عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الناقل : heba | المصدر : www.islamlight.net

أولاً : أنه سبب لانتشار المنكرات وفشوها في المجتمع

روى البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش رضي الله عنها : (( أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استيقظَ يومًا من نومه فزِعًا وهو يقول: "لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتحَ اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا (وحلَّق بين أصبعيه السبابة والإبهام) . فقالت له زينب رضي الله عنها : يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم؛ إذا كَثُرَ الخَبَث)) .

فكيف يكثُرُ الخَبَث ؟!

إنَّ المنكَر إذا أُعلن في مجتمع، ولم يجد مَن يقف في وجهه؛ فإن سوقـه تقوم، وعوده يشتد، وسلطته تَظْهَر، ورواقَه يمتد .

 

ثانياً : العذاب الإلهي العام والهلاك الشامل :

يقول الله تعالى : (( وَإذْ قَالَتْ أُمَّةٌ منْهُمْ لمَ تَعظُونَ قَومًا اللهُ مُهْلكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَديدًا قَالُوا مَعْذرَةً إلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا به أَنجَيْنَا الَّذينَ يَنْهَوْنَ عَن السُّوء وَأَخَذْنَا الَّذينَ ظَلَمُوا بعَذَاب بَئيس بمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ.فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قرَدَةً خَاسئينَ)) (الأعراف: 164- 166).

 ويقول الله تعالى : (( فَلَوْلا كَانَ مِنَ القُرُون مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَن الفَسَاد في الأَرْض إلاَّ قَليلاً مِمَّنْ أنْجَيْنَا مِنْهُمْ واتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فيه)) (هود:116).

وأخرج أبو داود من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ما من رجلٍ يكون في قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلم يغيروا إلا أصابهم الله بعقابٍ قبل أن يموتوا )) .

 

ثالثاً : الاختلاف والتناحر:

إنَّ مما يدلُّ على ارتباط التفرُّق والتَّناحُر بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: (( وَلْتَكُنْ منْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْر وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوف وَيَنْهَوْنَ عَن المُنْكَر وَأُولَئكَ هُمُ المُفْلحُونَ)) (آل عمران: 104) .

ثم قال بعد ذلك مباشرة: ((وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا منْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ)) (آل عمران: 105.).

وروى أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعنكم كما لعنهم يعني بني إسرائيل )) .

 

رابعاً : تسليط الأعداء:

فإن الله جلَّ وعلا قد يبتلي المجتمع التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن يسلِّط عليهم عدوًّا خارجيًّا، فيؤذيهم، ويستبيح بيضَتهم، وقد يأخذ بعض ما في أيديهم، وقد يتحكَّم في رقابهم وأموالهم. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن ..ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسخروا وبما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )) .

والتاريخ حافل بشواهد على ذلك ، انظر للمسلمين في الأندلس كيف تحولت عزتهم وقوتهم ومنعتهم لما شاعت بينهم المنكرات بلا نكير إلى ذل وهوان سامهم إياهم النصارى حتى بيع سادة المسلمين آنذاك في أسواق الرقيق وهم يبكون كما قال الشاعر :

فلو رأيت بكاهم عند بيعهم *** لهالك الوجد واستهوتك أحزانُ

 

خامساً :عدم إجابة الدُّعاء:

روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم )) .

 

سادساً : ظهور الجهل واندراس العلم واختفاء معالم الدين :

فيكون الدين غريباً ، وذلك أن المنكر إذا ظهر فلم يُنكر نشأ عليه الصغير وألفه الكبير ، وظنوه مع مرور الزمن من الحق .

عندها ينكرُ على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويعظم الساكت .

قال الإمام أحمد : يأتي على الناس زمانٌ يكون المؤمن فيه بينهم مثل الجيفة ، ويكون المنافق يُشار إليه بالأصابع .

قيل يا أبا عبد الله : وكيف يُشار إلى المنافق بالأصابع ؟ فقال : صيروا أمر الله فضولا . وقال :

المؤمن إذا رأى أمراً بالمعروف أو نهياً عن المنكر لم يصبر حتى يأمر وينهى ، يعني قالوا في هذا فضول ، والمنافق كل شيء يراه قال بيده على فمه ، فقالوا : نعم الرجل ، ليس بينه وبين الفضول عمل .

 

سابعاً: قلة الخيرات وذهاب البركات في الأرض

وذلك أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب انتشار المعاصي والموبقات والتي هي سبب في ذهاب البركات والخيرات ، يقول الله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) .ِ 

 

ثامناً : انتشار الأمراض وقلة الأمطار وحلول الجدب في الأرض :

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يامعشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسخروا وبما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )) .

 

تاسعاً : قسوة القلوب

جاء في الحديث الصحيح ((تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلبٍ أُشربها نَكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباد كالكوز مُجَخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه )) أهـ .

 

عاشراً : حلول اللعنة على المجتمع

قال تعالى : (( لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ بَني إِسْرائيلَ عَلى لسان دَاودَ وعيسى بن مَرْيَمَ ذلكَ بِما عَصَوْا وكَانُوا يَعْتَدونَ.كَانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلونَ)) (المائدة: 78- 79.).

 

الحادي عشر : الذلة والهوان

قال بعض السلف " من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه الطاعة ، فلو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف بحقه ، فكما هان عليه أمر الله أهانه الله وأذله ((نسو الله فنسيهم)) . [ حمد بن عتيق / الدرر السنية ج8 ص76 ]

 

الثاني عشر : التعرض لسؤال الله تعالى :

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يحقر أحدكم نفسه  قالوا : يا رسول الله , كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال " يرى أمراً لله عليه فيه مقال ثم لا يقول فيه فيقول الله عز وجل له يوم القيامة ما منعك أن تقول في كذا وكذا , فيقول : خشية الناس , فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى )) .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله تبارك وتعالى ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول : ما منعك إذا رأيت المنكر تنكره ؟ فإذا لقن الله عبداً حجته قال : يا رب , وثقت بك وفرقت من الناس )) .

 

الثالث عشر : وعيد تاركه بأنه ليس من المؤمنين :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر)) رواه الترمذي (1924)

الرابع عشر : زوال وصف الخيرية عن هذه الأمة

لأن الله علق هذه الخيرية بالقيام بهذه الشعيرة فإذا لم نقم بها زال الوصف عنها ، قال تعالى : (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) (آل عمران: من الآية110) .