حكم رهن الأرض والنخيل

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي | المصدر : www.dar-alifta.org

 من السيد /. . .  بطلبه المتضمن أن أهالى بلدته يتعاملون برهن الأراضى الزراعية والنخيل . وتتلخص هذه المعاملة فى أنه إذا أراد شخص مبلغا من المال لأى عذر من الأعذار وكان يملك أرضا زراعية أو نخيلا ، فإنه يأخذ المبلغ المحتاج إليه من شخص يملك مالا ويحرر لهذا الدائن عقد رهنية للأرض أو النخيل - وبمقتضى هذا العقد يتسلم الأرض أو النخيل ، ويقوم إما بزراعتها أو تأجيرها ويستولى على زراعتها أو إيجارها أو ريعها ، ولا يدفع إيجارا لصاحب الأرض أو صاحب النخيل ، وتمكث الأرض أو النخيل فى يده يستغلها كيف يشاء ، إلى أن يسدد الدائن دينه بالكامل مهما طال الزمن . وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا التعامل ، وهل هو جائز شرعا أو حرام ، حتى يعرف أهل البلدة أنه حلال فيتعاملون به ، أو حرام فيمتنعون عن التعامل به .
 
الـجـــواب
فضيلة الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي

      المقرر فقها أن عقد الرهن هو عقد استيثاق لا استثمار واسترباح وعلى هذه المشروعية العامة اتفق الفقهاء . ويكون عقد الرهن بناء على هذا هو عقد ضمان للدين ، بمعنى الصك والكفيل ، كما اتفق الفقهاء أيضا على أنه ليس للدائن بمقتضى هذا العقد أن ينتفع بشىء من العين المرهونة . وقد اختلفوا فى الانتفاع بالعين المرهونة فى حالة ما إذا أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها . فغير الحنفية يقولون إنه لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وإن أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها ، لأنه انتفاع جره قرض وهو منهى عنه بالحديث - وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم ( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) - أما الحنفية فقالوا فى معتبرات كتبهم بجواز الانتفاع بالعين المرهونة إذا أذن المالك للدائن بالانتفاع لأنه ملكه وللمالك أن يأذن لمن يشاء فى الانتفاع بملكه . ويقولون إن الانتفاع بالرهن انتفاع جره الإذن ولم يجره القرض فلا يكون حراما . والذى نراه أنه إذا تم عقد الرهن بين الطرفين ولم يتفق فى العقد على الانتفاع بالعين المرهونة ، ولم يكن ذلك الانتفاع متعارفا كالمشروط وإن لم يتفق عليه ، ثم بعد فترة من الزمان أذن المالك للدائن فى الانتفاع بالعين المرهونة لفترة محددة من الزمان متبرعا بذلك من تلقاء نفسه وبغير طلب من المرتهن ، فإنه فى هذه الحالة فقط يحل للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة طوال الفترة التى حددها له الراهن . وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها ، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك ، ولا حرج فى ذلك شرعا إذا كان إذن المدين للدائن بالانتفاع بالعين المرهونة ليس إذنا صوريا اضطرته إليه ظروف الدين . أما الرهن على الوجه المشروح فى الحادثة موضوع السؤال فهو حرام شرعا ويجب الامتناع عن التعامل به ، لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا . ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما جاء بالسؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم .