ليل وصباح

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : د.طارق بكري | المصدر : www.arabicstory.net

ليل وصباح

ومضى ليل طويل طويل.. طواه ليل كما لم يطوَ من قبل.. وجاء صبح عجيب.. ‏
ولكل صباح معه عجيبة.. ‏
وتحوّلت الصباحات والمساءات، وتغيّر وهج الشمس وشكل البحر ولون السماء.. ‏
وتبدل طعم الماء ورائحة الزهر.. وصوت الحمائم.. وزخّات المطر..‏
واشتد ضوء القمر.. وغنى الليل وتراقصت أغصان الشجر.. ‏
وأصبح لأغنية (حبيبي) ثوب آخر.. ‏
هذه الأغنية التي سمعتها - من قبل - ربما ألف مرة.. سمعتها اليوم كأنّما للمرة أولى.. لا تشبه كل ‏تلك المرات..‏
كانت الأفكار متناثرة.. والأحلام مبعثرة متقاطرة.. وطيف الماضي لم يزل ماثلاً خلف عيون ما ‏لها عنوان.. ومضينا معاً.. في رحلة حلم قشيب - أو تليد – لم أعد أدري!!‏
من أين جاءت؟! ‏
لستُ أدري.. كيف.. متى.. لمَ؟! لست أدري.. لست أدري..!!‏
كيف احتوت المشاعر والأحاسيس وتمكنت من منابعها؟! ‏
كل ما فيها عجب...!‏
ليس للأحلام بُعدٌ.. وهل فعلاً تنتهي الأحلام مثل كل شيء؟!‏
عزفت أمامي أنغاماً موسيقية غير مسبوقة.. ‏
لأول مرّة أجد نفسي أتخلّى عن كل أوراقي الدفينة.. ‏
أستسلم.. أرفع كل راياتي البيضاء.. بسهولة.. وحتى قبل أن أدخل المعركة... ‏
لم يعد أجرؤ على تخطي نفسي فقد كانت في واقعها أجمل من كل الأحلام..‏
اعترت قلبي حالة ترنّح وتماه.. ‏
صدّقتُ الواقع.. فنسيتُ الأحلام..‏
عشت لأول مرة حلمي.. لمسته بيدي، تعملق في ذاتي.. حتى كدت أصدق..‏
وفاتني أنّ الأحلام شيء والواقع شيء آخر مختلف تماماً عن أغنيات وقصائد منحوتة في صخر..‏
حالة من العري الصادق لا تأتي بسهولة.. لكنّها.. ربما.. تذهب مع أقل النســمات رقة..‏
استسلمت لمرئياتي.. كانت أحلامي صيد مشاعر، قنصاً بعيداً تماثل أمامي..‏
وصرت أنشد لها كلما استقلّت مشاعري بعد ذلك:‏

لا يعرف الحــبَّ إلاّ من يكابـــده ولا الصبـــابة إلاّ من يعانيها‏

فتجيب ضاحكة: "نصاب..لا أصدق.. لا أصدق..".‏
أمّا أنا فأعود إلى فيروز ربما لأرسم من خلالها حلماً آخر.. ‏
لكنّ الأحلام باتت عصيّة متمردة.. حرون.. ‏
‏(كل شي بيخلص حتى الأحلام!) ‏
هل يمكن؟.. حتى الأحلام! وأي أحلام؟؟