نصف ساعة من الملل المتواصل الذي يتكرر كل يوم..انه ذلك الزمن الذي تقضيه كل يوم في تنظيف صحون الطعام واواني الطهي منذ ان تزوجته وحتى يومها هذا..جففت يديها واتجهت الى غرفة النوم لتفتح بابها برفق فتتأكد من أنه يغط في قيلولته اليومية بعد أن ملأ معدته بما أعدت له من طعام..شكرا لله فقد تناول الطعام دون أن يبدي اية ملاحظات سيئة عليه..هي لا تنتظر منه ثناء على الطعام الذي تعده..هي فقط تتمنى ان يمر وقت الطعام بهدوء دون ان يثور عليها لأتفه الاسباب كما تعودت منه تتفقد هاتفها المحمول لعلها تجد رسالة قصيرة قد يرسلها ذلك الحاضر الغائب..لكن الرسالة لم تصل..وربما لن تصل..لكنها كلها أمل في أن تجد تلك الرسالة يوما ما..تقرر أن تستغل فترة السلام المؤقته التي منحها إياها نوم زوجها..تخرج إلى الحديقة المقابلة لمنزلها..تجلس على حافة البحيرة الصغيرة..تجد نفسها بدون وعي تمسك بحجر صغير لتلقيه في المياه الراكده..يحدث سقوط الحجر دوامات وحركة غيرت من هدوء البحيرة الهادئة..ابتسمت كثيرا لذلك..تفقدت هاتفها المحمول ثانية..لم يصلها شيء..كان الحاضر الغائب هو من يحرك سكون حياتها ولو برسالة قصيرة..نظرت الى البحيرة لتجدها قد اصابها السكون مرة اخرى في لحظات قليلة..لابد وان ترمي فيها حجرا آخر لتتمكن من فك جمودها وسكونها استيقظت على فاصل من السباب ينعتها به زوجها من شرفة المنزل..لم يجدها فور استيقاظه وهو يريد ان يحتسي كوبا من الشاي فورا..قامت بتثاقل وهي تلتفت نحو البحيرة لتجدها قد اصابها السكون مرة اخرى لحظات اخرى من الملل داخل مطبخها وهي تسابق الزمن كي لا تتلقى لعنات اخرى من زوجها..تتذكر الحاضر في قلبها..الغائب عن حياتها..تذكر انه قال لها ذات يوم: اعشق البحر واكره بحيرتك الصغيرة الكئيبة..لا يحتاج البحر ابدا لكي نلقي فيه حجرا كي نحركه