زكاة الفطر
الناقل :
mahmoud
| المصدر :
www.islampedia.com
-
التعريف:
من معاني الزكاة في اللغة: النماء، والزيادة، والصلاح، وصفوة الشيء، وما أخرجته من مالك لتطهره به.
وزكاة الفطر في الاصطلاح: صدقة تجب بالفطر من رمضان.
2-
حكمة مشروعيتها:
حكمة مشروعية زكاة الفطر الرفق بالفقراء بإغنيائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث. عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" رواه أبو داود.
3-
ا
لحكم التكليفي:
ذهب جمهور الفقهاء
إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حر، أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين" رواه البخاري. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير، نصف صاع من بر أو صاعاً من تمر أو شعير" رواه الدارقطني وهو أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
4-
شرائط وجوب أداء زكاة الفطر:
يشترط لوجوب أدائها ما يلي:
أولاً: الإسلام: وهذا عند جمهور الفقهاء.
ثانياً: الحرية عند
جمهور الفقهاء خلافاً للحنابلة
، لأن العبد لا يملك، ومن لا يَمْلِك لا يُمِلِّك.
ثالثاً: أن يكون قادراً على إخراج زكاة الفطر، وقد اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراجها.
فذهب المالكية والشافعية والحنابلة
إلى عدم اشتراط ملك النصاب في وجوب زكاة الفطر.
وذهب الحنفية
إلى أن معنى القدرة على إخراج صدقة الفطر أن يكون مالكاً للنصاب الذي تجب فيه الزكاة من أي مال كان، سواء كان من الذهب أو الفضة، أو السوائم من الإبل والبقر والغنم، أو من عروض التجارة.
والنصاب الذي تجب فيه الزكاة من الفضة مائتا درهم. فمن كان عنده هذا القدر فاضلاً عن حوائجه الأصلية من مأكل وملبس ومسكن وسلاح وفرس، وجبت عليه زكاة الفطر.
وذهب المالكية
إلى أنه إذا كان قادرا على المقدار الذي عليه ولو كان أقل من صاع وعنده قوت يومه وجب عليه دفعه، بل قالوا: إنه يجب عليه أن يقترض لأداء زكاة الفطر إذا كان يرجو القضاء، لأنه قادر حكماً، وإن كان لا يرجو القضاء لا يجب عليه.
وذهب الشافعية والحنابلة
إلى أنها تجب على من عنده فضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه، ويشترط كونه فاضلاً عن مسكن وخادم يحتاج إليه.
واتفق جميع القائلين بعدم اشتراط ملك النصاب على أن المقدار الذي عنده إن كان محتاجاً إليه لا تجب عليه زكاة الفطر، لأنه غير قادر.
5-
من تؤدى عنه زكاة الفطر:
ذهب الحنفية
إلى أن زكاة الفطر يجب أن يؤديها عن نفسه من يملك نصاباً، وعن كل من تلزمه نفقته، ويلي عليه ولاية كاملة. والمراد بالولاية أن ينفذ قوله على الغير شاء أو أبى، فابنه الصغير، وابنته الصغيرة، وابنه الكبير المجنون، كل أولئك له حق التصرف في مالهم بما يعود عليهم بالنفع شاءوا أو أبوا.
وينبني على هذه القاعدة أن زكاة الفطر يخرجها الشخص عن نفسه ويخرجها عن أولاده الصغار إذا كانوا فقراء، أما الأغنياء منهم، بأن أهدي إليهم مال، أو ورثوا مالاً، فيخرج الصدقة من مالهم عند أبي حنيفة لأن زكاة الفطر ليست عبادة محضة، بل فيها معنى النفقة، فتجب في مال الصبي، كما وجبت النفقة في ماله لأقاربه الفقراء.
أما أولاده الكبار، فإن كانوا أغنياء وجب عليهم إخراج الزكاة عن أنفسهم، وعمن يلون عليهم ولاية كاملة، وإن كانوا فقراء لا يخرج الزكاة عنهم، لأنه وإن كانت نفقتهم واجبة عليه إلا أنه لا يلي عليهم ولاية كاملة فليس له حق التصرف في مالهم إن كان لهم مال إلا بإذنهم. وإن كان أحدهم مجنوناً، فإن كان غنياً أخرج الصدقة من ماله، وإن كان فقيراً دفع عنه صدقة الفطر، لأنه ينفق عليه، ويلي عليه ولاية كاملة، فله حق التصرف في ماله بدون إذنه.
