لم يخالجني شك في صدق مشاعرها وحبها لي ، خاصة وانها ابدت حماساً شديداً لفكرة ارتباطنا برباط الزواج المقدس ورحبت بطلبي يدها وخطبتها في احتفال بألوان الفرح والحب الوردي . ولم يخطر على البال لحظة ان حبها ودفء عواطفها الذي كنت المسه في انفاسها كان لبلاد "العم سام" التي تتطلع للهجرة اليها ..وهو الحلم الذي طالما راودها ودغدغ خيالها لدرجة انها لم تر في شخصي اكثر من سلم خشبي تصعد به الى حيث تشتهي ومن ثم تركله بقدمها ليهوي هشيماً من خلفها. هذه هي الحقيقة المرة التي اكتشفتها في شريكة العمر المنتظرة متأخراً عندما ادارت ظهرها في لحظة حرجة وقطعت كل روابط الحب والقربى وضربت بعهودها عرض كل الجدران دون ان تكلف نفسها عناء التبرير او حتى التلميح بما هي عازمة عليه واستمرت في التمثيل الى ان حانت الفرصة فتركتني جريحاً يتلوى من شدة الم الخديعة ومن حروق نار الخيانة لحظة ان لاحت لها امكانية الوصول الى مبتغاها باوراقي التي استخرجتها لها لأتأبط ذراعها واحملها معي الى هناك على جناح الطائر الميمون محروسة برمش العيون ودفء القلب . ما تقدم كان ملخص قصة الشاب (ز.ع) من منطقة رام الله الذي يعمل في الولايات المتحدة ويحمل جنسيتها وعلى عادة ما درج عليه الكثير من الشرقيين فضل الارتباط بزوجة شرقية من بنات جلدته تربي اولاده على الاصالة والعادات والقيم والعقيدة وتحافظ على صلته بالوطن وتقوي في قلبه جذور الحنين اليه كلما خفتت شعلتها بفعل اغراءات الغربة. فتحولت قصته العادية الى محط حديث الشارع الذي هزت وجدانه خيانة وخديعة ذوي القربى التي هي اشد وأمر من خيانات الآخرين. البداية : بداية القصة تعود الى العام الماضي عندما عاد الشاب الى قريته القريبة من رام الله لقضاء اجازة صيفية قصيرة بين اهله وكعادة كل الامهات فتحت والدته موضوع الزواج وبناء الاسرة والرغبة في رؤية ولد الولد قبل الممات وما ان لمست الموافقة منه حتى طارت من شدة الفرح واخذت تستعيد في مخيلتها صور الحسناوات وخصال المرشحات وكانت ترسم له بالكلمة والتعليق صور الفتيات وتستعين باقربائها في ترشيح المناسبات لزوجة ابنها وتتنقل بخيالها من صورة الى اخرى ومن مشهد الى آخر الى ان استقر رأيها - او لعلها كانت حاطة عينها عليها من قبل- على ابنة اختها الكاملة في حسنها واخلاقها وادبها ، و "الاقربون اولى بالمعروف " وبالدولارات وبالعز المنتظر في امريكا واعتبرت الام ان ابن اختها بمثابة ابنتها.و هكذا تم التعارف والتوافق والقبول وقوبل الطلب بترحاب وارتياح العروس وذويها المقيمين في الاردن وتمت الخطبة وكتب الكتاب وعمت الافراح والليالي الملاح العائلتين وجمعت العروسين في مودة وحب كانا يتبادلان مفرداته عبر الهاتف والبريد على مدار عام قضياه بإنتظار يوم اللقاء واتمام الزفاف . وفي امريكا انشغل عريس الغفلة بإنجاز كافة المعاملات والاذونات والتأشيرة التي تمكنه من اصطحاب عروسه معه بعد اتمام الزفاف وما ان حقق مبتغاه حتى طوى اوراق الحلم الوردي بين ثيابه وحزم حقائبه وعاد الى قريته فيما عمل الاهل على استخراج تصاريح زيارة للعروس ووالديها حتى يتمكنوا للحضور من الاردن لإقامة الفرح المنشود . وصول العروس : وعلى جناح السرعة حضرت العروس من الاردن ولكن بمفردها بعد ان ادعت ان السلطات الاسرائيلية حالت دون عبور والديها الجسر الى رام الله ..