مَن الذي تقبلينه زوجاً
كثيرٌ من الناس لا يقدرون قلق الفتاة عند خطبتها، والبعض منهم يطالب المرأة بالمغامرة والمخاطرة وقبول أي طارق، رغم أن المرأة أحق بالقلق من الرجل، فهي
مقيمة في أسر الرجل ولهذ وصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم)(1).
ولما كان يصعب على المرأة الاطلاع على حقيقة حال الخاطب، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليها بالسؤال عن الخاطب والتحري عن خبره وحاله فإن كان صالحاً ذا خلق حسن فحيهلا وإلا فلا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(2). والمعنى إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه، وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال يكن فساد كبير ؛ لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه، ربما بقي أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان، وربما يلحق الأولياء عار، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة(3).
والولي وغيره ممن يُستشار في الخاطب مؤتمنون، فلا يحق لأحد أن يكذب أو يماري أو يخفي سوءاً يعلمه في الخاطب، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة فعن فاطمة بن قيس رضي الله عنها قالت: ذكرت له – أي للنبي صلى الله عليه وسلم – أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أما جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد)، فكرهته ثم قال (أنكحي أسامة) فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت)(4)، فالكلام في الخاطب وذكر ما فيه من عيب ليس من الغيبة المحرمة بل هو من النصيحة لئلا تقع المرأة في المشقة، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخلص النصيحة لفاطمة بنت قيس لما استشارته، فأخبر عن جهم أنه كثير الضرب، وعن معاوية أنه في غاية الفقر والفاقة، وأشار عليها بالزواج من أسامة لما علم من مصلحتها في ذلك، وكان كذلك، ولذا قالت (فجعل الله فيه) أي فقدّر في أسامة وصحبته خيراً كثيراً، واغتبطت أي به وصرت ذات غبطة بحيث اغتبطتني النساء لحظ كان لي منه(5).
الرابط المنقول منه
http://forums.ibb7.com/ibb34953.html#post497041
mohammed hussien