أتصل به أخوه .. أحضر باسرع وقت فالكبير مريض .. حجز على أقرب رحلة وحضر .. لكن بعد أن رحل الكبير .. كان وقع الصدمة عليه كبير .. فلزم الصمت لم ينطق بحرف .. من المسجد للمقبرة .. الجموع غفيرة يراهم ولا يسمعهم .. يراهم بلا ملامح كأنها غمامة غيبت ملامحهم .. أودع جثمان الكبير القبر .. وهو ينظر أليه .. مذهول .. مصدوم .. غير مصدق .. ثم ركب سيارته وأبتعد .. ساعات وساعات يقود بصمت .. كأنه يدور بحلقة مفرغة .. حتى وصل للكورنيش .. ترجل وجلس مقابل البحر بصمت مطبق .. الصدمة شلة كل تفكيرة .. فقط صوت أنفاسه وطنين في أذنيه .. ظلام دامس وسكون ليل موحش .. يقطعه هدير برق خاطف أمامه .. وزمجرت بعض السيارة المسرعة تقص بقايا مياه أمطار سابقة خلفه .. رحل الكبير .. ليس في فكرة غير صدى هذة الكلمة القاتلة .. عاد لمنزل العائلة .. صعد لغرفة الكبير .. جلس يتأمل مكانه .. سجادته .. عصاه .. سريره .. مسباحه .. كل شيئ مكانه .. عدا هو .. فقد رحل عن مكانه .. كيف بالسهولة هذة يرحل الكبير .. قاضي المحكمة .. وشيخ القبيلة .. و كبير العائلة .. دنيا غادره .. رحل الرجل الصلب القوي .. رحل من كان يضرب بعصاه الأرض فتهتز فرائضه .. رحل من كان يقول له ياولد .. رغم سنه و مركزه .. رحل من كان يهابه .. رحل من كان دائماً ينتقده .. يعاتبه .. رحل دون أن يستسمح منه .. فقد أورثه العناد .. عاد ولم يأخذ فيه عزاء .. وما يفيد العزاء .. بعد أن رحل الكبير ..!!