اللوحة الأولى :
قال الماء الذي ينتظر في القلب للرياح التي تعج آفاق بعيدة :
ـ تعالي !
فضحكت الرياح ، وقالت له :
ـ لماذا ؟
ـ أن تري الناس الذين يحبونك !
فضحكت الرياح التي في آفاق المجهول ، وبكى الماء الذي ينام في سرير القلب على شكل دمعة .
الغيوم السوداء تضحك ، وهي تخرج من خلف الجبل الأزرق . والشيخ الكبير يقف : امرأته و أولادهما ؛ فقال الابن الأكبر:
ـ انظروا ... إنه المطر !
و تهللت آثار أقدامهم ، فضحك البئر ، والجدول الصغير، والشجرة . والتفت الشيخ إليهم ورفع رأسه إلى السماء :
ـ يا الله ........ يا مغيث !
الزرع الصغير الجالس في أحواض صغيرة ، والذي امتنع عن الرقص عند هبوب الريح ؛ وقف ثم أخذ يرقص ، ويحني رؤوسه نحو الجبل الأزرق .. والغيوم الضاحكة و هي ترتفع عن الجبل ، فقال الابن الأكبر :
ـ انظروا .... سنضحك ..... إنه المطر القادم .
وقفوا جميعا في صف ، المطر يسيل من فوق رؤوسهم ، ويستقر على ظهورهم برهة ، ويسيل من على رؤوسهم ، ويستقر على رؤوسهم فجأة ، وأنوفهم و أقدامهم في الطين .
قال الماء الذي في القلب للرياح التي تعج في الآفاق :
ـ تعالي ... أين أنت ؟
ولكن الرياح كانت تجوب آفاقا أخرى ، فقالت للماء :
ـ أنا هنا !
فبكى الماء ، وقال :
ـ تعالي ..... تعالي ....!!
قال الابن الأكبر لأبيه :
ـ قال لي المدير سنعطيكم ( الماطور ) سبعة أيام ، ثم نأخذه ... فهذه يابني المدة المقررة .
فرفعوا رؤوسهم إلى السماء .
الزرع ترتفع رؤوسه واقفة وتضيء في النهار . والسماء مملوءة بالنجوم .
يجلسون في دارهم ، والزرع والريح والنخل والأثل وجدران المنازل : يصغون إليها .
أحد الأطفال لأبيه:
ـ هل لن يأتي المطر يا أبي ؟
ـ نعم ......الموسم انتهى !
ـ وزرعنا ؟
فقال أخوه :
ـ نبيع القصب ... ونحرق الجذوع ... فسنزرع في العام القادم .