الوعظ أسلوب من أساليب التأثير والدعوة إلى الله، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتخول أصحابه بالموعظة، فإن الموعظة إذا خرجتْ من قلب صادق فإنها تخترق الحواجز وتصل إلى القلوب، فتكون كالغيث يُصيب أرضاً ميتة فتهتز وتحيا بإذن الله، وفيما يلي قصة شاب كان على موعد مع فعل الحرام، فسمع موعظة من بعيد لامستْ شغاف قلبه فاستيقظ من غفلته وعاد إلى الله يروي قصته فيقول: أنا شاب نشأتُ في بيت (مسلم)، ولكنه كان إسلاماً (وراثياً) لم يكن أهلي يحثونني على الطاعة واتباع شرع الله وينصحونني بذلك، ولكنهم كانوا يتحمسون لنصحي -وأحياناً تهديدي- إذا أنا تخلفت عن المدرسة أو عصيتهم في الأمور الدنيوية [24] ومما لا شك فيه أن من كان هذا حاله فسوف يتجه إلى الهاوية، وهذا ما حدث لي، فلقد ابتليت بصحبة رفقاء سوء زينوا لي الفواحش والمنكرات، وأوقعوني في معاصي الله. فكنا نسخر من أهل الدين والصلاح ونستهزئ بهم!!! ومع استهزائنا بهم كنا نفعل الموبقات وكبائر الذنوب عل أنه من الرجولة والبطولة، وندفع كل ما نملك في سبيل ذلك ولو آل الأمر بنا إلى السجن، وكنا مع ذلك نتعاطي المخدرات والمسكرات، أما الصلاة فلم نكن نعرفها أبداً أبداً، وكنت إذا دخلت دورات المياه التابعة للمسجد يستغرب الناس دخولي إليها، لما عرفوا عني من الشر والفساد وعدم الاستقامة. وفي ليلة من الليالي وفي وقت صلاة العشاء كنت قريباً من أحد المساجد، وعلى موعد للجلوس مع بعض (الصبيان)، فإذا بصوت مؤثر ينطلق من مكبر الصوت من ذلك المسجد، يتحدث عن الجنة والنار، والموت والقبر، فأحسست أن ذلك الصوت يخاطبني ويهزني هزّاً عنيفاً وكأنه يقول لي: أيها الغافل، أما تستحي من الله؟ أما تخاف من الموت أن يأتيك بغتة وأنت على هذه الحال؟ انتبه، انتبه، فتأثرت بذلك، وشعرت بخوف شديد ورهبة. ومضت تلك الليلة. وفي الغد وبعد أن أذن المؤذن لصلاة العشاء، قمت وتوضأت واغتسلت ودخلت المسجد، وبدأ الشيخ في حديثه وكنتُ في طرف الصف، فبدأت بالبكاء على نفسي وعلى ما مضى من عمري من التفريط في حق الله وحق الوالدين، وبعد أن أديت الصلاة رجعت إلى البيت مبكراً، فاستبشر أهلي خيراً، فلم يكن من عادتي أن أرجع إلى البيت إلا في منتصف الليل أو آخره. ومن ذلك الحين تُبتُ إلى الله، ورجعت إليه، وأنا أدعو الله أن يثبتني وإياكم، وأن يغفر لنا وللشيخ الذي كان -بعد الله- سبباً في إنقاذي من الهلاك.