وقال الحنفية
: لا تجب عن زوجته لقصور الولاية والنفقة، أما قصور الولاية، فلأنه لا يلي عليها إلا في حقوق النكاح فلا تخرج إلا بإذنه، أما التصرف في مالها بدون إذنها فلا يلي عليه. وأما قصور النفقة فلأنه لا ينفق عليها إلا في الرواتب كالمأكل والمسكن والملبس. وكما لا يخرجها عن زوجته لا يخرجها عن والديه وأقاربه الفقراء إن كانوا كباراً، لأنه لا يلي عليهم ولاية كاملة.
وذهب المالكية
إلى أن زكاة الفطر يخرجها الشخص عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته. وهم الوالدان الفقيران، والأولاد الذكور الفقراء، والإناث الفقيرات، ما لم يدخل الزوج بهن. والزوجة والزوجات وإن كن ذوات مال، وزوجة والده الفقير لحديث ابن عمر : "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون" رواه الدارقطني. أي تنفقون عليهم.
وذهب الشافعية
إلى أن صدقة الفطر يخرجها الشخص عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقته من المسلمين، لقرابة، أو زوجية، أو ملك، وهم:
أولاً: زوجته غير الناشزة ولو مطلقة رجعية، سواء كانت حاملاً أم لا، أم بائناً حاملاً، لوجوب نفقتهن عليه. لقوله تعالى: {
وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ
} [الطلاق: 6] ومثلها الخادم إذا كانت نفقته غير مقدرة، فإن كانت مقدرة بأن كان يعطى أجراً كل يوم، أو كل شهر، لا يخرج عنه الصدقة، لأنه أجير والأجير لا ينفق عليه.
ثانياً: أصله وفرعه ذكراً أو أنثى وإن علوا، كجده وجدته.
ثالثاً: فرعه وإن نزل ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، بشرط أن يكون أصله وفرعه فقراء.
وقالوا: إن كان ولده الكبير عاجزاً عن الكسب أخرج الصدقة عنه، وقالوا : لا يلزم الابن فطرة زوجة أبيه الفقير، لأنه لا تجب عليه نفقتها.
وذهب الحنابلة
إلى أنه يجب إخراج الصدقة عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقته من المسلمين، فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ بنفسه، فزوجته، فأمه، فأبيه، ثم الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب الإرث، فالأب وإن علا مقدم على الأخ الشقيق، والأخ الشقيق مقدم على الأخ لأب. أما ابنه الصغير الغني فيخرج من ماله.
6-
سبب
وجوب زكاة الفطر ووقته:
ذهب الحنفية والمالكية
إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد.
وذهب الشافعية والحنابلة
، إلى أن الوجوب هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان.
ويظهر أثر الخلاف:
فيمن مات بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان.
فعند الشافعية والحنابلة تخرج عنه صدقة الفطر، لأنه كان موجوداً وقت وجوبها.
وعند الحنفية والمالكية لا تخرج عنه صدقة الفطر لأنه لم يكن موجوداً.
ومن ولد بعد غروب آخر يوم من رمضان تخرج عنه صدقة الفطر عند الحنفية والمالكية، لأنه وقت وجوبها كان موجوداً، ولا تخرج عنه الصدقة عند الشافعية والحنابلة، لأنه كان جنيناً في بطن أمه وقت وجوبها.
ومن أسلم بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان.
لا تخرج عنه الصدقة عند الشافعية والحنابلة، لأنه وقت وجوبها لم يكن أهلاً.
وعند الحنفية والمالكية تخرج عنه صدقة الفطر، لأنه وقت وجوبها كان أهلاً.
7-
وقت وجوب الأداء:
ذهب جمهور الحنفية إلى أن وقت وجوب أداء زكاة الفطر موسع، لأن الأمر بأدائها غير مقيد بوقت، كالزكاة، فهي تجب في مطلق الوقت وإنما يتعين بتعينه، ففي أي وقت أدى كان مؤدياً لا قاضياً، غير أن المستحب إخراجها قبل الذهاب إلى المصلى، لقوله صلى الله عليه وسلم: "اغنوهم في هذا اليوم".
ومذهب المالكية والشافعية والحنابلة: فمن أداها بعد يوم العيد بدون عذر كان آثماً.
واتفق جميع الفقهاء على أنها لا تسقط بخروج وقتها، لأنها وجبت في ذمته لمن هي له، وهم مستحقوها، فهي دين لهم لا يسقط إلا بالأداء، لأنها حق للعبد، أما حق الله في التأخير عن وقتها فلا يجبر إلا بالاستغفار والندامة.
8-
إخراجها قبل وقتها:
ذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يجوز تقديمها عن وقتها يومين لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين.
وذهب الشافعية
إلى أنه يسن إخراجها قبل صلاة العيد ويكره تأخيرها عن الصلاة، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر، لفوات المعنى المقصود، وهو إغناء الفقراء عن الطلب في يوم السرور، فلو أخرها بلا عذر عصى وقضى، لخروج الوقت.
