حكم التصدق بثمن الأضحية.
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
الشيخ حسنين محمد مخلوف
| المصدر :
www.dar-alifta.org
من وزارة التجارة والصناعة قالت : إن الاتحاد العام قد شكا للوزارة أنه بسبب قفل الأسواق فى الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذر جلب الحيوانات المعدة للذبح بالعدد الكافى للوفاء بحاجة المستهلكين وطالب بحظر الذبح ثلاثة أيام فى الأسبوع لإزالة عوامل ارتفاع الأسعار وقد يكون من المفيد صرف الناس عن الاسراف فى ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عنها بما يساوى ثمنها فى الصدقات الأخرى . فهل يجوز شرعا استبدال الأضحة بالصدقة بما يوازى ثمنها من الصدقات تيسيرا على الطبقات الفقيرة وصرفا للناس عن الإسراف .
الـجـــواب
فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف
اطلعنا على كتاب سعادتكم المؤرخ بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عن ذبح الأضاحى بالتصدق، بما يساوى ثمنها صرفا للناس عن الإسراف فى ذبحها حتى يتسنى الموازنة بين العرض والطلب وفى ذلك عمل على خفض أسعار اللحوم تيسيرا على الفقراء . ونفيد أن ذبح الأضحيات من القربات المشروعة فى أيام النحر ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك . وعند الحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم . ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم فهى من باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم فى هذا العيد . إلا أنه ينبغى الآن تحقيقا بموازنة العرض والطلب وعملا على خفض الأسعار أن لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح التى جرت عادتهم بالإسراف فى ذبحها وأن يقتصروا على القدر المطلوب شرعا ويطعموه أو يطعموا أكثره الفقراء والمساكين برا بهم وأحسانا . أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزىء عن الأضحية لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذى حرموا منه أكثر أيام العام . والمشهور الراجح فى مذهب مالك وهو المروى عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن . وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل كما فى شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب . وأما التصدق بما يوازى الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة . والذى أراه الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك . ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحى سيؤدى حتما على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية والإخلال بالتعبد بها وبالتأسى برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى فعلها والإخلال بحكمة تشريعها كما سيؤدى فى المستقبل وفى الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحى كسادا فاحشا يضر المنتجين وكثيرا من التجار . على أنه إذا أبيح التصدق بأثمانها وتزاحم الفقراء على أبواب القصابين لشراء اللحوم بما أخذوه من الأثمان لم يتحقق الغرض الذى تهدف إليه الوزارة لأن شراء الأضاحى وشراء الفقراء اللحوم سواء فى النتيجة والأثر . وإن لم يشتروا بها اللحوم حرموا المتعة بها فى هذا الموسم . وقد قصد الشارع الحكيم برهم فيه بما يتمتع به الأغنياء لأغراض سامية تتعلق بنظام الجماعة وعلاقة الفقراء بالأغنياء . ومن هذا على إجماله يظهر رجحان قول الجمهور وأن الاحق بلأعتبار إبقاء الأمه على إحياء هذه الشعيرة الدينية الاجتماعية مع حث الأغنياء على عدم الإسراف فى الذبائح فوق الحاجة للضرورة . واللّه سبحانه وتعالى أعلم .