تراكض التلاميذ إلى غرفة الرسم بالمدرسة. كانت الألوان الكثيرة مجتمعة فوق الطاولة، و قد علت أصواتها الحادة في جدال و نقاش طويل، وقف اللون الأحمر، و مدّ يده، مخاطباً الألوان الأخرى:
أنا الأقوى .. أنا لون الدم ، والنار ...
فقاطعه اللون الأصفر بعصبية، قائلاً :
مهلاً أيها المغرور .. ألا تعلم أنني اللون المفضل عند الكثير من الشعوب ؟!
قام اللون الأخضر متبختراً، و قال :
كل الناس يحبون الربيع .. و لونه الأخضر !
رفع اللون الأبيض يده و قال :
أنا لون النقاء، و المحبة، و السلام ..
كان اللون الأسود يستمع إلى الحديث، و هو يسيل على حافة الطاولة كالإسفلت.
توقف التلاميذ، مع معلمهم بعيداً عن الطاولة، مستمعين إلى حوار الألوان، و صخبها، منتظرين أن تنتهي هذه المعركة ..
تجمعت بعض الألوان، و صاحت جميعاً قائلة :
كل الألوان مهمة .. كلنا مهمون، و لنا أماكننا في هذه الحياة !!
شاهدت الألوان لوناً كبير السن ينهض متمهلاً ..
ساد السكون ..
رفع اللون الكبير يده، و قال :
يا أولادي .. أيتها الألوان الحبيبة، لا تتخاصموا .. الدنيا تتسع للجميع !!
جلس اللون المسن، و علا ـ من الناحية الأخرى ـ أكثر من صوت لألوانٍ شابة، قائلة :
هيا نتحد .. هذه الحياة أمامنا .. إنها لنا .. انظروا : الدنيا تمطر .. هيا نري هؤلاء التلاميذ كم نستطيع أن نبهجهم بتعاوننا !!
انطلقت الألوان خارجة إلى الفضاء ..حيث أخذت قطرات المطر تتمهل، و في الأفق البعيد تراصت الألوان على شكل قوس كبير، يتراقص في السماء بألوان كثيرة، مبهجة، و جميلة ...
اجتاحت صدور التلاميذ الأفراح فتراكضوا يغنون .. و من حولهم تطايرت العصافير تشاركهم النشيد .. و حومت الفراشات في المكان، و هي مسرورة