في لحظة واحدة انفتح فمه واتسعت عيناه بشدة . فالذي يراه الآن لم يره في حياته أبدا . شيء مخيف وفاتن .. ساكن وصاخب .. قريب وبعيد .. سافر وغامض .. لامع ومعتم . انه شيء عصي على الفهم , وفوق حدود خياله المسقوف. اقترب بتؤدة ودس ببطء أطراف أصابع قدمه اليمنى . ارتفع وجيف قلبه الصغير وانغلقت عيناه وعض شفته السفلى . كان الماء باردا والشمس تنأى في السماء. اقترب أكثر بعد أن أطلق بصره وتلفت حوله , وبسرعة نزع عن جسده ثوبه الجديد وتعرى . جلس عند حافة الرمل الرقيق وقادته الفتنة . رأى الماء ينساب الهوينا , ويصعد حتى الخاصرة ويداعب عضوه الصغير , ثم ينسحب ببطء فيغمره الهواء البارد , وتتسلق جسده حبيبات متناثرة تثير في قلبه رعشة وصخب . دس يديه الصغيرتين في البحر, وملأ راحتيه وضم بعضهما الى بعض ثم طيَر الماء الى وجهه فأصابته نوبة فرح طاغية . أخذ يضرب صفحة الماء بقوة فينفلت عاصفا ويطير في الهواء ثم يساقط باردا على جسده المأخوذ بعريه! وصخبه وطفولته . غمرته الفتنة واشتد عليه الفرح وامتلاْ بالحرية . زحف قليلا قليلا, وأخذ الماء يرتفع الى صدره ويغمر دقات قلبه السعيد . صار يضرب الماء وهو يصرخ وكأنه ينادي أحدا في الأعماق . جاءت موجة هاربة تطوي المسافة , ورشقت عينيه وأنفه واعتلت رأسه , وأصابه طعم الماء . انتصب بسرعة وأخذ يفرك عينيه بقوة وينظف حلقه من الماء المالح . كان الهواء يأتي من خلفه قارسا , والبحر أمامه دافئا وحميما . فكر لحظة وابتسم في نفسه , وتقدم بضع خطوات ثم جلس بعزم وخوف جديد . أغمض عينيه وأطبق على شفتيه وأخذ ينتظر . تأخرت الموجة الهاربة برهة ثم قليلا حتى توارت وانحسر الماء . فتح عينا واحدة ورأى الماء نائيا وقصيا , ورأى نفسه يركض ويركض ويدخل في الماء .
في لحظة واحدة انفتح فمه واتسعت عيناه بشدة . فالذي يراه الآن لم يره
في حياته أبدا . شيء مخيف وفاتن .. ساكن وصاخب .. قريب وبعيد .. سافر
وغامض .. لامع ومعتم . انه شيء عصي على الفهم , وفوق حدود خياله
المسقوف.
اقترب بتؤدة ودس ببطء أطراف أصابع قدمه اليمنى . ارتفع وجيف قلبه الصغير
وانغلقت عيناه وعض شفته السفلى . كان الماء باردا والشمس تنأى في السماء.
اقترب أكثر بعد أن أطلق بصره وتلفت حوله , وبسرعة نزع عن جسده ثوبه
الجديد وتعرى . جلس عند حافة الرمل الرقيق وقادته الفتنة .
رأى الماء ينساب الهوينا , ويصعد حتى الخاصرة ويداعب عضوه الصغير , ثم
ينسحب ببطء فيغمره الهواء البارد , وتتسلق جسده حبيبات متناثرة تثير في
قلبه رعشة وصخب .
دس يديه الصغيرتين في البحر, وملأ راحتيه وضم بعضهما الى بعض ثم طيَر الماء
الى وجهه فأصابته نوبة فرح طاغية . أخذ يضرب صفحة الماء بقوة فينفلت
عاصفا ويطير في الهواء ثم يساقط باردا على جسده المأخوذ بعريه! وصخبه
وطفولته . غمرته الفتنة واشتد عليه الفرح وامتلاْ بالحرية .
زحف قليلا قليلا, وأخذ الماء يرتفع الى صدره ويغمر دقات قلبه السعيد .
صار يضرب الماء وهو يصرخ وكأنه ينادي أحدا في الأعماق .
جاءت موجة هاربة تطوي المسافة , ورشقت عينيه وأنفه واعتلت رأسه ,
وأصابه طعم الماء .
انتصب بسرعة وأخذ يفرك عينيه بقوة وينظف حلقه من الماء المالح . كان
الهواء يأتي من خلفه قارسا , والبحر أمامه دافئا وحميما .
فكر لحظة وابتسم في نفسه , وتقدم بضع خطوات ثم جلس بعزم وخوف جديد .
أغمض عينيه وأطبق على شفتيه وأخذ ينتظر . تأخرت الموجة الهاربة برهة ثم
قليلا حتى توارت وانحسر الماء .
فتح عينا واحدة ورأى الماء نائيا وقصيا , ورأى نفسه يركض ويركض ويدخل
في الماء .