الأخضر

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : جـبـير المليـحان | المصدر : www.arabicstory.net

بدأ ناصر حكاية قصة الألوان لأخته ، فقال :

في غابر الأزمنة لم يكن في الأرض غير لونين :الأزرق و الأصفر :

 

كانت مياه المحيطات الواسعة ، و البحار ، و البحيرات ، و الأنهار تفرش اللون الأزرق دون نهاية ، و كان اللون الأصفر منكمشاً برقعة صغيرة نسبياً على الأرض اليابسة ..

 

و لفترة طويلة لاحظ اللون الأزرق أن اللون الأصفر يتحرك في الأرض بحرية تامة ، فهو يطير في الأجواء على هيأة رياح ، و عواصف ، يحمل معه ذرات الرمال ، و ريش الطيور ، و بقايا جلود الحيوانات ، و شعرها .... و ينقلها إلى حيث يتجه .

 

أما هو ، اللون الأزرق ، فمسكين ، لا يستطيع تخطي حدود الموج الضيقة .. أو الخروج من البحر ..

 

فكر في الأمر ملياً و قرر إسالة الماء فوق الأرض اليابسة .. تدفق من البحيرات و الأنهار و سال من الأودية إلى الأرض ، لكنه لم يستطع الطيران ..

 

سال طويلاً حتى أنهكه التعب .. فتوقف ، فارشا جسمه الكبير ، الرطب فوق مساحات الأرض الصفراء الواسعة .

 

نام الماء الأزرق فوق الرمال الذهبية ، و كان مهموماً و حزيناً .. و لم يدر أن الكثير من الحبوب ، والبذور ، كانت تدفن نفسها في الرمال ـ تحته ـ خوفاً من الحرارة ..

 

الآن و قد غطتها المياه ، فقد فرحت .. و أخذت تشرب .. و تمد جذورا صغيرة ، متسللة إلى أعماق التربة لتجلب الأكل للوريقات الصغيرة التي بدأت تظهر .. و تمد أعناقها في الهواء ضاحكة .

 

كانت الشمس تطل على الأوراق ـ الصفراء الصغيرة الغضة النابتة ـ من السماء ، و تعطيها لونها الأخضر الممزوج من لون الماء والأرض ..

 

كثرت الأوراق الخضراء ، و انتشرت الخضرة اليانعة في الأرض .. وأخذت تمتد ، و تتوسع في الأرض ، و تغطي المساحات الصفراء .

 

من يومها والماء فرح و هو يرى ألواناً أخرى تولد .. و تتكاثر .

 

 

المحيطات سعيدة .. و البحار ترقص .. و الأنهار تركض مرحة ، مصفقة للون الأخضر .. الذي تلعب الرياح بأوراق أشجاره ، وتعزف لها ألحانا جميلة !!