هل سيتحقق حلمي هذه المرة ؟! أمي تعتبر أن ولدها إن أصبح دكتوراً أو مهندساً أو أي شيء آخر قد الدنيا هو بمثابة نهاية عالم أحلامها وبين قريناتها خصوصاً أم أحمد التي أصبح ابنها ضابطاً قد الدنيا هو الآخر, وأبي لا فرق عنده إن أصبحت دكتوراً أو تاجرعجول أو بائع بطاطا المهم مهنة تجلب النقود. أما أهالي بلدتنا فكل شخص يذهب إلى المدينة بالبنطال ويضع قلماً في جيب قميصه ينادونه بكلمة أستاذ وما أكثر الأساتذة في بلدتنا هذه الأيام, حتى ذلك الغجري الذي يأتيهم كل ربيع يقرأ عليهم بعض العبارات البدوية ويعزف على الرُّبابة ويأخذ منهم بعض النقود مقابل ذلك يسمونه شاعراً , صحيح أنهم ينادونني بالأستاذ خالد لكن كوني شاعراً معاصراً فذلك ما يعجزون عن استيعابه وما زالوا يذكرون قصيدتي التي ألقيتها عليهم في إحدى المناسبات ويعتبرونها بلا أي مغزى أو معنى . ها قد بدأت المسابقة في موعدها بدون تأخير على غير العادة , الشعراء يصعدون تِباعاً إلى المنبر, فبضعهم قرأ شعراً حقاً , وبعضهم لا أدري ماذا قرأ ولكن مواضيع التلاميذ عن عيد الشجرة ويوم البيئة العالمي تتفوق بجمالها على هذا الذي سمعناه منهم , بدأ أحدهم مشاركته بمقدمة غير بسيطة تحدث فيها عن سيرته الحافلة جلبت النعاس للجمهور وللجنة التحكيم , فصاحبنا أصدر عشرة دواوين وهناك ديوانان له قيد الطبع , ثم صعدت " ايفه " التي لم تصدر شيئاً سوى بعض الهمسات بين الجمهور لانبهارهم بطلتها البهية على المنبر. وأخيراً جاء دوري وظننت أني فهيم زماني فتركت قصيدتي بلا أية مقدمة بسبب ثقتي الزائدة بنفسي وبشاعريّتي , حيث كان كل مقطع في قصيدتي يبدأ بعبارة : خمسٌ وعشرون ... إشارة ً إلى سنيّ عمري , وكم كان حظ لجنة التحكيم جميلاً يومها حين لم يجدوا بأي من أطراف النقد يبدؤون بي , فانبرى أولهم يحدثني كيف تزوج عندما كان في سن الخامسة والعشرين ولم يكن يملك بيت أو حتى خطيبة فزوجوه من ابنة عمه , وراح الآخر يقنعني أن الذبياني نفسه لم ينبغ شعراً في سن الخامسة والعشرين , أما كبيرهم الذي لم يعلمهم قراءة الشعر فتابع معهم الضحك على هذه الصدفة الجميلة بين متلازمة قصيدتي وآرائهم حولها , وبعد تشاور بسيط معهما قرر أن يمنحني خمساً وعشرين درجة فقط