ونقلت عنهما مباركتهما لإتمام الزواج سيما وانهما يعتبران ان ابنتهما بين اهلها واقاربها ، واضافت العروس بأنهما سيذلان جهوداً مضاعفة من اجل الحصول على التصاريح اللازمة مجدداً كي يتمكنا من الحضور بأسرع وقت ممكن. وعلى ذلك انهمك الخطيبان والاهل في ترتيب وتحضير مستلزمات عش الزوجية وحفل الزفاف الذي حدد موعد قريب له ..وطبعت كروت الدعوة وجلبت الذبائح لإعداد الولائم فيما لم يمنع كل ذلك العروس من الالحاح في التأكد من جاهزية وسلامة اوراق سفرها الى امريكا وضرورة احتفاظها بها حرصاً عليها من الضياع ، وما ان وضعت العروس يدها على الاوراق حتى انفرجت اساريرها واطمأن قلبها وهي تودع خطيبها مستأذنه منه بأنها ستذهب لزيارة احدى قريباتها واخبرته بأنها ستنام عندها وستلتقي به في صباح اليوم التالي ! بعد ان ودع (ز.ع) خطيبته ، نظر الى ساعته ووجد ان الوقت ما يزال مبكراً وقرر ان يمضي بقية اليوم في التجوال بين محلات بيع الاثاث لإختيار غرفة النوم التي تليق بعروسه ..ولحسن حظه فقد وجد غرفة النوم التي اعتقد بأن خطيبته ستجن فرحاً عندما تراها ..اتفق مع صاحب المحل على السعر وعاد الى منزله وقام على الفور بمهاتفة خطيبته ووصف لها غرفة النوم التي انتقاها..وبعد حديث طويل اغلق الهاتف بعد ان حدد معها الموعد الذي سيمر به عليها لإصطحابها من عند قريبتها! اختفاء العروس : في اليوم التالي وفي الساعة المحددة توجه العريس الى حيث تقيم العروس عند قريبتها حتى يصطحبها لإتمام شراء غرفة النوم وبقية المستلزمات الاخرى ، ولكنه فوجىء بقريبتها تقول له بأن العروس سافرت الى الاردن في الصباح الباكر، بعد ان ابلغتها بأن والديها اخبراها بإستحالة اتمام الزواج دون حضورهما لحفل الزفاف.. رغم الصدمة والذهول إلا ان العريس احترم وجهة نظر والديها ، واعتقد في اعماق نفسه بأنهما سيتمكنان من استصدار التصاريح اللازمة ولا بد انهم سيحضرون جميعاً في اقرب وقت لإتمام الفرح . المفاجأة ! لم يتمكن العريس من الانتظار طويلاً ..ففي اليوم التالي قام بالاتصال بالاقارب في الاردن للإطمئنان على عروسه وللإستفسار عن موعد قدومهم الى البلاد . لكن الرد هذه المرة جاء صارماً وقاطعاً فالاهل هناك اخبروه بأن الزواج قسمة ونصيب وبأن ابنتهم لا تريده زوجاً ..وازدادت صدمة العريس عندما علم بأن عروسه استقلت الطائرة في طريقها الى امريكا حيث ستحل هناك على اقارب لها... وحاول الوالدان مواساة العريس واقناعه بأنه سيجد نصيبه مع فتاة اخرى تملأ حياته سعادة ، وبأنه لن يخسر شيئاً بعدم زواجه من ابنتهما ، فالزواج بالاكراه لا بد وان تكون نهايته الطلاق ...وطلبا منه ان يبعث لها ورقة الطلاق "ويا دار ما دخلك شر" . اما ما يحز في نفس العريس المخدوع ، فهو ان العروس قريبته استطاعت خداع الجميع واستطاعت ان تمثل عليه دور العاشقة المتيمة من اجل الحصول على الفيزا والوضع الذي يمكنها من السفر والاقامة المشروعة في امريكا ..وزاد من مصابه ان اقارب الفتاة في امريكا يقيمون في ذات المدينة التي يعمل ويسكن فيها ..ويتساءل ما عساه ان يفعل عندما يعود هناك فالفتاة التي خدعته ستكون امام ناظريه صباح مساء !!.