وذهب الحنفية
إلى أنه يجوز تقديمها في رمضان فقط.
9-
مقدار الواجب:
اتفق الفقهاء على أن الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف التي يجوز إخراج الفطرة منها عدا القمح والزبيب، فقد اختلفوا في المقدار فيهما:
فذهب المالكية والشافعية والحنابلة
، إلى أن الواجب إخراجه في القمح هو صاع منه.
واستدل الجمهور على وجوب صاع من بر بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت" متفق عليه.
وذهب الحنفية
إلى أن الواجب إخراجه من القمح نصف صاع، وكذا دقيق القمح وسويقه، أما الزبيب يجب نصف صاع كالبر، لأن الزبيب تزيد قيمته على قيمة القمح.
10-
نوع الواجب:
ذهب الحنفية
إلى أنه يجزئ إخراج زكاة الفطر القيمة من النقود وهو الأفضل، أو العروض، لكن إن أخرج من البر أو دقيقه أو سويقه أجزأه نصف صاع، وإن أخرج من الشعير أو التمر أو الزبيب فصاع، لما روى ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: "كان الناس يخرجون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير أو تمر أو سُلْت(1) أو زبيب". قال ابن عمر: فلما كان عمر، وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة، مكان صاع من تلك الأشياء.
ثم
قال رسول لله
صلى الله عليه وسلم فقال: "لك المنصوص عليها من الحبوب كالعدس والأرز، أو غير الحبوب كاللبن والجبن واللحم والعروض، فتعتبر قيمته بقيمة الأشياء المنصوص عليها، فإذا أراد المتصدق أن يخرج صدقة الفطر من العدس مثلاً، فيقوم نصف صاع من بر، فإذا كانت قيمة نصف الصاع ثماني ليرات مثلاً، أخرج من العدس ما قيمته ثماني ليرات، ومن الأرز واللبن والجبن وغير ذلك من الأشياء التي لم ينص عليها الشارع، يخرج من العدس ما يعادل قيمته.
وذهب المالكية
إلى أنه يخرج من غالب قوت البلد كالعدس والأرز، والفول والقمح والشعير والسلت والتمر والأقط(2) والدخن(3)
.
وما عدا ذلك لا يجزئ، إلا إذا اقتاته الناس وتركوا الأنواع السابقة، ولا يجوز الإخراج من غير الغالب، إلا إذا كان أفضل، بأن اقتات الناس الذرة فأخرج قمحاً. وإذا أخرج من اللحم اعتبر الشبع، فإذا كان الصاع من البر يكفي اثنين إذا خبز، أخرج من اللحم ما يشبع اثنين.
وذهب الشافعية إلى أنه يخرج من جنس ما يجب فيه العشر، ولو وجدت أقوات فالواجب غالب قوت بلده، وقيل: من غالب قوته، وقيل: مخير بين الأقوات، ويجزئ الأعلى من الأدنى لا العكس.
وذهب الحنابلة إلى أنه يخرج من البر أو التمر أو الزبيب أو الشعير، ويخير بين هذه الأشياء، ولو لم يكن المخرج قوتاً.
ويجزئ الدقيق إذا كان مساوياً للحب في الوزن، فإن لم يجد ذلك أخرج من كل ما يصلح
(1)
نوع من العير ليس له قشر.
(2)
يتخذ من اللبن حتى يجف.
(3)
في حجم الذرة الرفيعة.
قوتاً من ذرة أو أرز أو نحو ذلك.
والصاع مكيال متوارث من عهد النبوة، وقد اختلف الفقهاء في تقديره كيلاً، واختلفوا في تقديره بالوزن.
11-
مصارف زكاة الفطر:
اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراء:
ذهب الجمهور إلى جواز صرفها على الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال.
وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين.
وذهب الشافعية إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية، أو من وجد منهم.
12-
أداء القيمة:
ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز دفع القيمة، لأنه لم يرد نص بذلك، ولأن القيمة في حقوق الناس لا تجوز إلا عن تراض منهم، وليس لصدقة الفطر مالك معين حتى يجوز رضاه أو إبراؤه.
وذهب الحنفية
إلى أنه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر، بل هو أولى ليتيسر للفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد، لأنه قد لا يكون محتاجاً إلى الحبوب بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب، يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقة، هذا كله في حالة اليسر، ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق، أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير.
13-
مكان دفع زكاة الفطر:
تفرق زكاة الفطر في البلد الذي وجبت على المكلف فيه، سواء أكان ماله فيه أم لم يكن، لأن الذي وجبت عليه هو سبب وجوبها، فتفرق في البلد الذي سببها فيه.