كأنما الليل صار ملجأ حميما ودافئا , ومقرا لآثام الطفولة النافرة .
كان الفصل شتاء والليل لا ينتهي . ورذاذ المطر ناعما وباردا . اقتربت من بيتها ورائحة الطين تملأ الطريق .الشارع والوقت يثيران قليلا من الخوف والتردد . ولكنها هناك تنتظر بفستانها الأخضر الرقيق . أكاد أراها وهي تتغلب على خوفها وتمسح الماء عن وجهي وتهمس بصوت ساحر :
أنت مبلول من رأسك حتى قدميك .
الليل لا ينتهي والبرد يشتد , وعيناي معلقتان على نافذة عالية ,بيني وبينها مطر وخوف . إذا اشتعل ضوء غرفتها يغادرني كل قلق .. وأمتلئ بصوتها وشعرها ويديها وعينيها , واغرق في دفء و رائحة فستانها الأخضر الرقيق. . وإذا وطأت قدماي غرفتها تغيب الدنيا بأسرها ونصير جسدا يتشبث في جسد . كنت أراها في كل مطر وقلق وخوف وليل ونوافذ وبرد ودفء , وكل فستان اخضر رقيق , وتفاصيل كل جسد .
كانت الليلة الأولى هي الفاتحة وهي الإثم الأول والجميل ..
حين صعدت إلى غرفتها أغلقت الباب وأطفأت النور . جلست إلى جانبي فتركت يدي تتسلل إلى ساقيها , وترتفع إلى ركبتها فارتعشت كلها وابتعدت قليلا .
صارت تلك الليلة صوتا ساطعا يصطخب كلما توارى الكلام .
وكان إثما عذبا ونديا وصافيا وخارقا