كانت عملية بيع الملابس بالتجزئة عبر شبكة إنترنت في وقت ما نوعاً من المحال، فأسباب النجاح المحدود الذي حققته هذه النوعية من التجارة كثيرة فهناك قضايا مرتبطة بالصراع بين الشركات، وهناك صعوبة تصوير هذه الملابس على الإنترنت كما أن وضع كل الصور على موقع واحد قد لايتسع لكل هذه الصور. وربما كان السبب الأكثر أهمية ينحصر في عدم القدرة على إقناع الناس بشراء سلعة شخصية يلعب اللمس فيها دوراً مهما بدون تجربتها. ورغم هذا الجدل ، حققت مبيعات ملابس التجزئة عبر إنترنت تقدماً متسارعاً أكثر مما تنبأ به الكثيرون من الخبراء، ففي العام الماضي جاءت كل أنواع الكساء والتي تمثل حسب التعريف السائد الملابس والأحذية وما يتبعها من أشياء للبس في المرتبة الثانية ، من فئة أكثر السلع مبيعاً على الإنترنت، وبلغت قيمة مبيعاتها عبر الإنترنت عام 1999 نحو 1.6 مليار دولار، ويعادل هذا قفزة بنسية 205 % مقارنة بعام 1998م طبقاً لمؤسسة "فوريستر للأبحاث" . وتتنبأ المؤسسة المتخصصة في أبحاث التسويق أن تقفز مبيعات الملابس إلى 20.2 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2003 ، ولا شك أنه أداء مؤثر ومقنع ، لكن هذا الرقم لايتجاوز ما نسبته 1% من إجمالي مبيعات الملابس والكساء عموماً في السوق الأمريكية مما يعني أن أداء شبكة الإنترنت في هذا المجال ما زال محدودا جدا . إزالة خوف المتسوقين يقول "ريتشارد بوم" أحد محللي سوق مبيعات الملابس في شركة "سي إس فيرست" CS FIRST في ولاية بوسطن الأمريكية "كانت شبكة إنترنت عام م1998 أمراً جديداً تماماً بالنسبة لهذه التجارة لكن عام م1999 جدد من صلاحية التعامل مع الشبكة ، فإذا كان المتعامل من الكبار فلا بد له أن يكون هناك في الشبكة". ومعنى هذا أن على أصحاب الشركات الجديدة على شبكة الإنترنت أن يتنافسوا مع جهات ذات علامات تجارية معروفة ، لهذا ينبغي عليهم أن يركزوا على فئات معينة من الجمهور، ويحاولوا ترسيخ الاعتراف بهم في السوق بقوة واندفاع ، كما أن عليهم القيام بتوفير التكنولوجيا على مواقعهم لإزالة الخوف من المتسوقين الذين يعتمدون على لمس السلع طبقاً لنصيحة خبراء هذه الصناعة. وإذا كانت تجارة التجزئة التقليدية تقوم على الموقع والموقع والموقع ، فإن تجارة تجزئة الملابس عبر إنترنت تعتمد على التركيز والتركيز والتركيز (على الجمهور والماركة والتكنولوجيا). إن تأمل شركات مثل "بلوفلاي Bluefly " في نيويورك التي تضع عينها على المتسوقين الأثرياء ، متجر الموضة "فاشين مال دوت كوم shionmall.com" في "نيويورك" يجعلنا نؤمن بما تقوله إيف بلاك دايكيما من مؤسسة فوريستر: لا بد لشركات الإنترنت الجديدة أن تتبع إحدى طريقتين لتحقيق النجاح: استهداف سوق متخصص وصغير على المستوى المحلي ، ولكنه ضخم على المستوى القومي أو العالمي، أو بعرض سلع ومنتجات يصعب العثور عليها في المحلات العادية التقليدية. ولعل من الأمثلة الواضحة على استهداف سوق معين غير مخدوم عمليا بما يكفي تركيز شركة "لوسي دوت كوم Lucy.com" من مدينة "بورتلاند" في ولاية "أوريجون" الأمريكية على سوق الملابس الرياضية النسائية والبالغ حجمها نحو 17 مليار دولار، ورغم أن الشركة تتحدث مباشرة للنساء الرياضيات المهتمين بالموضة وجمال اللباس ، إلا أن مشكلة الشركة أنه يتوجب عليها أن تنافس شركات ملابس رياضية لا مواقع لها على الإنترنت مثل شركة " آر.إي.