في دراسة اقتصادية، تمت تحت إشراف القناة التلفزيونية الأمريكية س. ان . ان . حول البحث عن نمط خط اتجاه الاستثمارات، خرج الباحثون بحقائق تستحق الاهتمام، لأن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة كانت بمثابة قوانين يمكن الاستفادة منها في فهم أمور غامضة في الاستثمارات، وهي قوانين غير مكتوبة، ولكنها تتبع في روحها وفكرتها القوانين العلمية المعروفة، والقانون كما هو معروف أمر أو فعل ثابت ويظهر دائما بتكرر الظروف المصاحبة أو المولدة له. وتكون له دائما نفس النتائج، ونفس المفعول. وقد تمت دراسة الاستثمارات في الأسهم والسندات الأمريكية على مدى مائة سنة مضت، ولاحظ الباحثون وجود تشابه كبير في اتجاهات الأسهم بعد التقلبات الاقتصادية سواء أكانت سلبية أم إيجابية، وخرج الباحثون بهذه القوانين العجيبة، وهي في منطوقها تخالف ما هو معروف في دنيا العلوم الرياضية: القانون الأول: إن ما يهبط من الأسهم في قيمته يعود إلى الارتفاع في قيمته لاحقا. وهذا القانون كان نتيجة متابعة سوق الأسهم والسندات في فترات الركود الاقتصادي فقد تبين أنه خلال المائة سنة الماضية كان هناك 32 مرة تعرض فيها السوق الأمريكي إلى فترة ركود مؤثرة كان أطولها هي الفترة بين 12 سبتمبر 1939 والتي انتهت في 28 إبريل 1942 . وبتتبع هذا الركود المتوالي نجد أن هناك مقابله فترة نمو وازدهار تتبع هذه الفترات الصعبة، ووجد الباحثون أن هناك عودة قوية لكل الأسهم التي عانت من الهبوط في فترات الركود، ووجدوا أنها تعود قوية ونشيطة وفعالة. ومن هذا القانون يستفيد الباحث بأن للصبر قيمة وفائدة مالية كبيرة، فمن يستسلم ويبيع في فترة الركود بالأثمان الرخيصة فإنه يخسر فرصة التعويض عن خسائره بعد عودة الازدهار للسوق، وهي تأتي لاحقة وسريعة، فأطول مدة ركود كما هو واضح كانت عامين ونصف. وعيب هذا القانون أنه وإن كان يمكن التنبؤ ببداية فترات الركود إلا أنه من الصعب معرفة موعد الانتهاء وعودة الطرف الموجب. القانون الثاني: مكاسب اليوم لا تتكرر غدا!! ومن نتائج هذه الدراسة المستفيضة يتبين أن الطفرات اليومية أو الموسمية أمر لا يتكرر تباعا، فما كان ثمينا في هذا اليوم فإنه قد لن يكون كذلك غدا. وهذا لا يعني أن عمر النجاح قصير، ولكن النجاح هو ومضة تختفي ثم تعود، لذا فإن الوميض يجب أن لا يكون هو الداعي للشراء، فقد انتهى. وعلى المستثمر أن يصبر حتى يحين موعد الطفرة القادمة والتي لا يعرف موعدها. ومن هذا القانون يستفيد المستثمر بأن ملاحقة الأسهم المطلوبة والتي يقبل عليها المستثمرون بعد أن حققت نجاحا أو قبولا شديدا، قد لا يصل إلى ما يطلبه، فهذه المكاسب هي سحابة قد تعود بعد فترة ولكنها ليست ليوم غد. القانون الثالث: الواقعية تتغلب على الطفرات!! ويمكن أن نكتب هذا القانون بكلمات أخرى وهي أن لا تتحسر على ما فات، فالكثير من المستثمرين يتذكرون الطفرات وينتظرونها، وبمتابعة جميع الطفرات التي حدثت نجد أن هناك عودة إلى القانون الطبيعي، وهو تساوي معدلات الأرباح على المدى البعيد. ومن أمثلة هذا القانون الذي تذكره الدراسة هو أن الكل كان يعجبه ويحلم بأن تبقى السوق المالية التي تمتع بها الاقتصاد الأمريكي والعالمي في الفترة بين 1995-2000م، حيث ظهر ما يسمى تقنية الاتصالات التي أنشأت شركات بمبالغ خيالية، وظهرت طبقة أغنياء لم يكن لهم فرصة بالثروات لولا هذه التقنية الحديثة التي تضخمت فيها الأعمال، وظهرت فيها شركات عالمية، وتضخمت فيها الأسعار، ولم تحقق أي أرباح مجدية، وكانت كل هذه الظواهر ضد المبادئ الاقتصادية المتعارف عليها، بأن كل قيمة لها ثمن، وكل ثمن له قيمة. وفي هذه الطفرة لم تكن القيمة تعادل الثمن، فكان لا بد من الانهيار. لذا فإن القانون يقضي بأن جميع الطفرات هي موجة عارمة ولكنها ستخبو وتعود تتعادل مع مستوى سطح بحر الاستثمار. ومن هذا القانون يمكن تحذير المستثمرين من الانغماس في التمتع بأيام الطفرات بدون حساب ليوم العودة إلى الواقع، وعلى الرغم من عدم معرفة موعده إلا أنه قادم بحكم منطوق هذا القانون والمبني على أحداث الماضي. قوانين عالمية: هذه الدراسة قامت على مراجعة لتاريخ الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية، والولايات المتحدة الأمريكية لديها أقوى وأغنى سوق مالي، وقد يعتقد البعض أن للسوق الأمريكي خصائص لا تنطبق على الأسواق الأخرى أو الأسواق الجديدة، ولكن منطوق هذه القوانين هو أقرب إلى الواقع منه إلى الخيال أو التطرف، وما ينطبق على السوق الأمريكي لابد أن ينطبق على الأسواق المالية الأخري .