بعدما أتم دراسته، وحمل شهادة التخرج، سأله الامام الصادق (ع) ليتأكد من صحة ما تعلمه- أحد تلامذته- عنده: "أي شيء تعلمت مني؟! قال التلميذ: - يامولاي ثمان مسائل. قال له عليه السلام: - "قصها علي لأعرفها. وبدأ التلميذ المتخرج في "علوم الحياة" يشرح المواد التي تعلمها، وقد اجملها في مسائل ثمان، وقال: الأولى: رأيت كل محبوب يفارق عند الموت حبيبه، فصرفت همتي الى مالا يفارقني، بل يؤنسني في وحدتي، وهو "فعل الخير". قال: احسنت والله! الثانية قال: رأيت قوما يفخرون بالحسب وآخرين يفخرون بالمال والولد، وإذا ذلك لافخر، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فاجتهدت أن أكون عنده كريما. قال: أحسنت والله! الثالثة قال: رأيت لهو الناس وطربهم، وسمعت قوله تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فان الجنة هي المأوى) فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي، حتى استقرت على طاعة الله تعالى. قال: أحسنت والله! الرابعة قال: رأيت كل من وجد شيئا يكرم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله سبحانه: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له، وله أجر كريم) فأحببت المضاعفة، ولم أر أحفظ يكون عنده، فكلما وجدت شيئا يكرم عندي وجهت به اليه، ليكون لي ذخرا الى وقت حاجتي اليه. قال: أحسنت ولله. الخامسة قال: رأيت حسد الناس بعضهم للبعض في الرزق وسمعت قوله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، ورحمة ربك خير مما يجمعون) فما حسدت أحدا، ولا أسفت على ما فاتني. قال: أحسنت والله! السادسة قال: رأيت عداوة بعضهم لبعض في دار الدنيا، والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) فاشتغلت بعدواة الشيطان عن عدواة غيره. قال: أحسنت والله! السابعة قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ما أريد منهم من رزق، وما أريد ان يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فعلمت ان وعده وقوله صدق، فسكنت الى وعده، ورضيت بقوله، واشتغلت بما له علي عما لي عنده. قال: أحسنت والله! الثامنة قال: رأيت قوما يتكلون على صحة ابدانهم، وقوما على كثرة أموالهم، وقوما على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه) فاتكلت على الله، وزال اتكالي على غيره. فقال له الامام الصادق (ع): "والله! ان التوراة والانجيل، والزبور، والفرقان، وسائر الكتب ترجع الى هذه الثمان المسائل