أي REI" ، وشركة تعمل عبر الإنترنت في نفس المجال مثل "فوجدوج Fogdog ". هناك موقع آخر لملابس النساء " أوما Uuma" من سان فرانسيسكو الذي يعمل لملء الفراغ في مجال التسويق الشخصي ، حيث يعتزم هذا الموقع الذي تأسس خلال شهر أغسطس الماضي بيع منتجات "آن كلين" ، و"نيكول ميللر" ، و"دولش جابانا" للمهنيين من المتسوقين الذين لا وقت لديهم للتسوق ، والوصول إلى تلك الشريحة السكانية المحدودة تعتبر تحدياً راسخاً في مجال التسويق ، حيث يكلف السعي لاجتذاب عميل واحد إلى متاجر ملابس التجزئة على الإنترنت نحو 42 دولاراً ، مقابل 22 دولاراً لتجار التجزئة الذين توجد لديهم محلات تقليدية ومواقع على الإنترنت في نفس الوقت ، طبقاً لدراسة مشتركة لكل من "مجموعة بوسطن الاستشارية" وموقع "شوب دوت أورج Shop.org" ودون وجود متاجر حقيقية فإن متاجر " دوت كوم " على الشبكة ينبغي أن تدفع لتحقيق الوعي بعلامتها التجارية. وتقول " كاثرين سكيلي " المحلل في شؤون التجارة الإلكترونية مع شركة جرونتال "على هذه المتاجر عبر إنترنت أن تؤسس آلية اتصال بالناس، والتحدي الحقيقي هو معرفة أين يضعون إعلاناتهم وكيف يصلون للشريحة المبتغاة". وكثيراً ما ينفق تجار تجزئة الملابس على الإنترنت نسبة كبيرة من عائد مبيعاتهم في برامج التسويق والترويج ، فمثلاً " لوسي دوت كوم Lucy.com" تتوقع إنفاق 20 مليون دولار - من أصل ميزانية حجمها 30 مليون دولار - على علاقات التسويق والترويج في مجلات أزياء النساء ومجلات الملابس الرياضية خلال هذه العام وحده . في حين تنفق المحلات العادية ما يتراوح بين 10% و 15 % من الإيرادات على التسويق والترويج ، كما أن الشركات نفسها إذا كان لها مواقع على الإنترنت متنبهون لهذا التحول في تجارتهم، فمعظمهم يستخدمون المتاجر للدعاية لمواقعهم على الإنترنت ، حتي لو استدعي الأمر إجراء بسيطا مثل طباعة اسم الموقع على أكياس التغليف. إيرادات قياسية حتى الآن يعتبر موقع "بلو فلاي Bluefly " ه, الأكثر نجاحاً ، ففي العام الماضي حققت الشركة إيرادات بلغت 7.5 مليون دولار بما فيها ثلاثة ملايين في الربع الأخير وحده (لم تعلن الشركة حتى الآن بياناً حسابياً كاملاً للربع الرابع من ذلك العام ) ولا شك أن هذا مبلغاً كبيراً بالنسبة لشركات في بداية الطريق ، لكنها ضئيلة مقارنة بشركة "ماسي Macys " التي حققت إيرادات بلغت 100 مليون من التجارة الإلكترونية ومبيعات الكتالوج وحدهما خلال العام الماضي ، أما شركة " بلو فلاي " وعمرها لا يتجاوز ثلاث سنوات والتي تقدر قيمتها السوقية بنحو 55 مليون دولار ، فإنها تطارد الملابس ذات الماركات المشهورة التي أمكن الحصول عليها بعقود مخفضة من شركاتها، فهي تبيع نحو 350 نوعا من الملابس المصممة وبتخفيضات تتراوح بين 25% و 75 % ، وتستحوذ على تقدم مريح في متاجر البيع المباشر . ولا تواجه الشركة أي منافسة عبر الشبكة، لكنها أنفقت ما يصل لنحو 5 ملايين دولار في الربع الأخير من العام الماضي على التسويق. التقنية العالية واللمسة الخفيفة وتواجه المحلات التجارية التقليدية تحدياً تقنياً أساسياً أيضاً ،فهي تحتاج لتقديم الملابس من خلال رسوم ثلاثية الأبعاد على موقع الإنترنت تسمح للمتسوقين برؤية أي نوع من الملابس من أي زواية، وتعرض الملابس على جسم إنسان افتراضي مرسوم على الشبكة. ولعل أبلغ مثال على استخدام هذه التقنية شركة "لاندز إيند Lands End" لتجارة الملابس عبر الكاتلوج وتقدر قيمتها بنحو 1.5 مليار دولار ، فقد دشنت موقعها على الشبكة في عام 1995م ، وفي نوفمبر 1998م أصبحت الشركة التي يبلغ عمرها 25 عاما أول شركة كاتلوجات تطبق نموذج عرض الملابس على الإنترنت بالأبعاد الثلاثة. والمتسوقون في متاجر هذه الشركة على الإنترنت قد ساهموا بفعالية في مبيعات الشركة الإلكترونية العام الماضي والتي بلغت قيمتها 61 مليون دولار . ويمكن للاستخدام الخاطئ لهذه التقنية عبر إنترنت أن يكون محطِّما كما حصل لشركة "بو دوت كوم boo.com" لتجارة التجزئة للملابس ، تعتبر مثلا لمواقع على الشبكة تعاني من إفراط في هذه التقنية والبطء في التحميل ، وكان الموقع يعتبر عملية تعذيبية لتفريغ الصفحات ولا يناسب إلا أجهزة وسيط سرعتها أقل من 56 كيلوبايت، وكان هذا سببا في تدمير الشركة بعد أن كانت ثاني شركة متخصصة في بيع الملابس على الإنترنت بعد شركة بلوفلاي .