سرقة النصوص المترجمة
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
عبدالكريم يحيى
| المصدر :
www.arabicstory.net
تطالب المجلات والمنشورات ذات المكانة المترجمين الذي يتقدمون بنصوصهم للنشر بأن يرفقوا معها النص الأصلي الذي تُرْجِمَ منه النص، فهل جاء طلبهم هذا اعتباطاً؟ أمْ إنَّه جاء بعد معاناة طويلة مع سارقي النصوص المترجمة؟ ورغمَ إنَّ طلب إرفاق النص الأصلي لهو من أوهنِ الحصون ضد سرقة الترجمات الأدبية، وأقوى الحصون أن لا تستقبل أية مؤسسة إعلامية نصا مترجماً إلاّ مرفقاً مع النص الأصلي، ولا تستقبله ولا تنشره إلا بعد أن تعرضه على مترجم محترف للنصوص الأدبية، ولكن هذا ما لا يحدث في عالم اليوم. يُسهل على أي أديب اكتشاف سرقة لنص أدبي آخر، لكن من الصعب على الأديب اكتشاف سرقة النصوص المترجمة ما لم يكنْ متقناً للغتين، ولو حدث أنْ ظنَّ سوءاً بأحد النصوص فعليه أن يقرأ النص الأصلي ومقارنته بالنص الأسبق والنص المشكوك به، وهذا ما فعلته.
نشرت جريدة المدى في عددها 812 الصادر يوم الخميس المصادف 16/11/2006 نصاً للقاص السريالي وليم سارويان تحت عنوان الأفعى، من ترجمة زعيم الطائي، ولأنني من هواة الأدب السريالي فأنا احتفظ تحت يدي بكتابٍ عنوانه(قصص من سارويان-ترجمة صالح عمر الشريف- مكتبة النهضة-بغداد-بيروت. ولم تذكر سنة النشر، وقصة أفعى بدون أل التعريف جاءت ثالث قصة من ضمن 11 قصة حوتها المجموعة القصصية، وبسبب خوفي من أن تنشر جريدة المدى الغرَّاء المجموعة كلها ضمن حلقات، سأدعو إلى إجراء تحقيق ثقافي عاجل، سبقته أنا بإرفاق محضر التحقيق الابتدائي، في الساعة س من يوم ي سارعت إلى مكتبتي وبيسر غير معهود وقعت يدي على الكتاب المنشود، وبدأت في المقارنة، استوقفني العنوان، حيث دونه زعيم الطائي(الأفعى)وترجمه السيد صالح بـ(أفعى) فلو كان العنوان الأصلي
SNAKE
فصدق الشريف وكان الزعيم من المخطئين، وإن كان
THE SNAKE
فقد أخطأ الشريف وكان الزعيم من المترجمين، وبعد البحث وجدت العنوان يؤيد نظريتي، وهذا هو العنوان مع بداية النص:
WILLIAM SAROYAN Snake
WALKING THROUGH the park in May, he saw a small brown snake
slipping away from him through grass and leaves, and he went after it with
وفي مقارنة سريعة بين النصين، في أول جملة يقول الزعيم(وهو يجتاز المتنزه الواسع عابراً في شهر مايو رأى أفعى صغيرة)وكان الشريف قد سبقه في القول(حينما كان سائراً عبر المتنزه في شهر أيار رأى حية سمراء صغيرة)المتنزه هو نفسه وشهر أيار هو مايو، والحية هي الأفعى، ولكن في اللون اختلف المؤرخون، فحدد الشريف لونها بالسمراء وأهمله الزعيم، وقال الشريف(فلحق بها وقد حمل غصناً طويلاً)ويرد الزعيم(فَشَرَعَ يتبعها حاملاً في يده غصناً طويلاً) وقال الشريف(لكن لن يقول بأنَّهُ كان ينوي قتل الحية)ويقول الزعيم(لأنَّه لا يريد أن يعترف بأنَّه ينبغي قتل تلك الأفعى) وكي لا أطيل على القارئ وأسرق منه وقته سأقفز إلى آخر جملة في النص، حيث قال الشريف(شاعرة بعينيه تجوسا شعرها، على يديها، على عنقها، على ظهرها، على ذراعيها، تحسُّ يدرسها مثلما يدرس الحية)ويقول الزعيم(بينما هو يتطلع إليها، مصوباً نظراته نحو شعرها المنسدل، يبصر محدقاً بيديها، عنقها، ظهرها وذراعيها، شعرت به وكأنَّه يدرسها، كما لو كان يدرس أفعى).