ويسكن مع والدته العجوز جالس في غرفته في انتظار شريك الحياة التي كان يفكر بها منذ صغره، وحتى لا تندهش فلا يزال مصبح ينتظر المال الى الآن، على الرغم من انه صرف الكثير منه، ولكنه فعلا لا زال ينتظر المال حتى يفكر بالزواج.
ولهذا فقد أثنى النبي (ص) على من ينوي بزواجه تطبيق شرع الله من الستر والعفاف واقامة البيت المسلم على منهج قويم بقوله (من نكح لله وأنكح لله استحق ولاية الله).
وكان يقول لغلمانه لما بلغوا كمثل عكرمة وكريب وغيرهما، ترغيبا لهم في الزواج وتشجيعا على إقامة البيت المسلم (إن أردتم النكاح أنكحتكم)، حتى انه قد ذكرهم بالتخصيص عندما قال لهم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) (البخاري 6/117 – مسلم 2/ 1019)، كما انه منع اصحابي الجليل عثمان بن مظعون من التبتل والانقطاع عن ايجاد شريكة الحياة، وحثه على الزواج، وكذلك فعل الأمر نفسه مع علي بن ابي طالب رضي الله عنه وزوجه ابنته فاطمة الزهراء، (مختصر ابن كثير 1/542). والسر هنا كما أعتقد، أن الحياة عبارة عن شراكة، وفي كل شئ هي عبارة عن شراكة مع الاخرين، لأن الذي يعيش وحيدا، سيبقى كذلك وحيدا، وسيعيش في دوامة الصعاب، وسيظل ينشد الأطمئنان والأمان، وسيخوض غمار الحياة مثقلا مهموما مغموما.
فهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أحد صحابة النبي الكرام يؤكد مدى حرصه على إتمام هذه الفطرة الربانية، ولو لم يبقى من عمره ألا أيام قلائل بحجة الا يلقى المولى عز وجل إلا وقد اقترن بزوجة بقوله (لو لم يبق من عمري إلا عشرة أيام لأحببت أن أتزوج لكيلا ألقى الله عازبا).
فقد قرر القرآن الكريم مبدأ العلاقة بين الأزواج كلها، بدأ من الإنسان وحتى الجماد، فالسنن الكونية جرت على التلاقح والتزاوج بين الكائنات جمعاء، حتى الشجر والنحل والزهر والحيوان والذرات، وجعل ذلك من حكمة الخالق المبدع قال تعالى (فاطر السموات والأرض جعل من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه) (الشورى-11)، ويقول أيضا (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (الذاريات –49) وفي آية أخرى (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) (الرعد-3) إذا فهي فطرة فطرها الله على الناس وذلك لإستمرار المسيرة الخالدة ليوم الدين، فأنا وأنت اعتدنا على رؤية الاشياء في هذه الحياة ثنائية الوجود، وهذه الحقيقة ثابته منذ طفولتنا و متجلية، عندما نستمع الى قصة نبينا الكريم نوح عليه السلام عندما بنى السفينة العظيمة، وأخذ من كل شئ زوجين وصعد بها السفينة قبل الطوفان العظيم الذي أغرق الارض وما عليها، فأدركنا أن المولى عز وجل قد خلق من كل شئ زوجين اثنين، يتعايشان ويتناغمان ويتحاوران ويفعلان كل شئ.
قال الشاعر:
ومن عجب اني أحن إليهـــم
وأسأل عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها
ويشتاق قلبي وهم بين أضلـعي
وإلى اللقاء في الدرس القادم و (أنواع الزواج في الإسلام)