يعد مفهوم الاتجاهات من أكثر المفاهيم التي ترد في العلوم الإنسانية والاجتماعية لكونه أسلوب منظم في التفكير والشعور ويرتبط بردود الفعل لمواقف من حوله من أفراد أو قضايا اجتماعية.
إن الفرد يكتسب قيمه ومثله العليا واتجاهاته من المجتمع الذي يعيش فيه من خلال عملية تفاعلية بينه وبين المجتمع من خلال ما يستقبل من منبهات تدعوه إلى الانتباه ولو لم يركز المجتمع على هذه المنبهات نجد أن تلك المواضيع لا تقع في دائرة اهتمامه ولكن للأسف أحيانا المجتمع يمهد لنمو اتجاهات سلبية وبذلك يبتعد عن جادة العلم والتفكير والإنسانية نجد يؤجج ذلك المجتمع مواضيع قد تؤدي إلى بعد ذلك إلى مالا يحمد عقباه وتجعل من أبناء مجتمعه جماعات تتوعد كل جماعة للأخرى وحينما يكون المجتمع يتعامل بهذه العقلية فان ذلك مؤشر على تخلفه والأخطر من ذلك حينما يتعلق ذلك بمعتقدات الفرد وانتماءاته التي وجد نفسه عليها بفطرته وضخمتها الأسرة من خلال التنشئة في مرحلة الطفولة وخبراتها، ووضعت لها جذور من الصعب تغيرها إذا كانت سلبية في مراحل متقدمة من العمر ومن المُفرح أن تعزز الأسرة اتجاهات إيجابية لكون أن الاتجاهات مُتعلمة(مكتسبة) وليست وراثية إذ تعد الأسرة لها دور في اكتساب الاتجاهات لكونها مرت بخبرات متنوعة تريد أن ترى أبنائها يسيرون على نهجها وأي اختلاف عن ذلك سوف يواجه بالرفض الشديد منها.
أن الأسرة تركز على أن يكون الطفل مقلدا لها لاعتقادها أن ذلك هو الطريق الصحيح والوحيد لاكتساب العادات والاتجاهات ولكن ليس الأسرة دائما هي دائما على صواب والآخرون خطأ هذه معادلة رياضيا أحد أطرافها مجهول لذلك لا بد أن تراجع الأسرة بين الحين والآخر تقاليدها لان ما كان بالأمس قد لا يصلح لليوم والغد وليس عيبا أن يعدل الإنسان مما هو مقتنع به إذا ثبت لديه هناك أفضل مما هو سائر عليه وهذا بحد ذاته يعد نقلة نوعية في التفكير والاتجاه وفي نفس الوقت دليل على التواضع، ربما سائل يقول كيف يمكن أن يدرك الفرد أن هذا أفضل ويغير نحوه أنا أقول أن الله سبحانه وتعالى أعطانا العقل وهو نعمة كبيرة لا يعرف قيمته الفرد إلى حينما يفقده، يمكن للفرد أن يبحث ويستقصي ويفاضل بين الأشياء ويستنبط الأحكام ويتوصل إلى ما هو اصح و أدق، وتؤدي الخبرات الفردية دورا مهما في ذلك اذكر وأنا صغير حينما صعد الإنسان للقمر دارت بعض الأحاديث عند بعض كبار السن أن هذا العمل في نوع من الكفر ولو استمرت هذه النظرة لَوَلدت اتجاهات سلبية نحو العلم والتطور ولكن هناك من العقلاء تصدوا لهذا الموضوع وقالوا ارجعوا إلى كتاب الله القرآن ستجدون ما يشجع على طلب العلم والنفوذ في أقطار الأرض والسماوات بسلطان ويقصد به الوسيلة قد تكون مركبة فضائية أو أي شيء يسهل ذلك وهناك اتجاهات سلبية يكتسبها الفرد وبالتالي تحد من تطوره فلا بد أن تعدل أو تستبدل وقد تنجح محاولات تعديل الاتجاهات في تغير فكرة المعتقد فقط دون تعديل المشاعر ونزعات رد الفعل
إن الاتجاهات يمكن تغيرها تحت ظروف معينة وهي تقاوم التغيير بصفة خاصة إذا كان قد تم تعلمها في فترة الطفولة، ولكن إذا ارتبط التغيير بإشباع الحاجة، فإذا أدرك الفرد أن التغيير في مصلحته سيكون ذلك عامل في تغير ما اقتنع فيه. وليس لدينا رأي قاطع أن أي من الجنسين أكثر استعدادا للتغيير ولكن يلاحظ أن النساء أكثر استعداد للتغيير والإقناع من الرجال
ويبدو ليس من السهل تغيير الاتجاهات الراسخة ويتضح ذلك حينما أراد الأنبياء والرسل صلوات ربي عليهم أجمعين نشر رسا لاتهم واجهوا مشقة كبيرة في نقل رسالتهم السماوية إلى أقوامهم.
ويمكن أن تتغير الاتجاهات من خلال:
1- تزويد الأفراد بالمعلومات عن موضوع الاتجاهات فمثلا نريد تغيير الاتجاهات نحو الاهتمام بالنظافة لا بد أن نقد معلومات عن فائدة الأشياء النظيفة والخطر الذي يصيبنا حينما نبتعد عن النظافة وهذه المعلومات قد تكون صور، أفلام، كراسات محاضرة، وغيرها.
2- تعريض الفرد لبعض الخبرات المباشرة أي جعل الفرد يمارس بعض الأشياء المتعلقة بالموضوع، مثلا اتجاهات سلبية نحو الغرباء نحاول إن نمهد له الاختلاط بالغرباء والتعرف إليهم يمكن إن يؤثر في نظرته.
3- تزويد الفرد بنماذج بشرية صالحة لكي يتقمصوا شخصيتها ويميلوا إلى الاتجاهات الموجبة والسلوك الصالح.
4- التعليم المدرسي يمكن أن يسهم في تعديل الاتجاهات نحو موضوعات معينة.
5- يمكن تغيير الاتجاهات وتعديلها عن طريق تخليص الأفراد من بعض الاضطرابات النفسية والانفعالية التي يعانونها، وهذا يحتاج إلى أطباء متخصصون في الطب النفسي لمواجهة مرضى النفوس لتعديل الاتجاهات السلبية التي تهدد المجتمع.
ولكن ليس موضوع التغيير بهذه السهولة إذ من الصعب تغيير الاتجاهات التي اكتسبها الفرد وظلت معه لسنوات طويلة وكذلك التي تتصل بمعتقداته وحاجاته ودوافعه الأساسي.