عندما تسترجل النساء... !!

الناقل : heba | المصدر : www.islamlight.net

كانت دولة المرابطين  لقرابة قرن من الزمان هي الحصن المنيع للإسلام ضد المد الصليبي بالأندلس والمغرب العربي، وكان مصدر قوتها تمسكها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفق نظام شامل لكل مرافق الحياة، وعندما تخلت الدولة عن هذا المنهج الرباني، وانصرف االمسؤولون والفقهاء عن تصريف شؤون الرعية إلى جمع الثروات من غير مصادرها الشرعية، ااختل الميزان وانحرفت السفينة عن مسارها، وبدأت ظاهرة التحلل بالمجتمع وخرجت النساء من خدورها وظهرن في الأسواق سافرات، واختلطن بالرجال، واستولين على أعمالهم، يقابل ذلك تحجب الرجال وتنازلهم عن القوامة التي خصهم الله بها، {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا} النساء 34.

يقول الدكتور عبدالحليم عويس في كتابه ( أوراق ذابلة من حضارتنا):

" انتشرت ظاهرة تحجب الرجال في آخر العهد المرابطي حتى إن الرجل لا تبدو منه إلا عينه" وكانت هذه هي بداية انهيار البناء العظيم الذي شيده بطل موقعة الزلاقة الملك البطل يوسف بن تاشفين رحمه الله.

وما أشبه الليلة بالبارحة، فدعاة إخراج المرأة من بيتها والزج بها في معترك العمل مع الرجال، يريدون أن يصلوا بهذا الكيان الذي قام على التوحيد إلى ما وصلت إليه دولة المرابطين، وما دموع التماسيح التي يذرفونها على ظلم المرأة وسلب حقوقها إلا وسيلة خبيثة للوصول إلى الأم االمسلمة وإفسادها، لعلمهم أن تدمير البناء من داخله أسهل بكثير من محاولة تدميره من الخارج، فالخارج قد يكون دماره نسبي بعكس الداخل الذي قد ينسف بناء المجتمع من أساسه، فلا شك أن االأم المسلمة تمثل هذا الأساس، فتغييب دورها الحقيقي الذي فطرها الله عليه، يعني تفكك أواصر االروابط الأسرية وفساد أخلاقيات الأجيال، وللمرء أن يتصور حال مجتمع فقدَ روابطه الأسرية وقيمه الأخلاقية !.

فهؤلاء التغريبيون كثيراً ما سمعنا منهم ادعاء الوطنية والانتماء القومي، فلو سلمنا بهذه اللادعاءات الجوفاء وقارنا بينهم وبين رجال دولة بني أمية لوجدنا أن الفرق شاسعاً والمقارنة غير منصفة، فتلك الدولة التي وصلت فتوحاتها إلى الصين شرقاً وطرقت جيوشها أبواب باريس غربا، وكان نظامها يحرم المناصب العليا على من لا ينتمي لأبوين من أصل عربي، لم يسجل تاريخها أي دور للمرأة يتجاوز الأعمال المنزلية وتربية الأبناء، بل كانت أعظم امرأة عرفتها االدولة الأموية، تغسل الثياب وتعجن العجين وتطهو الطعام وتربي الأبناء بلا خدم ولا حشم، تلك هي فاطمة بنت عبد الملك  بن مروان التي قال عنها الشاعر:

بنت الخليفة والخليفة جدها  * أخت الخلائف والخليفة زوجها

فلو كان السفور والظهور بالأسواق والاختلاط بالرجال شرفا للمرأة لحازته فاطمة بنت عبد الملك من أطرافه، ولكنها  تعلم أن الشرف والسؤدد في التوجيه الرباني الذي لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} الأحزاب 33.

فأي قدوة يريد هؤلاء لنساء المسلمين , فاطمة بنت عبد الملك بن مروان التي جمعت بين شرف االاتباع النبوي والنسب العربي , أم هدى شعراوي ربيبة الماسونية اليهودية وتلميذة النصراني مرقص فهمي صاحب كتاب (المرأة في الشرق).

 لم يستفد أفراخ قومية ساطع الحصري من حركة التاريخ , فهذا المشروع الذي يدعون إليه قد سقط قبل ما يربو على مائة عام, عند ما تراجع صاحب دعوة تحرير المرأة عن رأيه إذ تبين له شناعة دعوته وأثرها القبيح على المجتمع المصري.

"يقول قاسم أمين في مقابلة نشرتها له صحيفة الظاهر المصرية في شهر أكتوبر عام 1906م: لقد أدركت خطر دعوة النساء إلى تمزيق الحجاب والاشتراك مع الرجال في كل أعمالهم ومآدبهم, ولمست أثر هذه الدعوة السيئ على أخلاق الناس.. فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن, وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي.. رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة سافرة إلا تطاولوا عليها بألسنة البذاءة, ثم ما وجدت زحاما في طريق فمرت به امرأة إلا تناولتها الأيدي والألسن جميعا" .

فإذا كان هذا هو رأي الأب الروحي لدعوة إخراج المرأة قبل مائة عام, عند ما كانت الشعوب االإسلامية حديثة عهد بالاستعمار الأجنبي, الأمر الذي يوجد عندها روح القبول لأي دعوة يكون ظاهرها التحرر, فمن باب أولى أن يرفض من بعده هذه الدعوة, وفي ذلك رسالة إلى كل من يحمل لواء التغريب ويهب قلمه لأعداء الأمة في هذا الزمن الذي وعت فيه رشدها وميزت بين عدوها وصديقها, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (المرأة عورة, وإنها إذا خرجت من بيتها, استشرفها الشيطان, وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها) رواه الطبراني وابن خزيمة عن ابن عمر بإسناد صحيح