اعتنى السلاطين العثمانيون بالمسجد النبوي الشريف وأجروا عليه الكثير من الإصلاحات. ففي سنة 946هـ أمر السلطان سليمان القانوني بإجراء بعض الترميمات وهدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت مكانها المئذنة السليمانية التي جعلت قاعدتها مربعة و استبدلت الأهلة المملوكية بأهلة من النحاس المطلي بالذهب فوضع أحدها على القبة وآخر على المنبر وخمسة أهلة لكل مئذنة هلال وفي سنة 947 هـ أعيد بناء الجدار الغربي بأكمله لسقوط معظمه و استبدلت السقوف الغربية بعدد من القباب الصغيرة وبني باب الرحمة وباب النساء وكتب على كلا البابين اسم السلطان سليمان القانوني وتاريخ تلك العمارة وجرى ترخيم الروضة وأصلح رصاص القبة وأعيد بناء قبة الصحن. وأكمل السلطان سليم بن سليمان الترميمات التي ابتداءها والده وكسا المحراب غرب المنبر المسمى بالسليماني والذي يصلي إليه الإمام الحنفي كساه بالفسيفساء المنقوشة بماء الذهب وكتب اسمه عليه. وفي سنة 994هـ في عهد السلطان مراد الثالث هدم الجدار الشرقي لميلانه وجدد من باب النساء إلى المنارة الشمالية وفي سنة 997هـ رمم السقف على أثر زلزال أصاب المدينة سنة996 هـ وفي سنة 998هـ أرسل السلطان مراد المنبر الرخامي البديع الصنع الموجود حاليا بالمسجد. كما أرسل ثلاثة قناديل من الذهب المرصع بالجواهر علق أحدها بالروضة الشريفة. وفي سنة 1026 هـ أهدى السلطان أحمد الأول للمسجد النبوي لوحة فضية ثبتت بالجهة الجنوبية من المقصورة ، كما أهدى قطعتين ثمينتين من الألماس عرفت إحداها بالكوكب الدّري وضعت في الروضة وقيل أمام الحجرة. وفي سنة 1044هـ أنجز السلطان مراد الرابع تجديد السقف الجنوبي وبناه بالقباب وزاد ثلاثة أروقة في ظلة القبلة. وجدد السلطان محمد الرابع ( 1058- 1099 ) منارة باب السلام. وفي سنة 1111هـ أجريت بعض الإصلاحات في عهد السلطان مصطفى الثاني. وجرى تجديد سقف الظلة الغربية سنة 1133هـ في عهد السلطان أحمد الثالث. وفي عهد السلطان محمود الأول أضيف رواق في جهة القبلة مع تسقيفه بعدد من القباب وذلك سنة 1149هـ. وفي عهد السلطان عثمان الثالث رممت بعض السقوف سنة 1170هـ. وفي عهد السلطان عبد الحميد الأول وضع رخام على أرضية المسجد من باب السلام إلى باب المئذنة الجنوبية الشرقية وعلى اسطوانات الصف الأول من الروضة سنة 1191هـ وجرت إصلاحات في المحراب العثماني وجدد باب الرحمة وباب جبريل سنة 1201هـ. وفي عهد السلطان سليم الثالث أستبدل البلاط الخزفي على اسطوانات الروضة بالرخام ونقش في أعلاها قصيدة بالشعر التركي من إنشاء السلطان سليم في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعيد بناء باب جبريل وأصلح ما في السقوف والمآذن من خلل سنة 1215هـ. وفي سنة 1228هـ في عهد السلطان محمود الثاني هدمت القبة وبنيت قبة جديدة غطيت بالرصاص ودهنت باللون الأخضر فاشتهرت بالقبة الخضراء بعد أن كانت تعرف بالبيضاء أو الزرقاء أو الفيحاء ، وهي القبة المشاهدة الآن ، وكسيت بعض الأرضيات بالرخام وجرت إصلاحات في الجانب الشمالي. وفي عام 1265هـ بدأ السلطان عبد المجيد خان عمارة للمسجد انتهت عام 1277هـ وشملت تجديد كافة جوانب المسجد، فضلاً عن الزخرفة والنقوش، ظلت هذه العمارة بحالة جيدة حتى عهد الدولة السعودية. زيادة السلطان العثماني عبد المجيد خان: في عام 1265هـ، عندما ظهرت تشققات على بعض جدران المسجد وقبابه وسقفه، وكتب شيخ الحرم داود باشا بذلك إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان الثاني ، وسقطت في العام نفسه إحدى القباب على بعض من كانوا يزورون القبر فقضت عليهم ، وأمر السلطان بتجديد عمارة المسجد بشكل عام فأرسل الصناع المهرة والأموال اللازمة. وبدأت العمارة لكامل المسجد سنة 1265 هـ وانتهت سنة 1277 هـ استغرقت نحو 13 سنة، وكانت العمارة من الحجر الأحمر من جبل غرب الجماوات بذي الحليفة، وهي عمارة مميزة من أضخم العمارات التي جرت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتقنها وأجملها وبدأ العمل بوضع علامات حددوا بها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومواقع الأساطين وأعادوا بناءها على مواضعها الأولى وشرعوا في تكملة عمارة المسجد وبنوا الأساطين تعلوها القباب وبنيت الأعمدة من الحجر الأحمر مطوقة بقواعد من النحاس وبنوا جدار القبلة عليه الرخام الصيني كتبت عليه بعض الآيات وأسماء زعموا أنها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ذّهبت وزيّنت بألوان جميلة. وكان مقدار الزيادة في هذه العمارة 1293مترا مربعا، وأصبحت المساحة الكلية للمسجد 10303مترا مربعا، وارتفاع الجدران 11مترا، وعدد الأروقة 19 رواقا اشتمل الجزء الجنوبي من المسجد على 12 رواقا والجزء الغربي 3 أروقة والشرقي والشمالي رواقين ويتوسط المسجد صحن مكشوف. وحافظت هذه العمارة على الأبواب الأصلية للمسجد باب السلام وباب جبريل وباب النساء وباب الرحمة مع إضافة باب خامس في الجهة الشمالية سمي بباب المجيدي وبلغ عدد المآذن 5 مآذن، يتراوح ارتفاعها بين 47.50 و 60مترا، وأصبح عدد الأعمدة 327 عموداً، والقباب 170 قبة. وبقيت للمسجد ساحة داخلية واحدة، وبنى في أقصى الجهة الشمالية من المسجد مستودعات وكتاتيب لتعليم القرآن الكريم، وفتح لها طاقات بشبابيك من حديد خارج المسجد وداخله كما زاد في الجهة الشرقية نحو خمسة أذرع وربع من المنارة الرئيسية إلى ما يلي باب جبريل لضيق المسجد في ذلك الموضع ولاتزال هذه العمارة قائمة في الجزء القبلي من المسجد وتبدو قوية متماسكة تميزت بالقباب التي حلت محل السقف الخشبي وزينت بطونها بالآيات القرآنية والزخارف وبعض المناظر الطبيعية وتمت إنارة المسجد بوضع 600 مصباح زيتي، موزعة في أنحاء المسجد. وفي عهد السلطان عبد العزيز (1277-1293) أضيف المدخل أمام باب السلام وغطي جانبي المدخل ببلاط من القيشاني بها رسومات نباتية. وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327) تمت تكسية باب السلام من الداخل . وفي سنة 1336 جرى تجديد المحراب النبوي والسليماني على يد فخري باشا آخر من حكم المدينة من الأتراك ثم أدخلت الإنارة الكهربائية على يد السلطان وأضيء المسجد لأول مرة في 25 من شعبان 1326هـ